عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29 Apr 2018, 05:13 PM
عبد المؤمن عمار الجزائري عبد المؤمن عمار الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2017
الدولة: الجزائر
المشاركات: 42
افتراضي تنبيهات هامة في كتابات الدكتور بوشامة (الحلقة الأولى)

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ



مقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل ؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنتُم مُسْلِمُونَï´¾.[ آل عمران: 102]
ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكَمْ رَقِيبًاï´¾.[النساء: 1]
ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماًï´¾.[الأحزاب: 70]
أما بعد: فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور».
«رواه البخاري (5219) ومسلم (5705) ».
قال العلماء: معناه: «المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده، يتكثر بذلك عند الناس، ويتزين بالباطل، فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور». «شرح مسلم للنووي (7/245) ».
فهو: «يزوّر على الناس بأن يتزيّ بزيّ أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به الناس وليس هو بتلك الصفة». « شرح رياض الصالحين للعثيمين 1/1795».
يظهر من هذا الحديث: أنّ ما يصنعه بعض المحسوبين على طلبة العلم، ومن يظنون أنفسهم أنهم صاروا أهلا للكتابة والتحرير، والتصحيح والتضعيف، والشرح والتحقيق، والبحث والتدقيق، أنهم بعيدون عن طلبة العلم فضلا عن زمرة العلماء، بل هم إلى التزوير والتغرير أقرب منهم إلى التأليف والتحرير، وإلى الغش والخيانة أقرب منهم إلى الصدق والأمانة، وأنهم أحرى ألا ينتفع بما دونوه، ولا يستفاد مما سطروه، ذلك لأن من بركة العلم إضافة المعلومة إلى صاحبها، والفائدة إلى قائلها.
قال ابن عبد البر -رحمه الله-: «يقال: إن من بركة العلم أن تضيف الشيء إلى قائله». « جامع بيان العلم وفضله 2/89».
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: «ومن أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليسم القائل والناقل وإلا فكل أحد يقدر على الكذب» .« منهاج السنة النبوية 2/309».
وقال المعلمي -رحمه الله-: ï»—ï»´ï»‍: «ï؛‡ï»¥ ï»›ï»‍ ﻓï؛ژï؛‹ï؛ھï؛“ ï»ںﻢ ï؛—ï؛´ï»¨ï؛ھ ï؛‡ï»ںï»° ï؛»ï؛ژï؛£ï؛’ﻬï؛ژ فهي لقيطة ï»›ï؛ژï»ںﻄﻔï»‍ ï؛چï»ںﻤﻨï؛’ï»®ï؛« ï؛چï»ںï؛¬ï»± ï»» ﻳﻌï؛®ï»‘ ï؛ƒï؛‘ﻮﻩ ﻓﻲ ï؛چï»ںﻤﻨï؛کï؛´ï؛’ﻴﻦ».« المجموع 1/49».
بل يعد ذلك من النصيحة المطلوبة: فمن النصيحة أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله ومن أوهم ذلك وأوهم فيما يأخذه من كلام غيره أنه له فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه ولا يبارك له في حال».« بستان العارفين 1/4».
وهذا صنيع العلماء عليهم -رحمة الله تبارك وتعالى- «فلم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما».« بستان العارفين 1/4».
فلذلك ينبغي السير على منهجهم، والاقتداء بهم، واتباع آثارهم، وسلوك طريقتهم في كل شيء، ومنها الأمانة العلمية التي بينوا خطورة الإخلال بها، وعدم التزامها، وعدّوا ذلك من الخيانة والتدليس، والكذب في العلم، وعدم الدقة فيه، والغش على المسلمين، ويعتبرون فاعل ذلك من السراق، بل قد يصل إلى درجة الفسق وسقوط العدالة -نسأل الله السلامة والعافية- خاصة إذا كانت من أجل الهوى ونصرة الباطل.
قال الشيخ العثيمين –رحمه الله-: «من أهم ما يكون في طالب العلم، أن يكون أمينا في علمه، فيكون أمينا في نقله، وأمينا في وصفه...لأن الواجب النقل بأمانة، والوصف بأمانة، وما يضرك إذا كان الدليل على خلاف ما تقول، فإنه يجب عليك أن تتبع الدليل، وأن تنقله للأمة حتى يكون على بصيرة من الأمر، ومثل هذه الحال أعني عدم الأمانة، يوجب أن يكون الإنسان فاسقا لا يوثق به الخبر، ولا يقبل له نقل لأنه مدلس» .« شرح حلية طالب العلم 149».
وقال أيضا: «أحيانا تجد الكاتب الفلاني الذي كتب هذه المناسك تجده نقل العبارة برمتها وشكلها ونقطها وإعرابها من كتاب آخر، ولا يقول: قال فلان في الكتاب الفلاني، وهذه سرقة، هذه ما هي سرقة مال يأخذه من الجيب، سرقة علم، لكن على كل حال بالنسبة للمؤلف الأول، هو يقول لا يهمني إذا انتشر الكتاب، ونفع الخلق، فسواء كان باسمي، أو باسم الثاني ما يهم، لكن هنا الكلام على هؤلاء الذين نعتبرهم سراقا». « شرح حلية طالب العلم 200 ».
قال السخاوي-رحمه الله-: «صح عن سفيان الثوري أنه قال ما معناه: نسبة الفائدة إلى مُفيدها من الدقّة في العلم وشكره، وأن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره ».
« الجواهر والدرر1/181».
قال السيوطي –رحمه الله-: «قد أوردت جميع كلام أبي البقاء معزوّا إليه، ليعُرف قدر ما زدته عليه، وتتبعت ما ذكره أئمة النحو في كتبهم المبسوطة من الأعاريب للأحاديث، فأوردتها بنصهّا معزوّة إلى قائلها، لأن بركة العلم عزو الأقوال إلى قائلها، ولأن ذلك من أداء الأمانة، وتجنب الخيانة، ومن أكبر أسباب الانتفاع بالتصنيف».« الزبرجد 16».
هذا، وإن من بين أسباب كتابة هذه الأسطر ودواعيها بيان حال ما عليه بعض من ينتسب إلى العلم، الذين انتفخوا وانتفشوا في هذه الأيام، والشيء الأعظم، والخطر الأطم، أنهم لا يبالون من أين يأخذون، ومن أي بئر يغترفون، سواء وجدوها عند أهل السنة والأثر، أو عند أهل البدع والأهواء؛ المهم عنده أن يجد جملة مزوقة، وكلمة منمقة، حتى صار يخيل للعوام ومن لا علم عندهم أنهم من العلماء حقا، و الربانيين صدقا، وأهل الكتابة والتأليف، والبحث والتصنيف، فتجرؤا على الدعاة وطلبة العلم، بل على الراسخين منهم، يشوهون صورتهم، وينتقصون من قدرهم، والحقيقة أن هؤلاء هم ألصق بذلك، حتى وإن كان عندهم شيء من العلم، إلا أنهم لم يتأدبوا بآدابه، ولم يقتدوا بحملته، ولم يظهر عليهم أثره.

وحتى لا أطيل في هذه المقدمة، أشرع في المقصود، وهو بيان ما عليه بعض هؤلاء من الخيانة العلمية، وعدم التقيد بالأمانة في النقل، وعدم الالتزام بالمنهجية العلمية في البحث العلمي.
والبداية –بإذن الله تعالى- تكون بالدكتور رضا بوشامة –هداه الله وأصلحه-؛ والذي جعلني أختاره وأبدأ به دون غيره سببان.
السبب الأول: أن رضا قد اغتر به بعض الشباب وظنوا أن له باعا من العلم، ونصيبا منه، وخاصة في علم الحديث، فأردت أن أبين للناس مكانته، وأنزله منزلته، وأجلي لطلبة العلم أمره، وللباحثين عن الحق حقيقته.
السبب الثاني: أن الدكتور –هداه الله وأصلحه- قد انتفخ كثيرا وخاصة في هذه الأيام الأخيرة، حتى صار يتكلم كأنه عالم من العلماء الأفذاذ، وأنه لا يجاريه أحد في هذه الديار، فاحتقر غيره من الدعاة أصحاب التأهيل، وتهكم بمن عرف بالعلم والتحصيل، وقد ظهر ذلك جليا في تنبيهات له وجهها للشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة –حفظه الله-.
وأقدم للقراء هذا النموذج.
قال عن الدكتور جمعة –حفظه الله-: «وليس لمثله أن يحكم على غيره بقلة العلم أو عدمه، لأنه إذا قورن بغيره فأخطاؤه كثيرة...وهذا جهل منه بأصول التحقيق، وجهل بعلوم الحديث المتشعبة... ولم أتتبعه في تعليقاته العلمية من تخريج وتصحيح وتضعيف وتعليق على النصوص ففيه دواه وعجائب ولهذا موضع آخر... وقد رماه المحقق بالتصحيف والتحريف وسوء الضبط –شعر أو لم يشعر- ...ولا شك أن التحقيق وإخراج الكتب أمانة عظيمة....ثم ليجرد القارئ لهذه الصفحات نفسه من الهوى والتقديس والتقليد، وليستعمل لسان الحق والعدل، ليتمكن من الحكم على علم الدكتور....وأين يصنف مثل هذا الدكتور أفي العلماء...أم أنه لا زال في بداية الطلب، وما عليه إلا أن يعيد النظر في علمه وينميه وهذا ليس عيبا بل هو عين الحق والصواب....» إلى آخر ما قاله في مقاله. « أنظر: تنبيهاته ص 3-4».

قلت: لنا مع هذا الكلام وقفات:
أولا: نقول لك: هذه بضاعتك ردت إليك : ليس لمثلك أن يحكم على غيره بقلة العلم أو عدمه، فأخطاؤك كثيرة، وإخلالك بالأمانة العلمية واضحة بينة، كما سيظهر ذلك جليا إن شاء الله تعالى.
ثانيا: لم نتتبع الدكتور في كل ما أخذه عن غيره ولم ينسبه إليهم، ولو فعلنا لجئنا بالعجائب وقد يكون له موضع آخر.
ثالثا: لا شك أن كتابة المقالات، وتدوين المصنفات، وإخراج الكتب، وعزو الكلام إلى قائله، وتخريج الأحاديث، أمانة عظيمة ينبغي عليك معرفتها، أيها الدكتور.
رابعا: إذا كانت المقالات معدودة الصفحات، وهي مملوءة بالمنقولات المسروقات، أين يصنف صاحبها أيها الدكتور؟ ! أفي العلماء، أم أنه لا زال في بداية الطلب؟
خامسا: نقول لك أيها الدكتور: يظهر أنك لازلت في بداية الطلب فلا تشتغل بالصفحات المأخوذة من هنا وهناك، فإن هذا يضرك ولا ينفعك، وإلا فقل لنا: كيف يطيب خاطرك، ويرتاح بالك، وتطمئن نفسك؟ !وأنت تكتب الكتابات، وتحرر المقالات، ولا تستدل بالأحاديث والآيات؛ فهل يعقل -يا دكتور- وانت تنتسب إلى الحديث- أنه يوجد من بين مقالاتك مقالات قد خلت كلية من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية؟ !
يا دكتور: لكي تراجع نفسك، ويتأكد غيرك، أنظر مثالا واحدا على ذلك في المقالة المعنونة بـ: «تأملات في قوله تعالى: ï´؟إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُï´¾ فلم تذكر فيها آية واحدة، ولا حديثا واحدا، ما عدا سبب النزول وهو من قول ابن عباس -رضي الله عنه- وهذه ليست وحدها بل هناك مثيلات لها. -والله المستعان-
أيها الدكتور: عليك بالحرص والجد والاجتهاد في طلب العلم حتى تصل وتتحصل-بإذن الله- وليس هذا عيبا بل هو عين الحق والصواب.
سادسا: بما أن أهل العلم أصحاب تواضع، فإنهم يحسون بالنقص، ويشعرون بالخلل، حتى وإن بلغوا من العلم مبلغا.
فهذا الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة -حفظه الله- يقول في كتابه الذي انتقدته أيها الدكتور: «وقد قمت بدراسة أسانيدها، وبيان درجتها صحة وضعفا بحسب جهل المقل مع ضعف الصناعة، وقلة البضاعة». « رياض المتعلمين 15ٍ ».
سابعا: كل من له أدنى عناية بالعلم الشرعي يعلم الفرق الواضح بين التصحيف والسقط الذي لا يسلم منه أحد، وليس من السهل تحقيق كتاب غير معجم، وبين السرقات العلمية التي هي مرض يصيب الإنسان- نسأل الله السلامة- وتوجب إسقاط العدالة؛ كما نص عليه أهل العلم؛ كما تقدم.
ثامنا: ليجرد القارئ لهذه الصفحات نفسه من الهوى والتقديس والتقليد، وليستعمل لسان الحق والعدل، ليتمكن من الحكم على صنيع الدكتور.
فهذه بضاعتك –يا دكتور الحديث- ردت إليك.
وقد وسمت هذا البحث بـ: « تنبيهات هامة في كتابات الدكتور بوشامة».
ويحتوي على مقدمة، ومبحثين، في كل مبحث ثلاثة مطالب، وخاتمة:
المقدمة: ذكرت فيها أهمية العزو وبعضا من كلام العلماء في ذلك، وسبب كتابة البحث.
المبحث الأول: الأمانة العلمية في مقالات بوشامة، ويحتوي على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: ما أخذه الدكتور-هداه الله وأصلحه- بنصه.
المطلب الثاني: ما أخذه بمعناه.
المطلب الثالث: ما أخذه في شرح الحديث ولم يعزه.
المبحث الثاني: الأمانة العلمية في خطب بوشامة، ويحتوي على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: ما أخذه الدكتور-هداه الله وأصلحه- بنصه.
المطلب الثاني: ما أخذه بمعناه.
المطلب الثالث: ما أخذه في شرح الحديث ولم يعزه.
الخاتمة: ذكرت فيها أهم النتائج.

المبحث الأول:
الأمانة العلمية في كتابات بوشامة.


لا شك أنّ الكاتب والمؤلِّف، والمدوِّن والمصنِّف، ينبغي عليه أن يكون من أحسن الناس صدقا، وأوفاهم حقا، وأحرصهم على إعطاء كل ذي حقّ حقّه، وألا يبخس الناس أشياءهم، بل عليه أن يكون صادقا متحريا للصدق في كل شيء حتى في الكلمة التي ينقلها، والمعلومة التي يأخذها، والفائدة التي يدونها.
ورحم الله السيوطي إذ يقول: «ولهذا لا تراني أذكر في شيء من تصانيفي حرفاً إلاّ معزواً إلى قائله من العلماء مبيناً كتابه الذي ذكر فيه». «المزهر 2/273 ».
ولكن الذي يظهر أن الدكتور بوشامة –هداه الله- لم يعط لهذا الأمر أهمية، ولم يول له عناية، لهذا جاءت مقالاته مملوءة بالنقل عن غيره، دون أن ينسب ذلك إليهم، وله في ذلك أساليب، أحيانا ينقل الكلام كاملا من غير بتر، وأحيانا أخرى ينقص ويحذف، وتارة أخرى يختصر ويلصق، وهكذا كما سيتضح ذلك من خلال ما يأتي.

المطلب الأول:
ما أخذه الدكتور-هداه الله- كاملا.


وقد يغير بعض الكلمات، ويستبدلها بألفاظ مرادفة أو تحمل ذات المعنى ليوهم الناس أنها من بضاعته؛ لكنها مزجاه!.
هذا وقد جعلته على شكل مواضع مرتبة.
الموضع الأول:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: «يَنْفُونَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، وكانوا يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إلَى الْهُدَى وَيَصْبِرُونَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى، يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمَوْتَى، وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِ اللَّهِ أَهْلَ الْعَمَى، فَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيسَ قَدْ أَحْيَوْهُ، وَكَمْ مِنْ ضَالٍّ تَائِهٍ قَدْ هَدَوْهُ، فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ، وَمَا أَقْبَحَ أَثَرَ النَّاسِ عَلَيْهِمْ». « في مقالته : دفاع عن السنة وأهلها ».

قلت: صدق الإمام أحمد –رحمه الله- « ما أقبح أثر الناس على العلماء! » فهذا دكتور الحديث لم تسلم منه حتى المقدمات، ولم تنج منه حتى البدايات، فواعجبا! دكتور في الحديث يعجز عن كتابة مقدمة حتى يسرق الكلمات، ويلفّق العبارات؛ فعش رجبا ترى عجبا فقد أخذ الكلام المشهور المعروف لكل طالب علم.
-ومع ذلك لم ينسبه إلى قائله-وكيف لا يكون معروفا لديهم وقد قاله إمام أهل السنة الإمام أحمد -رحمه الله- كما في مقدمة كتابه: «الرد على الجهمية».
حيث قال رحمه الله: «الحمد لله الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنوره أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، يَنْفُونَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ». « أنظر : مقدمة كتابه: الرد على الجهمية».
فأين الأمانة أيها الدكتور المحقق ؟ وأين العزو أيها المحرر المدقق؟!
الموضع الثاني:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: في مقدمة مقالته: «الحمد لله ربّ العالمين، به سبحانه نستهدي، وإياه نستكفي، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العليّ العظيم، وهو المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل».« في مقالته: رمضان شهر القيام والصيام وتلاوة القرآن ».
قلت: -هداك الله- يا دكتور، ما قصتك مع المقدمات؟! وما علاقتك مع الاستهلالات؟!! وكيف سمحت لك نفسك أن تنسبها إليك؟!
وهذه المقدمة كما يعرف الدكتور قد أخذها عن الصرصري-الملقب بـ: حسان السنة- الذي قال في «شرح قصيدة النونية»:
«الحمد لله رب العالمين، به سبحانه نستهدي، وإياه نستكفي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل».« ص 48 ».
تأمل أيها القارئ اللبيب، إلى هذا الرجل، وصنيعه العجيب!
الموضع الثالث:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: «فَإِنَّ الله تَعَالَى بعث مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْهدى وَدين الْحق ليخرج به النَّاس من الظُّلُمَات إِلَى النُّور، دَاعيًا إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ وسراجًا منيرًا، وأمره بتبليغ الدِّين وبيانه: ï´؟يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينï´¾ [المائدة: 67]». « في مقالته : دفاع عن السنة وأهلها».
قلت: -هداك الله يا دكتور- ما أجملها من مقدمة، وما أحسنها من براعة استهلال، لولا أنك أخذتها عن غيرك، وعزوتها إلى نفسك، فأفسدت جمالها، وصارت كاللقطة التي لا يعرف صاحبها، وهذه المقدمة قد علمنا موضعها، وعرفنا مدونها، واتضح قائلها، ألا وهو شيخ الإسلام رحمه الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد وشهد له بأنه بعثه داعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا وأمره أن يقول : ï´؟قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنيï´¾ [يوسف: 108]». « مجموع الفتاوى 5/6 ».
تأملوا –رحمكم الله- في كلام دكتور الحديث المحقق، الذي نقل الكلام ولم يكن في عزوه بصادق.
الموضع الرابع:
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: «وفسَّر أهل العلم وشرَّاح الآثار كأحمدَ والبخاريِّ وغيرِهما بأنَّهم أصحابُ الحديث الذين «جعلهم الله أَرْكَانَ الشَّرِيعَةِ، وَهَدَمَ بِهِمْ كُلَّ بِدْعَةٍ شَنِيعَةٍ، فَهُمْ أُمَنَاءُ اللَّهِ مِنْ خَلِيقَتِهِ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتِهِ، وَالْمُجْتَهِدُونَ فِي حَفِظِ مِلَّتِهِ ... جَعَلَهم رَبُّ الْعَالَمِينَ حُرَّاسَ الدِّينِ، وَصَرَفَ عَنْهُمْ كَيَدَ الْمُعَانِدِينَ؛ لِتَمَسُّكِهِمْ بِالشَّرْعِ الْمَتِينِ، وَاقْتِفَائِهِمْ آثَارَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. فَشَأْنُهُمْ حِفْظُ الْآثَارِ وَقَطْعُ الْمَفَاوِزِ وَالْقِفَارِ، وَرُكُوبُ الْبَرَارِيِّ وَالَبِحَارِ فِي اقْتِبَاسِ مَا شَرَعَ الرَّسُولُ الْمُصْطَفَى، لَا يُعَرِّجُونَ عَنْهُ إِلَى رَأْيٍ وَلَا هَوًى. قَبِلُوا شَرِيعَتَهُ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَحَرَسُوا سُنَّتَهُ حِفْظًا وَنَقَلًا .. حَتَّى ثَبَّتُوا بِذَلِكَ أَصْلَهَا وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا.
وَكَمْ مِنْ مُلْحِدٍ يَرُومُ أَنْ يَخْلِطَ بِالشَّرِيعَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا. وَاللَّهُ تَعَالَى يَذُبُّ بِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَنْهَا. فَهُمُ الْحُفَّاظُ لِأَرْكَانِهَا وَالْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهَا وَشَأْنِهَا. إِذَا صُدِفَ عَنِ الدِّفَاعِ عَنْهَا فَهُمْ دُونَهَا يُنَاضِلُونَ، ï´؟أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَï´¾
». « في مقالته : دفاع عن السنة وأهلها».
قلت: سبحان الله! هذه العبارة كلها نقلها دكتور الحديث رضا بوشامة-هداه الله وأصلحه- دون عزوها إلى قائلها، أو إلى المصدر الذي نقلها منه؛ غير قوله: «وفسَّر أهل العلم وشرَّاح الآثار كأحمدَ والبخاريِّ وغيرِهما بأنَّهم أصحابُ الحديث الذين...» ليوهم القراء أنها من أسلوبه وتعبيره وهو خلاصة ما فهمه من كلام هؤلاء الأئمة-عليهم رحمة الله-، والحقيقة أنه أخذه من الخطيب البغدادي -رحمه الله- تصرّف تصرّفا يسيرا فقط كما سترى!
قال الخطيب -رحمه الله- كما في كتابه شرف أصحاب الحديث: «جعل الله تعالى أهله أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله من خليقته، والواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته ... جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين، وصرف عنهم كيد المعاندين ؛ لتمسكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين . فشأنهم حفظ الآثار وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى . قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظا ونقلا حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها . وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها . والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها . فهم الحفاظ لأركانها والقوامون بأمرها وشأنها . إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون، ï´؟أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحونï´¾». « صفحة 8-10».
وقد أعمى الله بصيرته إذ نسب كلام المتأخِّر –وهو الخطيب البغدادي- إلى شرح المتقدِّم –وهما الإمام أحمد والبخاري- وبينهما مفاوز؛ فكأنّ الإمام أحمد والبخاري نَقَلَا كلام الخطيب البغدادي؛ فأين علمك بالرجال يا دكتور الحديث؟! وأين أنت من قول الشافعي -رحمه الله- الذي قال: «وددت أن الخلق يتعلمون هذا العلم ولا ينسب إلي منه شيء». « حلية الأولياء للأصفهاني ظ©/ ظ،ظ،ظ¨».
هذا الشافعي-رحمه الله- أما الدكتور فإنه يأخذ من غيره وينسبه إلى نفسه، وشتان بين الأمرين!
الموضع الخامس
قال الدكتور بوشامة –هداه الله وأصلحه-: «فهو المنفرد بالبتر المخصوص به، لا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجميع أولاد المؤمنين أولاده، وذكره مرفوع على المنائر والمنابر، ومسرود على لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر، يُبدأ بذكر الله تعالى، ويُثنَّى بذكره صلى الله عليه وسلم، وله في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف صلى الله عليه وسلم».« في مقالته: تأملات في قوله تعالى: ï´؟إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُï´¾ ».
قلت: الذي يقرأ العبارة في أول وهلة يشعر وكأن دكتور الحديث قد استولى على البلاغة، ومن يقرأ مقالاته يجزم ويقطع أنه ليس له، لقلة بضاعته في ذلك، ويقطع ويجزم أنه لغيره، وبالفعل فقد سرقه من أبي حيان الأندلسي الأشعري في كتابه في التفسير: «البحر المحيط» حيث قال: «هو المنفرد بالبتر المخصوص به، لا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فجميع المؤمنين أولاده، وذكره مرفوع على المنائر والمنابر، ومسرود على لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر. يبدأ بذكر الله تعالى ويثني بذكره صلى الله عليه وسلّم، وله في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف». « البحر المحيط 8/93.».
وطار دكتور الحديث-هداه الله وأصلحه- إلى أبي حيان حتى لا ينكشف ولا ينفضح، لكن الله تعالى لبالمرصاد، ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن تخالها تخفى على الناس تعلم؛
الله المستعان ولا قوة إلا به.

....يتبع


التعديل الأخير تم بواسطة عبد المؤمن عمار الجزائري ; 03 Jun 2018 الساعة 01:43 AM
رد مع اقتباس