عرض مشاركة واحدة
  #69  
قديم 06 Apr 2015, 08:55 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)}
1- قوله تعالى: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} "أو" قيل هي بمعنى الواو كما قال : {آثِماً أَوْ كَفُوراً}، {عُذْراً أَوْ نُذْراً} وقال أبو حرزة جرير بن عطية التميمي (ت:110هـ) لم يثبت أمام شعره غير الفرزدق والأخطل: من البسيط
نالَ الخِلافَةَ أَوْ كانَت لَهُ قَدَراً *** كَما أَتى رَبَّهُ موسى عَلى قَدَرِ
أي: وكانت.
ويُروَى: ... إِذ كانَت لَهُ قَدَراً ...، وعليه فلا شاهد فيه.
2- وقيل: هي بمعنى: بَلْ، كقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} المعنى: بَلْ يزيدون، وقال الشاعر ويُنسب لذي الرُّمَّة: من الطويل
بَدَت مِثلَ قَرنِ الشَمسِ في رَونَقِ الضُحى *** وَصورَتِها أَو أَنتِ في العَينِ أَملَحُ

أي: بَلْ أنتِ.
3- وقيل : معناها الإبهامُ على المُخَاطَبِ، ومنه قول أبي الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن جَندل الدُّؤَليّ الكنانيّ تابعيّ، وهو أوَّل من نقط المصحف في أكثر الأقوال (ت:69هـ): من الوافر
أُحِبُّ مُحَمَّداً حُبّاً شَديداً *** وَعَبّاساً وَحَمزَةَ أَوْ عَلِيَّا
فَإِن يَكُ حُبُّهُم رُشداً أُصِبهُ *** وَفيهِم أُسوَةٌ إِن كانَ غَيّا
ويُروَى: وَالوصِيّا ، بَدَل: عَلِيًّا، وعليه فلا شاهد فيه.
ولم يشكَّ أبو الأسود أنَّ حبَّهم رشدٌ ظاهر، وإنَّما قصد الإبهام.
وقد قيل لأبي الأسود حين قال ذلك: شَكَكْتَ؟ قال: كلَّا، ثمَّ استشهد بقوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}، وقال: أَوَ كان شاكًّا مَنْ أخبر بهذا!
3- قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}، قال مجاهد بن جَبر: "ما تردَّى حجَرٌ من رأسِ جبلٍ، ولا تفجَّرَ نهْرٌ من حجَرٍ، ولا خرج منه ماءٌ، إلَّا من خشية الله، نزل بذلك القرآن الكريم" اهـ.
وحكى أبو جعفر محمد بن جرير الطبريّ - رحمه الله - عن فرقة: أنَّ الخشية للحجارة مستعارةٌ، كما استُعيرت الإرادةُ للجدار في قوله: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ}، وكما قال زيد بن مهلهل المُلَقَّب بـ: "زيد الخيل" لكثرة خيله أو لطراده الخيل، الطَّائي (ت:9هـ)، ويُنسَبُ لجرير: من الكامل
لَمّا أَتى خَبرُ الزُبَيرِ تَواضَعَت *** سورُ المَدينَةِ وَالجِبالُ الخُشَّعُ

وقيل: الضَّميرُ في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْهَا} راجع إلى القلوب لا إلى الحجارة، أي: من القلوب لما يخضَع من خشيه الله.
قال أبو عبد الله القرطبيّ - رحمه الله -: "كلُّ ما قيل يحتمله اللَّفظ، والأوَّل صحيح، فإنَّه لا يمتنع أن يُعطى بعضُ الجمادات المعرفةَ فيَعقِلُ، كالذي رُوي عن الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا خطب، فلما تحوَّل عنه حنَّ ..."اهـ.
******

رد مع اقتباس