[أبو معاذ محمد مرابط]

الإلمام بفوائد مجالس ربيع الإمام
الحلقة الأولى

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فقد بقيت زمنا طويلا أخذف القلب بحصوات التفكير، بعدما أشغلت خاطري تلكم الهجمات التي قادها ثوّار المفرّقين على بيت شامّة أهل السنة ومِنْحَتهم ربيع بن هادي –حفظه الله-، ثم أضرمت نار التفكير تلك المنشورات الحاقدة التي كتب حروفها أولئك الثوّار، فرأيت الخُبْر لم يوافق الخَبَر، حيث صوّروا أنفسهم وكأنّهم فرسان قد فتحوا البلدان، وأظهروها بثوب العلم والأدب وكأنّهم الشيوخ وربيع السنة هو التلميذ، وزعموا بلسان حالهم أنّهم دخلوا لينصحوا الشيخ وليقيموا عليه الحجة، وكان لهم ما أرادوه.
ووالله وبالله ما كنتُ أعلم أنّ تلك المجالس قد سُجّلت، وما كنت أعتقد أنه سيأتي يوم تخرج فيه صوتيات القوم تفضحهم وتكشف كذبهم وتعرّيهم أمام العقلاء، وتظهر ثبات العلامة ربيع وشدّة تمسّكه بالحق، وقوّته في المناظرة والنقاش، وهذا الذي تحقّق في هذه الساعات فلك الحمد ربي كما تحب وترضى.
وهذه الصوتيات هي في الحقيقة حجّة قائمة على المغرّر بهم من المفرقين، وعلى كلّ من التزم الصمت ورأى أنّ السلامة في التوقف والحياد، وقبل ذلك هي من أجلّ وسائل الثبات التي تعين أصحاب الحق على المضيّ قدما في نشر دعوة الحق، لأنّها أكّدت لهم أنّ ما ادّعاه الكَذبَة السفهاء في حقّ شيخنا الإمام لا يعدو أن يكون من تشويه إبليس وأعوانه لصورة أئمة الهدى حتى لا يؤخذ بكلامهم ولا ينتفع بنصائحهم والله المستعان.
وقد رأيت أن أستلّ ما ظهر من هذه الصوتية من فوائد قد يغفل عنها الكثير، وأظهر ما حوته هذه الجلسة المباركة من لطائف عزيزة تكون نبراسا لمحبّ الهدى، وطريقا سهلا يعينه على تبليغ كلمة الحق للناس.

فمّما يُستفاد من هذه الصوتية
الفائدة الأولى: أنّ الشيخ في صحّة وعافية كما هو ظاهر من كلامه في الصوتية، وصوته واضح وسمعه جيّد عكس ما شهد به السفيه الكذاب موسى القليعي، فالشيخ يناقش بكل أريحية ويجيب بكل صرامة، واللافت للانتباه هو ضبطه –حفظه الله- فقد:
1-أثبت أنّ جمعة حقّق ستّة كتب لأهل البدع وأعاد هذا العدد وكرّره في هذا المجلس وفي غيره من المجالس.
2- أثبت العدد الصحيح للموقعين على البيان فقال: «أنا قرأت لهم، ثمانية موقعين على مقال واحد».
3- استحضر أنّ الشيخ فركوس طرف في النّزاع، عندما أراد السائل مراوغته وسأله: هل يتحاكم المشايخ إليه فقال: «يتحاكمون إلى فركوس؟ لا، طرف ثاني فركوس، يتحاكمون إلى كتاب الله وسنة رسول الله».
4- ذكر اسم رأس المفرقين في الجزائر باسمه كاملا «عبد المجيد جمعة» وأعاده مرّات عديدة في هذا المجلس وفي غيره.
الفائدة الثانية: جهل بعض أتباع المفرّقين بأخطاء شيوخهم أو كذبهم في دعواهم أنّهم جاهلون بها، وأضرب مثالين فقط في هذا المجلس
الأوّل: سأل السائل الشيخ مُتعجّبا عندما أخبره بأنّ جمعة حقّق ستّة كتب من كتب أهل البدع، «العلامة ربيع: عبد المجيد جمعة حقّق ستة كتب لأهل البدع -بارك الله فيك-، نبغاه يعتذر عن هذا -بارك الله فيك- وينشر أنه يبرأ إلى الله من هذا وهذا، السائل: حقق ستة كتب؟ العلامة ربيع: حقق ستة كتب لأهل البدع، السائل: من هو شيخنا؟ العلامة ربيع: عبد المجيد جمعة، السائل: عبد المجيد جمعة حقق ستة كتب لأهل البدع؟».
والمثال آخر: عندما أخبره الشيخ بأنّ فيه من قال لا تجتمعوا فنفى السائل علمَه بهذا! «العلامة ربيع: وهناك من يقول: "لا تجتمعوا"، وقد بلغكم هذا، أظنكم عرفتم من قال هذا الكلام، السائل: ما بلغنا هذا».
وقد شهدت بنفسي أمثلة كثيرة في المجالس التي جمعتني مع هؤلاء المفرقين سأذكرها لاحقا.
الفائدة الثالثة: مكابرة عبد المجيد جمعة وعناده عندما رفض التراجع والاعتذار عن تحقيقه لكتب أهل البدع مع أن من طالبه بالتراجع هو حامل لواء الجرح والتعديل وهنا ظهر جليا أن دعواهم احترام الأكابر محض كذب.
الفائدة الرابعة: بيان حقيقة طالما اجتهد المفرقون في إخفائها وهي وقوف العلامة ربيع على أجوبة المفرقين التي أجابوا بها عن التهم المنسوبة إليهم، فالسائل بيّن للشيخ حجة جمعة في تحقيقه كتب أهل البدع والشيخ العالم أجابه، «السائل: الشيخ عبد المجيد بيّن في مقال سبب تحقيق هذه الكتب، وقال أنا حققت هذه الكتب لأنها كتب للمالكية، والناس عندنا يعترفون...العلامة ربيع: كلام فارغ هذا، ينشر البدع؟! ينشر البدع؟! ينشر كتب البدع؟! وي! وي! وي!، كلام فارغ هذا!، وهذا العذر باطل، إذا قال هذا الكلام فقوله قول باطل، هذا عذر باطل إذا عندك عقل ودين!، هذا عذر باطل! باطل! باطل! يحقق كتب أهل البدع ويقول مالكية؟!!(2)، أنتم ما تعرفون منهج السلف».
الفائدة الخامسة: شهادة المفرّقين على شيوخهم أنّهم وقعوا في منكرات، بعدما أفحمهم الشيخ بالحجة: «العلامة ربيع: الذي ينشر كتب البدع ما هو منكر هذا؟! السائل: منكر»
الفائدة السادسة: الإنصاف الواضح والأدب الرفيع الذي ظهر به ابن الشيخ عمر –وفقه الله- وظهر ذلك في ترجمته لكلام الأخ الذي طعن في مشايخ الإصلاح، ثم أكد على جزئية ما انتشر عن المشايخ من صوتيات وفيديوهات، «الأستاذ عمر ابن الشيخ -بكل أدب ولطف-: يا إخوان نقول خلاص ولا تأبَون»، «السائل ثم الأستاذ عمر ينقل سؤاله: يقول وإن كان الطرف الآخر يثنون على أهل البدع ويعاشرونهم»، «الأستاذ عمر: أبوي، يقول وإن كان هناك صوتيات وفيديوهات منتشرة لهم»، «الأستاذ عمر: يا أهل الجزائر، الناس كلهم ينتظرون في الخارج، ونحن والله نحب أهل الجزائر».
الفائدة السابعة: تعظيم الشيخ لكتاب الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ومنهج السلف حيث ذَكَّر بهذه المصادر العظيمة أكثر من خمس عشرة مرّة! في مجلس واحد دام أقلّ من سبع دقائق: «أنتم ما تعرفون منهج السلف!!... تعلموا منهج السلف!... تعلموا منهج السلف...كتاب الله... وسنة الرسول.... ومنهج السلف.... كتاب الله.... وسنة رسول الله.... لكتاب الله.... وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم.... ويسيرون على منهج السلف.... والسلفي الصادق يدور مع كتاب الله.... ومع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم..... يتحاكمون إلى كتاب الله.... وسنة رسول الله..... يُحَكِّمُون كتاب الله.... وسنة الرسول صلى الله عليه وسلَّم»
الفائدة الثامنة: احتجاج الشيخ بنصوص القرآن والسنّة في تقرير ما أراد تبليغه لهؤلاء المساكين، «فهمتم منهج الله الحق أنه يدعو إلى الإصلاح والتآخي، {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»». وقال الشيخ أيضا: «ادعوا إلى الإصلاح، {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، يقول: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}».
الفائدة التّاسعة: انتقاد العلاّمة ربيع لمحمد بن هادي بالدليل والبرهان، فقد اعتمد الشيخ في تحذيره على مكالمته الهاتفية التي أوصى فيها بعدم الاجتماع وبيّن أنّ ما جاء فيها هو من الضلال المبين المخالف للكتاب والسنّة، فالشيخ لم يعتمد على أخبار الناس وشائعاتهم، «العلاّمة ربيع: قال: لا تجتمعوا، صرح بهذا بارك الله فيك، هذا أمر خطير جدا بارك الله فيكم، كتاب الله وسنة الرسول ومنهج السلف كلها تدعو إلى الإصلاح ونبذ الخلاف بارك الله فيك».
الفائدة العاشرة: بطلان مقولة جمعة وزمرته في بداية الفتنة أنّ الشيخ ربيعا امتدح جمعة بقوله «بارك الله فيك»، فالشيخ في هذه الجلسة قالها للسائل أكثر من مرّة: «عبد المجيد جمعة حقق ستة كتب لأهل البدع -بارك الله فيك-، نبغاه يعتذر عن هذا -بارك الله فيك- وينشر أنه يبرأ إلى الله من هذا وهذا»، وكرّر الشيخ هذه الكلمة في هذا المجلس فقط أكثر من أربع عشرة مرّة! فهو أدب من المتكلّم ودعاء للسامع لا أكثر ولا أقلّ.
الفائدة الحادية عشرة: أن الكثير من المفرقين تراهم يذعنون لكلام الشيخ لكن بمجرد خروجهم تسمع منهم وترى عكس ما ظهر منهم عند الشيخ! وهذا السائل في هذه الجلسة يسأله الشيخ ويجيبه بكل سهولة، «العلامة ربيع: عرفتم مقصودي؟، صحيح ولا لا مقصودي؟ السائل: صحيح بإذن الله تعالى».
الفائدة الثانية عشرة: رحمة الشيخ بهؤلاء المساكين وحرصه على هدايتهم، وصبره عليهم، ولا أدلّ على ذلك من قول الشيخ لابنه عمر: «خلهم يا عمر، يا عمر خلهم»، ومن هذا الكلام تظهر كذلك
الفائدة الثالثة عشرة: وهي كذب من يقول أنّ الشيخ تُأثر عليه البطانة وهي من تتصرف في بيته بما لا يعلمه الشيخ، فكما هو واضح في الصوتية أنّ الشيخ هو الآمر الناهي.

الفائدة الرابعة عشرة: أن من مقاصد الاجتماع الحث على التوبة و التراجع لذلك عظّم الشيخ واستشنع وصية ابن هادي بعدم الاجتماع، فالمفرقون صوروا المسألة وكأن الاجتماع الذي طالب به الشيخ ربيع هو اجتماع عمل على الباطل وليس اجتماع تواصي ونصح، «العلامة ربيع: قال "لا تجتمعوا"، صرح بهذا بارك الله فيك، هذا أمر خطير جدا بارك الله فيكم، كتاب الله وسنة الرسول ومنهج السلف كلها تدعو إلى الإصلاح ونبذ الخلاف بارك الله فيك، والرجوع إلى الحق، والله يقبل التوبة، والله يحب التوابين زيادة، ما هو يقبلها فقط، بل يحب التوابين، لو تاب، الشرك الأكبر ذنب، وتاب منه قبل الله توبته، وكل ابن آدم خطاء»
الفائدة الخامسة عشرة: أن الخصم لا يكون مرجعا في النزاع ولا يكون حكما في الخصومة! «السائل: ولو يتنازعون -يتحاكمون- إلى شيخنا فركوس هذا عدل؟ العلامة ربيع: يتحاكمون إلى فركوس؟ لا، طرف ثاني فركوس، يتحاكمون إلى كتاب الله وسنة رسول الله».
هذا آخر ما قصدت بيانه من فوائد هذه الصوتية الجليلة، وسأتبعها بإذن الله بذكر فوائد الصوتية الأولى، والحمد لله رب العالمين.

كتبه أبو معاذ محمد مرابط
26 ذو الحجة 1439 هـ
06 / 09 / 2018 م