عرض مشاركة واحدة
  #68  
قديم 04 Apr 2015, 12:21 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قال الله تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)}
1- قوله تعالى: {تُثِيرُ} في موضع رفعٍ على الصِّفة للبقرة، أي: هي بقرة لا ذلول مثيرة.
وقال قوم: {تُثِيرُ} فعل مُستأنَف، والمعنى: إيجاب الحرث لها وأنَّها كانت تحرث ولا تسقي. والقولُ الأوَّلُ أصحُّ لوجهين:
أحدهما: لأنَّ بعده: {وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ}، فلو كان مُستأنَفًا لَمَا جَمَعَ بين "الوَاوِ" و"لا".
الثاني: أنَّها لو كانت تثير الأرض لكانت الإثارة قد ذَلَّلَتْها، والله تعالى قد نفى عنها الذُّلَّ بقوله: {لا ذَلُولٌ}.
قال أبو عبد الله القرطبي -رحمه الله - : "ويَحتمِل أن تكون {تُثِيرُ الأَرْضَ}- في غيرِ العملِ -: مَرَحًا ونشاطًا، كما قال امرؤ القيس : من الطويل
يُهيلُ وَيُذري تُربَها وَيُثيرُهُ *** إِثارَةَ نَبّاثِ الهَواجِرِ مُخمِسِ
[ ويُروَى: َيُثيرُ وَيُذري تُربَها وَيُهيلُهُ ...]
فعلى هذا يكون {تُثِيرُ}: مستأنفا، {وَلَا تَسْقِي}: معطوف عليه، فتأمَّله.
وإثارة الأرض : تحريكها وبحثها" اهـ.
قال الأزهري - أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر الهروي ( ت: 370 هـ) - في "تهذيب اللُّغة" (ثار): "قال الأصمعيُّ: أراد بقوله: " نَبّاثِ الهَواجِرِ " يعني: الرَّجلَ الذي إذا اشتدَّ عليه الحَرُّ يثير التُّراب ليصل إلى بَرده، وكذلك يفعل الثَّور الوحشيُّ في شدَّة الحَرِّ" اهـ.
و" مُخمِسِ": هو صاحبُ الإبِل التي تَرِد خَمْسًا.

فوائد:
1- وقال - رحمه الله -: "وهذه الأوصافُ في البقرة سبَبُها أنَّهم شدَّدوا فشدَّد الله عليهم، ودين الله يُسْرٌ، والتَّعمُّقُ في سؤال الأنبياءِ وغيرِهم من العلماء مَذمومٌ، نسأل الله العافيةَ" اهـ.
2- وقال - رحمه الله -: "يقال: فَرَسٌ أَبْلَقُ، وكَبْشٌ أَخْرَجُ، وتَيْسٌ أَبْرَق، وغُرَابٌ أَبْقَعُ، وثَوْرٌ أَشْيَهُ، كلُّ ذلك بمَعْنى البُلْقَة، هكذا نصَّ أهلُ اللُّغةِ" اهـ، يعني: ما خُلِط من لَوْنَيْن.
3- وقال - رحمه الله -: "في قصَّة البقرة هذه: دليلٌ على أنَّ شَرْعَ مَنْ قبلَنا شَرْعٌ لنا، وقال به طوائفُ من المتكلِّمين وقومٌ مِن الفقهاء، واختارَهُ الكَرْخِيّ، ونصَّ عليه ابنُ بُكَيْر القاضي مِن علمائنا، وقال القاضي أبو محمد عبدُالوهَّاب: هو الذي تقتضيه أصولُ مَالِكٍ ومَنازِعُه في كُتبِه، وإليه مَالَ الشَّافعيّ، وقد قال اللهُ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}" اهـ.

******

رد مع اقتباس