عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 21 Aug 2019, 12:55 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





من هنا تستمع إلى الشيخ د. خالد بن ضحوي حفظه الله يشرح: الفرق بين هداية الإرشاد وهداية التّوفيق

*****
هداية الدّلالة وهداية التّوفيق/ نستمع هنا إلى الشيخ محمد بن غالب العمري حفظه الله

https://www.baynoona.net/ar/audio/3161

ولعلّكم إخواني، أخواتي في الله، لاحظتم في استماعكم إلى المقاطع الصوتيّة، اشتراك كلّ من الشيخ محمد بن غالب العمري والشيخ خالد بن ضحوي الظّفيري حفظهما الله، في ذكر هداية الدّلالة والبيان، على أنّها هي هداية الإرشاد، بينما عند الاستماع للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، في أوائل المشاركات في الموضوع، أنّه يذكر لفظ "الإرشاد" في معنى هداية التّوفيق، حيث يجمع في التّعبير عن هداية الله لعبده بين التّوفيق والإرشاد.




http://alandals.net/Node.php?fid=346&id=15646

فما الفرق بين وصف الشيخين محمد بن غالب العمري وخالد الظفيري لهداية الدّلالة على أنّها هداية الإرشاد، وبين وصف الشيخ العثيمين لهداية التّوفيق على أنّها هداية الإرشاد؟.

في الحقيقة أنّه ليس هناك اختلاف في الوصف والمعنى اللّغوي.

فالإرشاد سواء قُصِدَ به: الدّلالة والبيان والتّوجيه، والذي يتمكّن منه العباد، رُسُلاً كانوا، أو دعاة إلى الله، أو قُصِدَ بِه توجيه الله لعباده وتسديدهم، وإلهامهم الرُّشد.

فالمعنى اللّغوي لايختلف في لفظ:"الإرشاد" بين الهدايتين، هداية الدّلالة والإرشاد، وهداية التّوفيق والإرشاد.

بينما من النّاحية الشّرعيّة والإيمانيّة، هناك فرق في معنى الإرشاد الذي يقوم به العباد، رُسُلاً كانوا أو أتباعهم الّذين يدعون النّاس إلى الله. وبين الإرشاد الذي يلهم به الله عباده بالتّسديد والتّوفيق إلى الطّريق المستقيم.

والقواميس اللّغويّة تقول:

في المعجم: الغني:

أَرْشَدَ :- يُلْقِي دُرُوسَ الإِرْشَادِ :-: الوَعْظِ ، التَّوْجِيهِ ، الهِدَايَةِ .

وفي المعجم: الرائد:

أرشده : هداه ، دلّه « أرشده إلى الأمر أو عليه أو له »

وفي المعجم:اللغة العربية المعاصر، فرّق بين إرشاد الدّلالة والبيان وإرشاد التّوفيق والالهام بقوله:

أرشد فلانًا إلى الشَّيء / أرشد فلانًا على الشَّيء / أرشد فلانًا لـلشَّيء : هداه ودلّه إليه :- أرشد سائحًا.

أرشده الله، - أرشده إلى الصواب، - أرشده على الحق، - أرشده للخير، - .


ويقول المعجم: لسان العرب، وأظنّه (والله أعلم) حسب المتخصّصين في اللغة، أنّه أغنى وأجود معجم في تفسير الكلمات وإيضاح معانيها.

يقول المعجم في أوّل شرح لمعنى: رشد
"في أَسماء الله تعالى الرشيدُ : هو الذي أَرْشَد الخلق إِلى مصالحهم أَي هداهم ودلّهم عليها، فَعِيل بمعنى مُفْعل، وقيل : هو الذي تنساق تدبيراته إِلى غاياتها على سبيل السداد من غير إِشارة مشير ولا تَسْديد مُسَدِّد"انتهـ الكلام المطلوب.

قلتُ: يوضّح معنى الرشيد، وهو ينسب الاسم إلى الله، أي أنّه من أسماء الله، وقد ذكره الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير أسماء الله الحسنى، وذكره العلامة حافظ الحكمي رحمه الله في شرح الأسماء الحسنى في كتاب معارج القبول.

والذي أثار انتباهي في تفسير المعجم: لسان العرب، قوله: "هو الذي تنساق تدبيراته إِلى غاياتها على سبيل السداد من غير إِشارة مشير ولا تَسْديد مُسَدِّد".انتهـ.

وهذا المعنى الذي يميّز بين هداية الإرشاد التي يقوم بها الرُّسُل والأنبياء في دلالتهم للنّاس على الطريق المستقيم، حيث أنّ توجيههم للنّاس إلى الطّريق الحقّ، يحتاج إلى تسديد مسدّد وهو الله سبحانه وتعالى. ولهذا قال الله تعالى:"ما على الرّسول إلاّ البلاغ المبين".
فـإرشاد الرسل للنّاس وتوجيههم، يكون بالبلاغ والبيان. أمّا الهداية بشرح صدورهم للإسلام والإيمان، فهو من تسديد الله سبحانه لعباده، وهو أعلم بالمهتدين.

وإرشاد النّاس من الرسل وأتباعهم، هو من قَبِيل البيان والدّلالة، وليس عليهم هداهم وإلهامهم الرشد. بينما إرشاد الله لعباده أن يهديهم للإيمان والتقوى والصّلاح.



قال الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) [الأنبياء/51]،

قال الإمام ابن كثير رحمه الله مفسّرا الآية:

وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)

يخبر تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام، أنّه آتاه رشده من قبل، أي: من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه، كما قال تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ) [ الأنعام : 83 ] ،......
والمقصود هاهنا : أن الله تعالى أخبر أنه قد آتى إبراهيم رشده، من قبل، أي : من قبل ذلك، وقوله : (وكنّا به عالمين) أي : وكان أهلا لذلك .] انتهـ المقصود من كلامه.

ويفسّر الآية الإمام الطبري رحمه الله بما يلي:

[يقول تعالى ذكره (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) موسى وهارون، ووفَقناه للحقّ، وأنقذناه من بين قومه وأهل بيته من عبادة الأوثان، كما فعلنا ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى إبراهيم، فأنقذناه من قومه وعشيرته من عبادة الأوثان، وهديناه إلى سبيل الرشاد توفيقا منّا له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال: هديناه صغيرا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال: هداه صغيرا.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) قال: هداه صغيرا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) يقول: آتينا هداه.
وقوله (وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ) يقول: وكنا عالمين به أنّه ذو يقين وإيمان بالله وتوحيد له، لا يشرك به شيئا]انتهـ كلامه.




والآية الثانية التي تدلّ على أنّ إلهام الرشد وفعل الإرشاد الذي يقوم به العباد من رُسل وصالحين هو لايخرج عن كونه، يتمّ كماله، بتسديد الله لعباده المُرْشِدِين ومَن وجّهوا إليهم الإرشاد. قال الله تعالى: (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف/66]

قال الشيخ السعدي رحمه الله مفسّرا الآية:

[ أي: هل أتّبعك على أن تعلّمني ممّا علّمك الله، ما به أسترشد وأهتدي، وأعرف به الحق في تلك القضايا؟
وكان الخضر، قد أعطاه الله من الإلهام والكرامة، ما به يحصل له الاطّلاع على بواطن كثير من الأشياء التي خفيت، حتى على موسى عليه السلام] انتهـ كلام كلام الشيخ رحمه الله.

ومن هذا الكلام نجد أنّ المُرْشِد، يحتاج إلى إرشاد الله له، وتوفيق في مهمّة الإرشاد.

وعلى هذا فهداية الدّلالة والإرشاد من الرُّسُل وأتباعهم، تحتاج إلى هداية التّوفيق والتّسديد من الله لإنجاح مهمّة هؤلاء الدّعاة إلى الله. حتّى يتمكّنوا من إقناع النّاس بالرّسالة التي يبلّعونهم إيّاها.



وأجمل ما أختم به هذا الجزء من بحثي المتواضع، (أسأل الله فيه السّداد)، ما جاء به الشيخ السعدي من تفسير للآية:

قال الله تعالى وهو يحكي عن نبيّه شعيب عليه السّلام:

(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ(88))

يقول الشيخ السعدي مفسّرا لهذه الآية الهظيمة، الدّالة على تربية رفيعة، وأخلاق سامية، ألهم بها الله سبحانه، رسله، في منهج دعوتهم لأقوامهم:

{قَالَ ْ} لهم شعيب: {يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ْ} أي: يقين وطمأنينة، في صحة ما جئت به، {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ْ} أي: أعطاني الله من أصناف المال ما أعطاني.
{وَ ْ} أنا لا {أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ْ} فلست أريد أن أنهاكم عن البخس، في المكيال، والميزان، وأفعله أنا، وحتى تتطرق إليَّ التهمة في ذلك. بل ما أنهاكم عن أمر إلا وأنا أول مبتدر لتركه.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ْ} أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي.
ولمّا كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ْ} أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشرّ إلاّ بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوّتي.
{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ْ} أي: اعتمدت في أموري، ووثقت في كفايته، {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ْ} في أداء ما أمرني به من أنواع العبادات، وفي [هذا] التّقرّب إليه بسائر أفعال الخيرات.
وبهذين الأمرين تستقيم أحوال العبد، وهما الاستعانة بربّه، والإنابة إليه، كما قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ْ} وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ْ} ]انتهـ.كلامه رحمه الله.

اللّهمّ اهدنا وسدّدنا.


الصور المرفقة
نوع الملف: jpg هل اتبعك على ان تعلمني.jpg‏ (5.9 كيلوبايت, المشاهدات 3513)
نوع الملف: jpg ولقد آتينا ابراهيم رشده.jpg‏ (8.1 كيلوبايت, المشاهدات 3515)
نوع الملف: jpg إن أريد إلاّ الاصلاح.jpg‏ (31.9 كيلوبايت, المشاهدات 3824)
نوع الملف: jpg وما توفيقي إلاّ بالله.jpg‏ (31.9 كيلوبايت, المشاهدات 4732)
رد مع اقتباس