عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 07 Feb 2020, 02:58 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





قال الله تعالى : إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا الآية 7 من سورة الكهف

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآ]ية:

{ (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7))
يخبر تعالى: أنّه جعل جميع ما على وجه الأرض، من مآكل لذيذة، ومشارب، ومساكن طيبة، وأشجار، وأنهار، وزروع، وثمار، ومناظر بهيجة، ورياض أنيقة، وأصوات شجية، وصور مليحة، وذهب وفضة، وخيل وإبل ونحوها، الجميع جعله الله زينة لهذه الدار، فتنة واختبارا. ( لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) أي: أخلصه وأصوبه، ومع ذلك سيجعل الله جميع هذه المذكورات، فانية مضمحلة، وزائلة منقضية.} انتهـ.

ويقول الإمام البغوي رحمه الله:

{ (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا) فإن قيل : أيّ زينة في الحيات والعقارب والشياطين؟

قيل : فيها زينة على معنى أنّها تدلّ على وحدانيّة الله تعالى .

وقال مجاهد : أراد به الرّجال خاصّة وهم زينة الأرض . وقيل : أراد بهم العلماء والصلحاء وقيل : الزينة بـالنبات والأشجار والأنهار كما قال : "حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ" ( يونس - 24 ) .
(لِنَبْلُوَهُمْ) لنختبرهم (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) أي : أصلح عملا . وقيل : أَيُّهُم أترك للدّنيا .



تفسير فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

(( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا )) أيضاً إذا رأيت في القرآن تجد أنّ الله تعالى يقدّم الشّرع على الخلق ، (( الرّحمن * علّم القرآن * خلق الإنسان ))

وتأمّل الآيات في هذا المعنى تجد أنّ الله يبدأ بـالشّرع قبل ذكر الخلق لأنّ المخلوقات إنّما سُخِّـرت للقيام بطاعة الله عزّ وجل ، قال الله تبارك وتعالى : ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56]،
وقال: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا"، إذاً المهم هو القيام بطاعة الله ، تأمّل هذه النكتة حتى يتبيّن لك أنّ خلق الدنيا وإيجاد الدنيا إنّما هو للقيام بطاعة الله عز وجل ،

طيب، يقول: "إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا"، {جَعَلْنَا}، بمعنى: صَيَّرنا، وجعل تأتي بمعنى: خلق وبمعنى صيَّر، فإن تعدَّت مفعولا واحدا فإنّها بمعنى "خلق"، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)، (جعل) يعني خلق، وإن تعدَّت لمفعولين فهي بمعنى صَيَّر، مثل قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً)، أي صيَّرناه بلغة العرب، وإنّما نبَّهتُ على ذلك، لأنّ الجهمية يقولون: إنَّ الجعلَ بمعنى الخلق في جميع المواضع، ويقولون: معنى: {جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّا} : أي خلقناه، ولكن هؤلاء قوم عجم ما فهموا اللغة العربية، (جَعَل) إن تعدّت لمفعولٍ واحد، فهي بمعنى (خلق)، ولمفعولين (صيّر).

طيب قال: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا) هنا (جَعَل) بمعنى (خَلَق) أو بمعنى(صَيَّر)؟ فالمفعول الأول "مَا" والمفعول الثاني "زِينَةً لهاما على الأرض جعله الله زينةً للأرض وذلك لاختبار النّاس. هل يتعلقون بهذه الزينة أم يتعلّقون بالخالق؟
الناس ينقسمون إلى قسمين: منهم مَن يتعلّق بالزّينة ومنهم مَن يتعلّق بالخالق، واسمع إلى قوله تعالى مبيناً هذا الأمر:
((..فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا...)) إلى أين؟ إلى المكان العالي ، ((وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ..)) وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ، واطمأنّ إليها، ((وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)).
إذاً جعل الله الزّينة لاختبار العباد، وسَواءٌ، أكانت هذه الزّينة فيما خلقه الله عز وجل وأوجده، أو ممّا صنعه الآدمي، فـالقصور الفخمة المزخرفة زينة ولا شك، ولكنّها من صنع الآدمي، والأرض بجبالها وأنهارها ونباتها وإذا أنزل الله الماء عليها اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، هذه زينة من عند الله تعالى.

{زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }: أي نختبرهم.

{ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } الضمير يعود للخلق، وتأمّل قوله تعالى: {ْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ولم يقل: "أكثر عملاً"؛ لأنّ العبرة بالأحسن لا بالأكثر ، وعلى هذا لو صلّى الإنسان أربع ركعات لكنْ على يقين ضعيف أو على إخلال باتّباع الشّرع، وصلّى آخر ركعتين بيقين قوي ومتابعةٍ قوية فأيّهما أحسن؟ الثاني، الثاني أحسن وأفضل، لأنّ العبرة بإحسان العمل وإتقانه إخلاصاً ومتابعة.

في بعض العبادات: الأفضل التّخفيف كركعتي الفجر مثلاً، لو قال إنسان: أنا أحب أن أطيل فيها، أطيل في قراءة القرآن وفي الركوع والسجود والقيام والقعود، وآخر قال: أنا أريد أن أخفف، أيّهما أفضل؟ الثاني أفضل،

ولهذا ينبغي علينا، إذا رأينا عامِّيَّاً يطيل في ركعتي الفجر أن نسأله: "هل هاتان الركعتان ركعتا الفجر أو تحية المسجد؟". فإن كانت تحية المسجد،فشأنه، وإن كانت ركعتي الفجر قلنا: لا، الأفضل أن تخفّف،

وفي الصيام رخَّص النبيّ صلى الله عليه وسلم لأمّته أن يواصلوا إلى السَّحَر، وندبهم إلى أن يفطروا من حين غروب الشمس، فصام رجلان أحدهما امتد صومه إلى السحور والثاني أفطر من حين غابت الشمس، فأيّهما أفضل؟ الثاني بلا شك، والأول وإن كان لا يُنهى عنه لكنّه جائز وليس مشروع، فانتبه لهذا { أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم يفعل من العبادات ما كان أحسن: يحث على اتّباع الجنائز، وتمر به الجنائز ولا يتبعها، يحث على أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ومع ذلك هو يصوم يوماً ويفطر يوماً ، بل كان أحيانا يطيل الصوم حتى يقال : لا يفطر، وبالعكس ، كل هذا يدفع ما كان أرضى لله عز وجل وأصلح لقلبه ، (( لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ))

لتحميل الصوتية والحفظ



الصور المرفقة
نوع الملف: png إنا جعلنا ما على الأرض زينة.png‏ (268.8 كيلوبايت, المشاهدات 2833)
نوع الملف: jpg ولقد يسرنا القرآن للذكر.jpg‏ (40.0 كيلوبايت, المشاهدات 2339)
نوع الملف: png مثل الحياة الدنيا.png‏ (328.0 كيلوبايت, المشاهدات 2720)
رد مع اقتباس