إثباتُ نزولِ اللهِ إلى السماءِ الدنيَا
دلَّ على هذا قولُ النبي صلى اللهُ عليه و سلمَ الذي رواه الشيخانِ عن أبي هريرةَ قال : "ينزلُ ربنَا إلى السماءِ الدنيا حينَ يبقى ثلثُ الليلِ الآخر، فيقولُ : منْ يدعونِي فأستجيبَ له؟، من يسألني فأعطيَه؟، من يستغفرني فأغفرَ له؟".
فدل الحديثُ أن اللهَ تعالى ينزلُ إلى السماءِ الدنيا نزولًا حقيقيا يليقُ بجلاله، في كل ليالي العامِ، في الثلثِ الأخيرِ من الليل، فَيُشَوِّقُ عبادَه لدعائِه، و سؤاله، و استغفاره، و هذا من كمالِ رحمتِه و كرمه.
زيادةُ بعضِ العلماءِ "بذاتِه"
زادَ بعضُ الأئمةِ على قولِ : ينزلُ اللهُ إلى السماءِ الدنيا لفظةَ : بذاتِه، و هذا اضطرارًا منهم؛ لأنَّ بعضَ أهلِ الأهواءِ حرَّفُوا الحديثَ عن حقيقتِه.
قولُ أهلِ الأهواءِ في النزولِ و الردُّ عليهم
خالفَ أهلُ الأهواء أهلَ الحقِّ في نزولِ اللهِ تعالى و قالوا كلامًا باطلا، بَيَّنَ الأئمةُ بطلانه.
1 _ أن الذي ينزلُ أمرُ اللهِ تعالى.
و هذا مردودٌ؛ لأن نزولَ أمرِ اللهِ تعالى دائمًا و أبدا، و ليسَ منحصرًا في الثلثِ الآخرِ من الليل، قالَ الله تعالى {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة 5].
2 _ أن الذي ينزلُ رحمةُ اللهِ تعالى.
و هذا باطلٌ؛ لأن رحمةَ اللهِ تعالى غيرُ منحصرةٍ في هذا الوقتِ فقط، قالَ الله تعالى {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل 53].
و كذلكَ ما فائدةُ نزولِ الرحمةِ إلى السماءِ الدنيَا؟!.
3 _ أن الذي ينزلُ ملكٌ من الملائكةِ.
و هذا باطلٌ أيضا؛ فليسَ من المعقولِ أن يقولَ ملكٌ : من يدعوني فأستجيبَ له؟.
لأهلِ السنةِ في هذه المسألةِ ثلاثةُ أقوالٍ :
1 _ أنه يخلُو.
2 _ أنه لَا يخلُو.
3 _ التوقفُ.
اللهُ تعالى ينزلُ نزولا حقيقيًّا إلى السماءِ الدنيا، مع أنه عالٍ على خلقِه، فإن السماءَ لا تقله و لا تحيطُ به، و لا يلزمُ من نزولِه خلوُّ عرشِه، و الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى 11].
اتنقالُ ثلثِ الليلِ الأخيرِ حولَ العالمِ
ثلثُ الليلِ يكونُ في مكانٍ، ثم ينتقلُ إلى جهةٍ أخرى من هذا العالمِ، و هكذَا، و نحنُ نؤمنُ بنزولِ اللهِ تعالى في هذا الوقتِ المعينِ، و ليس لنا أن نسألَ عن كيفيةِ ذلك، فإذا كانَ ثلثُ الليلِ في مكانٍ فإن اللهَ تعالى نازلٌ، و هكذا.