عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05 May 2020, 07:27 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي فتاوى الصّائمين لابن عثيمين أخصّ بها المبتدئين.







فتاوى الصّائمين لابن عثيمين أخصّ بها المبتدئين.


وإن كان الموضوع قد تأخّر نشره، لظروف، فقد انتقيتُ، أثناء البحث عن فتاوى في الصيام، مسائل جيّدة ومهمّة، في رأيي، ليحصل المسلم على نوع من فقه الصيام، أسأل الله أن ينفعني بها ومَن قرأها، وأن يجعلنا ممّن يصومون لله، ويتعبّدون الله بما شرع، في اتّباعٍ لسُنّة النّبي محمد صلى الله عليه وسلم، في جميع الأحوال.

والفتاوى التي نقلتها من فتاوى الصيام لفضيلة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله. وأقصد في نشر الموضوع، القرّاء المبتدئين، خاصّةً، ومَن يريدون الفقه في الدّين.

نبتدىء على بركة الله بـ:

المقصود بالصيام لغةً وشرعاً

السؤال (127): فضيلة الشيخ ، ما المقصود بالصّيام لغةً وشرعاً؟

الجواب : الصّيام في اللّغة: معناه الإمساك ، ومنه قوله تعالى: (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً) (مريم: 26) أي نذرت إمساكاً للكلام فلن أكلم اليوم إنسياً .

ومنه قول الشاعر :

خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

أمّا في الشّرع: فهو التّعبّد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .

السؤال (128): فضيلة الشيخ ، ما هي أقسام الصيام ؟

الجواب : ينقسم الصيام إلى قسمين:

قسم مفروض: والمفروض قد يكون بـسبب، كصيام الكفّارات ، والنذور ، وقد يكون بـغير سبب كصيام رمضان، فإنّه واجب بأصل الشرع، أي: بغير سبب من المكلّف.

وأمّا غير المفروض: فقد يكون معيّناً، وقد يكون مطلقاً .

فمثال المعيّن: صوم يوم الاثنين والخميس .

ومثال المطلق: صيام أي يوم من أيّام السَنة، إلاّ أنّه قد ورد النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصوم، فلا يصام يوم الجمعة إلاّ أن يصام يوم قبله أو يوم بعده. كما ورد في النهي عن صيام يومي العيدين الفطر والنّحر، وكذلك عن صيام أيام التشريق ، إلاّ لمن لم يجد الهدي للقارن والمتمتع ، فإنّه يصوم أيام التشريق عن الأيام الثلاثة التي في الحج.

السؤال (129): فضيلة الشيخ ، ما حكم صيام شهر رمضان؟

الجواب: صيام شهر رمضان فرض بنص الكتاب والسُنَّة ، وإجماع المسلمين ، قال الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183) إلى قوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة:183-185) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحجّ بيت الله الحرام"(149). وقال عليه الصلاة والسلام : "إذا رأيتموه فصوموا"(150).

وأجمع المسلمون على أنّ صيام رمضان فرض ، وأنّه أحد أركان الإسلام، فمَن أنكر فرضيّته كفر، إلا ّأن يكون ناشئاً في بلاد بعيدة لا تعرف فيها أحكام الإسلام ، فيعذر بذلك ، ثم إن أصر بعد إقامة الحجة عليه كفر.
ومَن تركه تهاوناً مع الإقرار بفرضيّته فهو على خطر ، فإنّ بعض أهل العلم يرى أنّه كافر مرتد ، ولكن الراجح أنّه ليس بكفار مرتد ، بل هو فاسق من الفساق لكنّه على خطر عظيم.

السؤال (130): فضيلة الشيخ ، ما هي مكانة الصيام في الدين ، وفضله في العبادة وخاصة في شهر رمضان ؟

الجواب : مكانة الصيام في الإسلام أنّه أحد أركانه العظيمة التي لا يقوم إلاّ بها ، ولا يتمّ إلاّ بها ، وأمّا فضله في الإسلام فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"(151).

السؤال (131): فضيلة الشيخ ، ما حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟

الجواب : الفطر في نهار رمضان دون عذر من أكبر الكبائر ، ويكون به الإنسان فاسقاً ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ، يعني لو أنّه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر، فعليه أن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، لأنّه لمّا شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض ، فيلزمه قضاؤه كاملاً ، أمّا لو ترك الصوم من الأصل متعمّداً بلا عذر، الراجح أنّه لا يلزمه القضاء، لأنّه لن يستفيد منه شيئاً ، لأنّه لن يقبل منه ، فإنّ القاعدة: أنّ كل عبادة مؤقتة بوقت معين، فإنها إذا أخرت عن ذلك اليوم المعين بلا عذر لن تقبل من صاحبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"(152) ، ولأنّه من تعدّي حدود الله عز وجل ، وتعدّي حدود الله تعالى ظلم ، والظالم لا يقبل منه ، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: 229) ، ولأنّه لو قدّم هذه العبادة على وقتها أي: فعلها قبل دخول الوقت لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لن تقبل منه إلاّ أن يكون معذوراً .

السؤال (132): فضيلة الشيخ، بماذا يثبت شهر رمضان؟

الجواب : يثبت دخول شهر رمضان إمّا بـرؤية هلاله ، وإما بـإكمال شعبان ثلاثين يوماً ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين "(153) .

السؤال (133): فضيلة الشيخ ، ما حكم من رأى الهلال وحده ولم يصم معه الناس؟

الجواب: مَن رأى الهلال وحده يجب عليه أن يبلغ به المحكمة الشرعية ويشهد به ، ويثبت دخول شهر رمضان بشهادة الواحد إذا ارتضاه القاضي وحكم بشهادته، فإن ردّت شهادته فقد قال بعض العلماء: إنّه يلزمه أن يصوم ، لأنّه تيقّن أنّه رأى الهلال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته"(154) وهذا قد رآه.

وقال بعض أهل العلم: لا يلزم أن يصوم ، لأنّ الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس ، وموافقته للجماعة خير من انفراده وشذوذه ، وفصل آخرون فقالوا : يلزمه الصوم سِرًّا ، فيلزمه الصوم ، لأنّه رأى الهلال ، ويكون سراً لئلاّ يظهر مخالفة الجماعة.

السؤال (134): فضيلة الشيخ ، ما هي أركان الصيام؟

الجواب : الصيام له ركن واحد ، فهو التّعبّد لله عز وجل بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، والمراد بـالفجر هنا الفجر الثاني دون الفجر الأول ، فيتميّز الفجر الثاني عن الفجر الأول بثلاث ميزات:

-الأولى: أنّ الفجر الثاني يكون معترضاً في الأفق ، والفجر الأول يكون مستطيلاً ، أي ممتداً من المشرق إلى المغرب ، أمّا الفجر الثاني فهو من الشمال إلى الجنوب.

-الميزة الثانية: أنّ الفجر الثاني لا ظلمة بعده ، بل يستمر النور في ازدياد حتى تطلع الشمس ، وأمّا الفجر الأول فيظلم بعد أن يكون له شعاع.

-الميزة الثالثة: أنّ الفجر الثاني متّصل غيابه بالأفق ، وأمّا الفجر الأول، فبينه وبين الأفق ظلمة، والفجر الأول ليس له حكم في الشّرع، فلا تحلّ به صلاة الفجر ولا يحلّ به الطعام على الصائم بخلاف الفجر الثاني.

السؤال (135): فضيلة الشيخ ، على من يجب الصيام؟

الجواب : الصيام يجب أداءً على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم خال من الموانع ، فهذه ستّة أوصاف ، مسلم بالغ عاقل قادر مقيم خال من الموانع ، فأمّا الكافر فلا يجب عليه الصوم ولا غيره من العبادات، ومعنى قولنا : لا يجب عليه الصوم أنّه لا يلزم به حال كفره، ولا يلزمه قضاؤه بعد إسلامه ، لأنّ الكافر لا تقبل منه العبادة حال كفره ، لقوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ)(التوبة: 54) .

ولا يلزمه قضاء العبادة إذا أسلم، لقوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)(الأنفال: 38) ، لكنّه يعاقب على ما تركه من واجبات حال كفره، لقوله تعالى عن أصحاب اليمين وهم يتساءلون عن المجرمين: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) (42) (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) (43) (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) (44) (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) (45) (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) (46) (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) (المدثر:42-47) .

فذكره ترك الصلاة وإطعام المسكين من أسباب دخولهم النار، يدل على أن لذلك تأثيراً في دخولهم النار ، بل إن الكافر يعاقب على كل ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس ، لقول الله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة:39) ، فنفي الجناح عن المؤمنين فيما طعموا يدل على ثبوت الجناح على غير المؤمنين فيما طعموا ، ولقوله تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (الأعراف:32) .

فقوله : (لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يدل على أن الحكم في غير المؤمنين يختلف عن الحكم في المؤمنين ، ولكن إذا أسلم الكافر في أثناء رمضان لم يلزمه القضاء فيما سبق إسلامه، فإذا أسلم ليلة الخامس عشر مثلاً ، فالأيام الأربعة عشر لا يلزمه قضاؤها ، وإذا أسلم في أثناء اليوم لزمه الإمساك دون القضاء ، فإذا أسلم عند زوال الشمس مثلاً قلنا له : أمسك بقية يومك ولا يلزمك القضاء، فنأمره بالإمساك ، لأنه صار من أهل الوجوب ، ولا نأمره بالقضاء ، لأنّه قام بما وجب عليه وهو الإمساك من حين أسلم ، ومَن قام بما يجب عليه لم يكلّف بإعادة العبادة مرّة ثانية .

-أمّا العقل فهو الوصف الثاني للوجوب ، العقل هو ما يحصل به الميز أي : التمييز بين الأشياء ، فإذا لم يكن الإنسان عاقلاً فإنّه لا صوم عليه ، كما أنّه لا يجب عليه شيء من العبادات سوى الزكاة ، ومن هذا النوع - أي ممّن ليس له عقل - أن يبلغ الإنسان سناً يسقط معه التمييز ، وهو ما يعرف عند العامة بالهذرات ، فلا يلزم المهذري صوم ، ولا يلزم عنه إطعام ، لأنّه ليس من أهل الوجوب.

-أمّا الوصف الثالث فهو البلوغ، ويحصل البلوغ بواحد من أمور ثلاثة : إمّا أن يتم للإنسان خمس عشرة سنة، أو أن ينبت العانة ، وهي الشعر الخشن الذي يكون عند القبل، أو ينزل المني بلذة سواء كان ذلك باحتلام أو بيقظة ، وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو الحيض، فإذا حاضت المرأة بلغت ، وعلى هذا فمَن تمّ له خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى فقد بلغ، ومن نبتت عانته ولو قبل خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى فقد بلغ ، ومن أنزل منياً بلذة من ذكر أو أنثى ولو قبل خمس عشرة سنة فقد بلغ، ومَن حاضت ولو قبل خمس عشرة سنة فقد بلغت ، وربّما تحيض المرأة وهي بنت عشر سنين ، وهنا يجب التنبه لهذه المسألة التي يغفل عنها كثير من الناس ، فإنّ بعض النساء تحيض مبكراً ولا تدري أنّه يلزمها الصوم وغيره ومن العبادات التي تتوقف أو التي يتوقف وجوبها على البلوغ، لأنّ كثيراً من الناس يظنون أن البلوغ إنّما يكون بتمام خمس عشرة سنة ، وهذا ظن لا أصل له ، فإذا لم يكن الإنسان بالغاً فإنّ الصوم لا يجب عليه.

ولكن ذكر أهل العلم أنّ الولي مأمور بأن يأمر موليه الصغير من ذكر أو أنثى بالصوم ليعتاده حتى يتمرّن عليه ويسهل عليه إذا بلغ، وهذا ما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه ، فإنّهم كانوا يصومون أولادهم الصغار حتى إنّ الواحد منهم ليبكي فيعطى لعبة من العهن يتلهى بها حتى تغرب الشمس(155) .

-وأمّا الوصف الرابع فهو أن يكون الإنسان قادراً على الصوم ، أي يستطيع أن يصوم بلا مشقة ، فإن كان غير قادر فلا صوم عليه.

ولكن غير القادر ينقسم إلى قسمين:

-القسم الأول: أن يكون عجزه عن الصوم مستمراً دائماً كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه ، فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً ، فإذا كان الشهر ثلاثين يوماً أطعم ثلاثين مسكيناً ، وإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أطعم تسعة وعشرين مسكيناً ، وللإطعام كيفيتان:

الكيفية الأولى : أن يخرج حباً من أرز أو بر ، وقدره ربع صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، أي خمس صاع بالصاع المعروف هنا، ويساوي كيلوين وأربعين جراماً من بر جيد رزين ، يعني أنك إذا وزنت من البر الرزين الدجن ما يبلغ كيلوين وأربعين جراماً فإن هذا صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، والصاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد ،فيكفي لأربعة مساكين ، ويحسن في هذه الحال أن تجعل معه إذا دفعته للفقير شيئاً يؤدمه من لحم أو غيره حسب ما تقتضي به الحال والعرف.

وأما الكيفية الثانية للإطعام : فأن يصنع طعاماً يكفي لثلاثين فقيراً أو تسعة وعشرين فقيراً حسب الشهر ويدعوهم إليه كما ذكر ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه حين كبر ، ولا يجوز أن يطعم شخصاً واحداً مقدار ما يكفي الثلاثين أو التسعة وعشرين ، يعني لابد أن يكون عن كل يوم مسكين.

-أمّا القسم الثاني من الوصف الرابع فهو العجز الذي يرجى زواله ، فهو العجز الطارئ كمرض حدث على الإنسان في أيام الصوم ، وكان يشق عليه أن يصوم ، فنقول له : أفطر وأقض يوماً مكانه، لقول الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (البقرة: 185) .

-أما الوصف الخامس : أن يكون مقيماً ، وضده المسافر، فالمسافر وهو الذي فارق وطنه لا يلزمه الصوم ، لقول الله تعالى : (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ولكن الأفضل أن يصوم إلا أن يشق عليه ، فالأفضل الفطر، لقول أبي الدرداء رضي الله عنه : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان في يوم شديد الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعبد الله بن رواحه(156) . أما إذا شق عليه الصوم فإنه يفطر ولابد ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه أنّ الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر ، ثم قيل له : إن بعض الناس قد صام فقال " أولئك العصاة ، أولئك العصاة"(157).

-أمّا الوصف السادس: أن يكون خالياً من الموانع أي من موانع الوجوب، وهذا يختص بالمرأة ، فيشترط في وجوب الصوم عليها أداء ألا تكون حائضاً ولا نفساء ، فإن كانت حائضاً أو نفساء فإنه لا يجب الصوم ، وإنما تقتضي بدل الأيام التي أفطرت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم مقرراً ذلك " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم(158) فإذا حاضت المرأة فلا صوم عليها ، بل تقضي في أيام أخر ، وهنا مسألتنا ينبغي التفطن لهما:

المسألة الأولى : أن بعض النساء تطهر في آخر الليل وتعلم أنها طهرت ، ولكنها لا تصوم ذلك اليوم ظناً منها أنها إذا لم تغتسل فإنه لا يصح صومها ، وليس الأمر كذلك ، بل صومها يصح وإن لم تغتسل إلاّ بعد طلوع الفجر.

وأما المسألة الثانية: فهي أنّ بعض النساء تكون صائمة فإذا غربت الشمس وأفطرت جاءها الحيض قبل أن تصلي المغرب، فبعض النساء يقول: إنّه إذا أتاها الحيض بعد الفطر وقبل صلاة المغرب، فإنّ صومها ذاك النهار يفسد، وكذلك بعض النساء يبالغ أيضاً ويقول : إذا جاءها الحيض قبل صلاة العشاء فإن صومها ذلك اليوم يفسد، وكل هذا ليس بصحيح . المرأة إذا غابت الشمس وهي لم تر الحيض خارجاً فـصومها صحيح ، حتى لو خرج بعد غروب الشمس بلحظة واحدة، فصومها صحيح.

هذه ستّ أوصاف إذا اجتمعت في الإنسان وجب عليه صوم رمضان أداء، ولا يحل له أن يفطر ، فإن تخلف واحد منها فعلى ما سمعت.

السؤال (136): فضيلة الشيخ، ما حكم صيام تارك الصلاة ؟

الجواب : تارك الصلاة صومه ليس بصحيح ولا يقبل منه، لأنّ تارك الصلاة كافر مرتد، لقوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (التوبة:11) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر"(159)، ولقوله صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"(160) ، ولأنّ هذا قول عامة الصحابة إن لم يكن إجماعاً منهم.

قال عبد الله بن شقيق رحمه الله - وهو من التابعين المشهورين كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة . وعلى هذا فإذا صام الإنسان وهو لا يصلي فصومه مردود غير مقبول ولا نافع له عند الله يوم القيامة ، ونحن نقول له : صَلِّ ثم صُم ، أمّا أن تصوم ولا تصلّي فصومك مردود عليك ، لأنّ الكافر لا تقبل منه العبادة.

..يتبع...إن شاء الله...

الصور المرفقة
 
رد مع اقتباس