عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11 Feb 2010, 05:54 PM
رائد علي أبو الكاس رائد علي أبو الكاس غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
الدولة: فلسطين
المشاركات: 90
افتراضي ويْـلَـكَ آمِـنْ

بسم الله الرحمن الرحيم


ويْـلَـكَ آمِـنْ


الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على نبينا محمد ,و على آله و صحبه أجمعين .
مِن الملاحظ انشغال كثير مِن الناس بالبحث و التحدث عن أخطاء و عيوب الآخرين , في حينأنهم غفلوا على أن يعترفوا بعيوبهم و أخطائهم , و لم يدركوا العيب الكبيرفي ذواتهم , و هذا مسلك خطير , كما قال أبو هريرة – رضي الله عنه- :" يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه و ينسى الجذع في عين نفسه "

( رواه البخاري في الأدب المفرد و هو صحيح )

فالإنسان لابد أنْ ينظر إلى ذاته أولاً , حتى إن وجد عيباً أو تقصيراً , فهو أكثر قدرة على تصحيحه من غيره .
ووصف الله الإنسان فقال :"بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولوألقى معاذيره "

وواقع بعض السفهاء يشهد على أنَّهم يختلقون لأنفسهم المعاذير و يبرّرون بها مسلكهم السيئ للآخرين , لكن لا يمكن له أنْ يخدع نفسه إنْ كان في وعيه و رشده .
و منهم مَنيظهر الأخلاق الحسنة أمام الناس , و إذا اختلى بنفسه خلع عنه هذه الفضائل , و لا يعلم هذا السفيه أنّ بصره و سمعه و جلده سيشهدون عليه يوم القيامة .
قال تعالى :" وما كنتم تستترون أنْ يشهد عليكم سمعُكم ولا أبصارُكم ولا جلودُكم ولكنْ ظننتم أنّ الله لا يعلم كثيراًمما تعملون"

يا مَنْ تأمن على نفسك : كُن صادقاً مع نفسك و الآخرين , و تقويمك لذاتك ينقذك مِنالتعرض لألسنة التشهير بك , و لسوء الظن أو الطعن في شخصك , فلماذا تنتظرانتقاد الآخرين لك .

فالتحدث و التتبع لعورات المسلمين , لا سيما إنْ كانوا مِن أصحاب المكانة العالية و النفوذ , كالأمراء و العلماء , فشعور هؤلاء بالانتقاد العلني يسبب المفاسد العظيمة , كما حذرنا النبي – صلى الله عليه و سلم - مِن هذا فقال :" مَن أراد أنْ ينصح لذي سلطان فلا يُبده علانية , و لكنْ يأخذ بيده فيخلو به فإنْ قبل منه فذاك و إلاّ كان أدّى الذي عليه " ( رواه أحمد بسند صحيح )

و قال – صلى الله عليه و سلم - :"أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم "

( رواه أبو داود و الحديث صحيح )

إنّ استخدام أسلوب الطعن و التشهير و التشكيك و التحذير , مِن أهل العلم والعلماء و طلابهم لمجرد هفوة أو زلة أو تقصير , ليست بالأساليب الممدوحة لتقويم الشخص , و علاج المشكلات , و تصحيح السلوك , لكنْ طريقة التعامل فيمثل هذه المواقف بالحكمة و الموعظة الحسنة و الرفق , و اللين و الاستغفارو الرجوع إلى الله بالتوبة النصوح , قال تعالى :" ادع إلى سبيل ربكبالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن "
و قال تعالى :" و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون "
و قال – صلى الله عليه و سلم - :" إنّ الله رفيق يحب الرفق , و يرضاه و يعين عليه مالا يعين على العنف .."

( رواه الطبراني و الحديث صحيح )

فإذا أعرض الإنسان عن هذا التوجيه القرآني و النبوي , فإنّ ضرره سيتعاظم أكثرفأكثر , فيكون سبباً في إعراض الناس , و عدم قَبولهم للحق , فيقع في ظلم نفسه و ظلم الآخرين , فحينئذ لا تنفع الآهات و لن تنفع الشكوى , و لا ينفع البكاء , و هذا كله بعد فوات الأوان .

يا مَن حياتكم السخرية بطلبة العلم , و مجالسكم الغيبة و النميمة , و الفُحش و الكذب وتمزيق الأعراض , و على أبصاركم الغشاوة , و في آذانكم وقر عن سماع الحق والإذعان له , و تسمعون بدروس العلم في بيوت الله , فتُعرضون عنها , فهؤلاءلا يعرفون طعم الإيمان , و لا لذة دروس العلم , و لا حق الأُخوّة و الصحبة .
أأمنتم مكر القوي العزيز ؟ أأمنتم انتقام ذي الانتقام ؟ ألا تخافون أنْ يأتيكم ملك الموت بغتة و أنتم على ذلك ؟.
قال تعالى :" أفأمنوا مكر الله فلا يأمنُ مكر الله إلا القوم الخاسرون "

ويلك آمن : أين أنت مِن إيمان أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – الذي قال فيه الرسول – صلى الله عليه و سلم–:
" لو وُزن إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر "

( رواه البيهقي في الشعب بسند صحيح )

ويلك آمن : أين أنت مِن إيمان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الذي قال فيه الرسول – صلى الله عليه وسلم –:
" لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب "

( رواه الترمذي و الحديث حسن )

فهذان الصحابيان اللذان كانا يخشيان على نفسيهما من مكر الله , أين أنتم منهما .

و اعلم أنّ احتقارك لإخوانك مِن طلبة العلم , وتكبرك عليهم , و الطعن فيهم و التحذيرمنهم , و الكذب عليهم , ليست قربى تتقرب بها إلى الله , كما تظن , فابتعدعن هذه المجالس , و لا تقترب مِن أصحابها , ثم سِر في طريق الهداية , طريقالعلم و العلماء مع إخوانك مِن طلبة العلم , انضم إليهم تشعر بطعم الحياةو حلاوة الإيمان , و يوم القيامة تحشرون جميعاً إلى جنات النعيم .

قال تعالى:" الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين , يا عباد لا خوفٌ عليكم اليوم و لا أنتم تحزنون ,الذين آمنوا بآياتنا و كانوا مسلمين , ادخلوا الجنة أنتم و أزواجكم تحبرون , يُطاف عليهم بصحافٍ مِن ذهبٍ و أكوابٍ وفيها ما تشتهيه الأنفس و تلذُّ الأعين و أنتم فيها خالدون , وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون , لكم فيها فاكهةٌ كثيرةٌ منها تأكلون "
و قال الله تعالى في الحديث القدسي :" وجَبتْ محبتي للمتحابين فيَّ و المتجالسين فيَّ و المتباذلين فيَّ و المتزاورين فيَّ " ( رواه أحمد و الحديث صحيح )
فنحن معشر السلفيين أحق الناس بالمحبة و التزاور والتناصح و التعاون, فهذه طريق النجاة من التفرق والتشرذم .
فما أعظمه من فضل , فلماذا تحرم نفسك من هذا النعيم , و تكون من أصحاب الظلمات و القيل و القال .

ويلك آمن : يا مَن تَتفكّه بأعراض المسلمين , تذكّر قول الله تعالى :" ما يلفظ مِن قول إلا لديه رقيبٌ عتيد "
أين أنت مِن تحذير النبي – صلى الله عليه و سلم – لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه - :" كُفّ عليك هذا , قلتُ : يا رسول الله و إنَّا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال :" ثكلتك أمك , و هل يكبُّ الناس على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم "

( رواه الترمذي و الحديث صحيح )


أين أنت مِن قول النبي – صلى الله عليه و سلم - :" إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفِّر اللسان , تقول : اتق اللهفينا , فإنّما نحن بك , فإنْ استقمت استقمنا , و إنْ اعوججت اعوججنا "

( رواه الترمذي و الحديث حسن )

و قوله – صلى الله عليه و سلم – لعقبة بن عامر – رضي الله عنه – عندما سأله عن النجاة ؟ قال :" أمسك عليك لسانك و ليسعُك بيتك و ابكِ على خطيئتك "

(رواه الترمذي و الحديث حسن )

أين أنت : يا مَن تُظهر الشماتة بإخوانك المسلمين مِن طلبة العلم , مِن تحذير النبي – صلى الله عليه و سلم - :
" لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله و يبتليك "

( رواه الترمذي و الحديث حسن )

ويلك آمن : يا مَن تظلم إخوانك مِن طلبة العلم و تكذب عليهم , مِن الوعيد الشديد لقوله – صلى الله عليه و سلم- :
" إن الله ليُملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته "

( متفق عليه )

ألا نتقي الله جميعاً في أنفسنا و أزواجنا و أولادنا و ذريّاتنا و إخواننا و علمائنا و مشايخنا و من لهم حق علينا .

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه

سمير المبحوح

27 / صفر / 1431 هـ

رد مع اقتباس