عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29 May 2015, 04:26 PM
مراد قرازة مراد قرازة غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2014
الدولة: الجزائر ولاية أم البواقي
المشاركات: 438
افتراضي صرخة نصر بن يسار

بسم الله الرحمن الرحيم


صرخة نصر بن يسار

كان نصر بن سيار آخر ولاة الأمويين على خراسان في أواخر القرن الاول وأوائل العقد الأول من القرن الثاني للهجرة ، وكان والياً محنكاً حازماً فاستشعر بوادر الانفجار ونذر الخطر –وكانت ثورة العباسيين على يد ابي مسلم قد ظهرت بوادرها – فكتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة والي العراق يعلمه في أبيات من نظمه ما شاع بخراسان من الاضطراب في تلك الأيام، ويحذره من خطورة الوضع، ويصارحه أنه إذا استمر في التدهور ولم يعالج معالجة حازمة، فأنه سيؤدي لا محالة إلى عاقبة وخيمة وكارثة عظيمة .
قال :

ابلغ يزيد وخير القول أصدقه ---- وقد تبينت ألا خير في الكذب
إن خراسان أرض قد رأيت بها ---- بيضا لو أفرخ قد حُدّثت بالعجب
فراخ عامين إلا أنها كبرت ---- لمّا يطرن وقد سربلن بالزغب
فإن يطرن ولم يُحتل لهن بها ---- يلهبن نيران حرب أيّما لهب

فلم يمده بأحد لأنه كان مشغولا بمجالدة الخوارج في العراق فاستغاث بآخر خلفاء بني أمية في الشام مروان بن محمد. وأعلمه حال أبي مسلم، وخروجه، وكثرة من معه، ومن تبعه. وأخبره بغوائل الفتنة القائمة ودواهي الكارثة القادمة، إن لم ينجده بمدد من عنده فكتب ينذره ويحذره شعراً
***
أرى خلل الرماد وميض جمر ---- ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تُذكى ---- وإن الحرب أولها كلام
فإن لم يطفئها عقلاء قوم تكن حرباً ---- مشمرة يشيب لها الغلام
فإن يقظت فذاك بقاءُ مُلكٍ ---- وإن رقدت فاني لا أُلام
فإن يك أصبحوا وثووا نياماً ---- فقل قوموا فقد حان القيام
ففرّي عن رحالك ثم قولي ---- على الإسلام والعرب السلام

ولكن مروان لم ينجده، لأنه كان مشغولاً في الشام بالاقتتال بين القيسية واليمانية. وعندما قطع الأمل وفقد الرجاء أخذ يبث همومه وشجونه إلى العرب في المدينة، محاولاً أن يستثمر نخوتهم الدينية وعزتهم القومية وناشدهم أن يكفوا عن الاقتتال فيما بينهم وأن يجتمعوا على كلمة سواء، توحد سواعدهم وقلوبهم للوقوف بوجه أبي مسلم وخطره الذي أصبح يهدد وجودهم ومصيرهم فكتب يقول شعراً

***
أبلغ ربيعة في مرو وإخوتها ---- أن يغضبوا قبل أن لا ينفع الغضبُ
ما بالكم تلقمون الحرب بينكم ---- كأن أهل الحجا عن فعلكم غُيُبُ
وتتركون عدواً قد أظلكم ---- فيمن تأشبَ لا دين ولا حسبُ
ليسوا إلى عرب منا فنعرفهم ---- ولا صميم الموالي إن هُمُ نُسبوا
قوم يدينون ديناً ما سمعت به ---- عن الرسول ولا جاءت به الكتبُ
فَمَنْ يكن سائلي عن أصل دينهم ---- فإن دينهم أن تُقتلَ العربُ

فما أشبه اليوم القريب بالأمس البعيد. فكأن التاريخ يعيد نفسه كما قيل ، والشيء بالشيء يذكر ، فلقت قرأت الابيات الاخيرة أول ما قرأتها ، وانا أظنها من كتابة بعض المعاصرين من عرب إيران ، لأنها أبلغ فى وصف حالنا وأصدق في تفسيرعاقبتنا ومآلنا ، لذلك كتبت على منوالها تتمة لها وشرحا لما اردته من نشرها ، فحق لمثلها ان تتلى وتحفظ وتشرح وتتم وتقرأ على المنابر وينادى بها في الاسواق والله المستعان
*****
أبلغ ربيعة في مرو وإخوتها ---- أن يغضبوا قبل أن لا ينفع الغضبُ
ما بالكم تلقمون الحرب بينكم ---- كأن أهل الحجا عن فعلكم غُيُبُ
وتتركون عدواً قد أظلكم ---- فيمن تأشبَ لا دين ولا حسبُ
ليسوا إلى عرب منا فنعرفهم ---- ولا صميم الموالي إن هُمُ نُسبوا
قوم يدينون ديناً ما سمعت به ---- عن الرسول ولا جاءت به الكتبُ
فَمَنْ يكن سائلي عن أصل دينهم ---- فإن دينهم أن تُقتلَ العربُ
دين المجوس غدى بالشرك ملتبسا ---- ولليهود له ما حقّقوا نسب
دين متى عرف الشيطان نشأته ---- صار الرّجيم له بالذّل يقترب
دين إذا سألوا عن حال تابعه ---- قيل الذي أنفت عن قربه الجّرب
دين به اشتهرت في النّاس سادته ---- أنّ الرّجال لها في زوجه أرب
دين فلو لحظوا بالعقل زمرته ---- نظروا الكلاب وقد أجراهم الكلب
دين التقيّة إن تعجب لزورهم ---- فقد احلّ لهم في شرعه الكذب
دين يغشّ إذا بالوحي ناقله ---- والله يغلط والاملاك والكتب
دين متى طلبت عيناك معجزة ---- ألفت به عجبا بل خانها العجب
أخبار نوح به تروى على سند ---- والحمر تنقله حفظا وتكتتب
فيا لقومي إن غطّت جفونهم ---- والعير تطلبهم والخيل والنّجب
والحرب قد وضعت فيهم مآزرها ---- والموت تنظرهم جهرا وترتقب
والفرس قد نصبت للشرّ خيمتها ---- وفي العراق بدا من بطشها سبب
وبالمنامة غيم ساء منظره ---- وفي دمشق وقد أزرى بها العرب
ومن مرافئ عدن رام بيضتها ---- بغاث صعدة والذبّان تجتلب
فليأخذ العرب منّي إن هم سمعوا ---- أنّ الحياة لها مهر به النصب
ولا حياة لمن يرضى بزهرتها ---- والدّين منتهك فيها ومستلب

.


التعديل الأخير تم بواسطة مراد قرازة ; 01 Jun 2015 الساعة 06:04 PM
رد مع اقتباس