عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 29 Dec 2009, 08:30 AM
أبو أحمد ضياء التبسي أبو أحمد ضياء التبسي غير متواجد حالياً
.:. أصلحه الله .:.
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 325
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أحمد ضياء التبسي
افتراضي

بدعة تحديد الأذكار لأتباعهم

من البين لجميع من عرف الطرائق التي غضت بها الجزائر؛ أنها اشتركت في أمور و امتازت كل واحدة بخواص تجعلها منفصلة عن البقية تستحق بها اسم: طريقة فلان. و قد وضعوا طرائقهم كالشرع الموضوع المتبع، و بنوا هذه الأذكار على أوضاع وهيآت و ألحقوا بها أدعية أحدثها من أسس الطريقة.

و من الشائع الذائع:

أن هذه الأذكار يعطيها رؤساء الطرائق أو من يقيمونه و يسمى بأخذ الورد أو رفع السبحة و يعينون أعدادها و صيغها و أوقاتها و ما يرتئونه من آدابها.
و نحن نعرض عملهم هذا و نقيسه بالهدي النبوي و عمل السلف فذلك الدين، و ما لم يعرف في هذه الأيام بعموم أو خصوص فليس من الدين.
و ما دام ليس من الدين فإنكاره قربة و الاعتراف به بدعة.
إن استقراء الشريعة دل على أن ما تعبدنا الله به جاء على ضربين:

1- ضرب تولى الله تعيينه في نفسه و في عدده و في وقته، كالصلوات الخمس في الفرائض و كركعتي الفجر في النوافل و كرمضان في صوم الفرض وع رفة في النفل.
2-و ضرب آخر طلبه منا طلبا و أوكل تعيين عدده و وقته إلى قوة المكلف و ما جعل عليه مسيطرا و لا وكيلا و له في نفسه أن يعين ما شاء في أي وقت شاء على ما تعطيه القوة البشرية.
و الأذكار في غالب أمرها من هذا القبيل و ما سد عن هذا غير قليل كسبحان الله والحمد لله والله أكبر دبر كل صلاة تولى الشرع تحديده (15) .
و الأذكار ورد الأمر بها في كتاب الله في غير ما آية قال الله: ( وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ) (16) ، و قال: ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) (17) ، وقال: ( فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ ) (18) الآية، وقال: ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) (19) الآية.
و الآيات كثيرة و لا يوجد في العبادات إذا تتبعت الأدلة المبثوثة في الشريعة أكثر من الذكر طلبا و ورد الأمر بها سنة:
أخرج الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)) (20) ، و أخرج مسلم عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأن الميزان وسبحان الله والحمد لله تملأن- أو:- تملأ ما بين السموات والأرض )) (21) ، و أخرج البخاري عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت)) (22) .

و قد بوب رجال الصحاح للدعوات و الأذكار أبوابا و فصولا جمعوا فيها ما ثبت عن رسول الله من الأذكار و الدعوات و ما دار بها ما لا مطمع لي في تسطيره.
و قد اعتنت الأئمة الأثبات عناية فوق هذه و ألفوا كتبا صحاحا في عمل اليوم و الليلة رووا فيها ما ثبت من الأذكار و الأدعية بأسانيدهم.
فمن هذه الكتب (عمل اليوم و الليلة) للإمام أبي عبد الرحمن النسائي و كتاب الإمام أبي بكر أحمد بن محمد بن إسحق السني و كتاب الإمام النووي و غيرها مما هو معروف، و قد أتوا على حالات الإنسان و تاراته (23) اليومية و الليلية و ساقوا ما فيها من أحاديث و آثار، فمنها ما رغب الشرع في عدد منها طلبا للكثرة و منها ما طلبه طلبا مطلقا موكولا لقوة الذاكر يزن نفسه ثم يثبت ما يستطيع أن يداوم عليه. و ما علمنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مدة عمره حدد الأذكار لأحد من أصحابه تحديدا يماثل تحديد الطرقيين على اختلاف أسمائهم.
و لا تقل عن أحد من السلف أنه حدد الأذكار لغيره ممن عاصره فضلا عن أن يجعله ذكرا شائعا ذائعا يعرف بذكره طريقة فلان. ومن ادعى غير هذا فليدلنا عليه من طريق صحيح عند أهل العلم.
و نحن نعتقد أن الذكر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يتول تحديده و لا توقيته. و كل من تعرض لتحديده أو توقيته أو إدخال أفي زيادة كيفما كان شأنها فيه عما كان في عصره؛ يعد مبتدعا مستدركا على الشريعة.
و نحن نعتقد أن السلف رضي الله عنهم لما لم ينقل عنهم تحديد و لا توقيت و هم أهل الدين صدقا و أصحاب الذكر حقا دل على أنهم فهموا من الشرع عدم التحديد و التوقيت. و لن يستطيع آخر الأمة أن يأتي بهداية لم يأت بها أولها.
و نحن نجزم بأن السنة في فعله صلى الله عليه و سلم و قد ترك التحديد و أن الخير في اتباع من سلف وقد تركوا التحديد والتوقيت، فالبدعة و الشر في التحديد والتوقيت، و هو ما لم تتركه طريقة من الطرائق، و لنورد شيئا من كلام المحققين يخدم هذا الغرض.


------------------
(15) مثال ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة، وحمد الله ثلاثا وثلاثين مرة، وكبر الله ثلاثا وثلاثين مرة فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)).
(16) [ العنكبوت: 45].
(17) [ البقرة:152].
(18) [ الصافات:143].
(19) [ الأنبياء: 20].
(20) البخاري 7563 ومسلم 2694.
(21) مسلم حديث رقم 223.
(22) البخاري رقم 6407.
(23) جمع تارة: الحين.

رد مع اقتباس