عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08 Apr 2016, 06:02 PM
عبد اللطيف غاليب عبد اللطيف غاليب غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
المشاركات: 59
افتراضي من عوائق طلب العلم

( مِنْ عَوَائِق طلب العلم )

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد :
فينبغي لطالب العلم أن يُفرغ جُهدَهُ وقوته وشبابه فيما ينفعه في العلم والتحصيل وضبط العلوم وإتقان الفنون على وفق النُّظم التي قررها أهل العلم وجرت فيه عَوَائِدهُم واسْتَبَانَتْ لهم طرائِقهم سَلَفاً وخلفاً مع اجتِناب جَمِيع ما يَصرِف النظر عن تحقيق هذه الأصول والأهداف التي ساروا عليها .

ومن العوائق الجديدة الظاهرة التي أَضْعَفَتْ الهِمَمَ وأبعدت الطُّلاَّب عن جادة الحق ورمتهم في مستنقع تضييع الأوقات :

- مُتابعة كل ما يُنشر ويُذاع على مواقِع التواصل الإجتماعِي من ( الفيس بوك ) و ( توِيتَر ) و ( الواتساب ) و ( الفيبر ) و ( الإيمو ! ) ... وأخيراً ( تلكرام ) وغيرها من التقنياتِ الجديدة والتطبيقات المُمَاثلة ، والتعليق على كل شيئ !! والدخول في جميع المجموعات المُخْتَلِفةِ والمُشاركة فيها ومُحاورة المُشاركين مع اتباع منهجية النسخِ واللصقِ وإعادة نشر بعض الفوائد العلمية التي لا ينبغي نشرها وفي بعضها أخطاءٌ فقهية وأخرى حديثية وكثيرّ منها منشورات لو وُضعت في ميزان قواعد السلف ومنهج العلماء المعاصرين لكان عدم نشرها هو الأقرب إلى الصواب ، ناهيك عن الدخول في معارك ضارية مع بعض المبتدئِين في طلب العلم وإقحام من لا علم له في الإنتصار لهذا أو ذاك ! وفي خضم تلكم المعارك يَنْفَصِل أكثرهم عن قواعد الحوار وأدب الكلام فضلاً عما تراه مِنْ ضَعفٍ عِلميٍّ رهيب وفقرٍ أدبيٍّ أخلاقِيٍّ كبير .

وقد يُطلب منك الإلتحاق ببعض المجموعات الطيبة التي تنشر دُرراً من كلام أهل العلم قديماً وحديثاً ، ولكنه من غير المعقول أن تُضَيِّع أوقاتك كلها في مُتابعة هذه المجموعات التي تأخذُ منك وقتاً كبيراً وجهداً فكرياً طويلاً .

ورُغمَ ما تراه في عموم هذه المواقع من الخير الذي لا يُنكر في باب التوحيد والعقيدة ونصرة السنة ومنهج السلف الصالح والتعريف ببعض العلماء والمشايخ الذين كان أكثر الناس لا يعرفونهم ، ولكن كلامي مُوجهٌ لطالب العلم الذي يُرِيد التأصيل في العلوم الشرعية و ضبط مسائلها وإتقان فُنُونها على منهجية مرضية محمودة .

أيها الطالب النَّجيب أمامك مطَالِب كَثِيرَة ومباحث منيفة يجب أن تعتني بها وتُعطِهَا حقها من الحرصِ والإجتهاد ، فإذا كُنت تُقلبُ ناظرك في جميع أو بعض ما ذكرتهُ لك من مواقع التواصل فإليك هذه الأسئلة المُختصرة :

- متى تُكمِل حفظ كلام الله تعالى على طريقة السلف في الضبط والإتقان مع الإجتهاد في تعلم التجويد و إحكام مُختلف القراءات على شيخٍ مُتقنٍ ؟ ثُم أين هو الوقت الذي جعلته لقراءة ورد القرآن في يومك وليلتك ؟ .

- متى تُحَضِّر لنفسك برنامجاً لمطالعة كتب التفسير المعتمدة كتفسير الطَبَرِي والقرطبي والبغوي وابن كثير والسعدي وغيرها من التفاسير التي تُعتبر باباً هاماً ومصدراً كبيراً في الطلب والتحصيل ؟ ومتى سَتُقيِّد الفوائد المليحة والفرائِد النفيسة التي تَمُرُّ عليك ؟ .

- متى تضبط علوم القرآن ومسائله وأبوابه من الكتب المعتمدة كـ ( البُرهان ) و ( الإتقان ) و ( والزيادة والإحسان ) ومن آخرها ( الجامع لعلوم القرآن ) لحمد العُثمان ؟ .

- متى تُكْمِل ضبط ما تأخذه عن بعض المشايخ في دروسهم فِي شرحِ ( صحيح الإمام البُخَارِي ) و ( التَّفْسِير ) و شرح ( الطحاوية ) و شرح ( الآجرومية ) والفوائد المنتقاة من فتاوى عالم الجزائر ، ترتيباً ومراجعة وحفظاً وفهماً ؟

- أين هو الوقت الذي ستجعله لمدارسة كتب العقيدة والتوحيد كـ ( الإبانة ) و ( شرح اعتقاد أهل السنة ) وغيرها من كُتُب السلف المُسنَدة ، وكتب أئمة التوحيد في بلاد نجد إلى عصر الفحول : ابن باز وابن عثيمين وَعبد الرزاق عفيفي ثُم الفوزان وصالح آل الشيخ وغيرهم ؟
- متى تقرأ في ( الأَوْسَطِ ) و ( المُغْنِي ) و ( المجموع ) و ( المُحَلَّى ) ثم تُراجِع ( النيل ) و ( السَّيلَ ) و ( السُّبُل ) ومن آخرها ( الشرحُ الممتع ) قراءة تحقِيقٍ وتنقِيحٍ وحفظٍ وإتقانٍ ؟

- متى تستكمل قراءة ما تحَصَّلَ لديكَ من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم - رحمة الله عليها - ؟ وخاصة الكتب النفيسة التي طُبعت لهما مؤخراً مما لم يتحصل لكثير من أعلام هذا العصر ! .

- متى تُراجع شروح كُتُبِ السنة المعتمدة كـ ( الفتحِ ) و ( التَّوْضِيح ) و ( عُمدةُ القاري ) و ( شرح النووي ) و ( شرح ابن رسلان الشافعي ) ومن آخرها ( الشرح البديع للعلامة الأثيوبي لصحيح مسلم ) وغيرها من الشروح النفيسة التي تتطلب مِنْك كثيراً من العناية والرعاية .

- متى تعتني بكتب أُصُولِ الفقهِ التي حررها العلماء وجعلوها كُتُباً أصيلةً وِفقَ منهجية علمية مُنضبطة ؟ مع التنبيه على ما يُقَدَّمُ منها وما يُؤَخَّر حسب التفصيل الذي ذَكَرَهُ أهل الصِّنعة و شُيُوخ هذا العلم الشريف ، وهل جعلتَ لنفسك وقتاً للتأصيلِ في ( القواعد الفقهية ) على فرسان هذا الفن النبيل ؟ .

- متى تتفرغ لمراجعة كتب الحديث والمصطلح كـ ( علوم الحديث لابن الصلاح ) و ( التدريب ) و ( التقييد والإيضاح ) و ( فتح المُغيث ) و ( توضيح الأفكار ) وكتب كبار علماء الحديث كالعراقي وابن حجر وابن الملقن والسخاوي والذهبي ومن جاء بعدهم إلى عصرنا كالمعلمي وأحمد شاكر والألباني وعُمَيرالمدخلِي والأثيوبي ؟ .

- متى تجلس لكتب الأدب واللغة والعروض والبيان والنحو والإعراب والتي تحتاج منك جهداً كبيراً وصبراً طويلاً ، مع الرجوع إلى أصحاب هذه الصِّنعة العزيزة التي قَلَّ أهلها وأصحابها في هذا الزمان ! والله المستعان .

فهذه وغيرها أسئلةٌ وجيهةٌ يجب أن تجد لها جواباً تُقنع بها نفسك وضميرك قبل أن تُقنع بها المشايخ والعلماء وكبار طلبة العلم .

وَ بعض المشايخ الفضلاء الذين ينشطون في مختلف هذه المواقع قد جاوزوا مراحل الطلب والتحصيل على النحو الذي قرره العلماء من التدرج في العلوم والبدء بأهم الفنون مع الحفظ والضبط ، ولا تُقارِن نفسك بهم وأنت بعدُ لم تضع وجهتك على الطريقة الصحيحة التي توصلك إلى بر الأمان .

ولذا كان لِزاماً عليك أيها الطالب النجيب أن تنظر في هذه المواقع حسب الإحتياج ولا تعلق نفسك بها ، واجعل كل اهتمامك وجهدك في اتباع ما قرره أهل العلم في مراحل التعليم والتحصيل ، ولا تشوش على نفسك بمثل هذه العوائق التي تُمِدُّك بثقافة إسلامية لا غير ، وأما ضبط المسائل وتحرير العلوم وإتقان الفنون فهذا محله الجادة الصحيحة التي ينصح بها علماؤنا ومشايخنا جميعاً ، والله الموفق والهادي للرشادِ .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين .

عبد اللطيف غاليب

رد مع اقتباس