عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 16 Aug 2013, 03:15 AM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي

أهل السنة يذكرون ما لهم و ما عليهم
قد مر معنا حديث لو وضعوا الشمس في يميني ، و كيف رده أهل الإختصاص و أنه باطل لا يحتج به ، و حتى نكون منصفين سنذكر و نبين مما له أصل في كتب السير من هذه المحاورة فأهل السنة يذكرون ما الهم و ما عليهم ، ففي المشهد قال أحد المشركين : إن كان يريد مالا جعلناه أكثرنا مالا و إن كان يريد جاها جعلناه سيدا علينا ، إن كان يريد ملكا ملكناه علينا ، إن أراد السلطان أعطيناه مفاتيح الكعبة .
قال الشيخ ربيع حفظه في منهج الأنبياء :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( اجتمعت قريش يوماً فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت شملنا وعاب ديننا، فليكلمه وينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحداً غير عتبة بن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة، فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال: إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك، فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم، فتكلم، حتى نسمع قولك، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا وشتتت أمرنا، وعبت ديننا وفضحتنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، والله ما ننظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى.
أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش فلنزوجك عشراً.
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( فرغت ).
قال: نعم.
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: بسم الله الرحمن الرحيم { حم* تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ* وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ* قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ* الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ* قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ* وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ* ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ* فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ* } [فصلت:1-13].
فقال عتبة: حسبك ! حسبك ! ما عندك غير هذا؟
قال: ( لا ) .
فرجع إلى قريش، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئاً أرى أنكم تكلمونه إلا كلمته، قالوا: فهل أجابك؟ قال: لا والذي نصبها بنية، ما فهمت شيئاً مما قال غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، قالوا: ويلك أيكلمك الرجل بالعربية ما تدري ما قال؟ قال: لا والله ما فهمت شيئاً مما قال غير ذكر الصاعقة) ([1]).
و قال الشيخ ربيع : أرسلت قريش لما أقلقها أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عتبة بن ربيعة فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:
( يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم، ودينهم، وكفّرت به من مضى من آبائهم فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها).
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( قل يا أبا الوليد أسمع ).
قال: يا ابن أخي ! إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون من أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً سوّدناك حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه أو كما قال له،حتى إذا فرغ عتبة، ورسول الله صلى الله عليه و سلم يستمع منه، قال: ( أفرغت يا أبا الوليد؟ ).
قال: نعم.
قال: ( فاستمع مني).
قال: أفعل.
قال: بسم الله الرحمن الرحيم { حم* تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ*... }.
ثم مضى فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرؤها عليه.
فلما سمع منه عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليها يسمع منه ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى السجدة منها فسجد ثم قال:
( قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك... ).
فذهب عتبة إلى قريش فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به، قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه، قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم) ([2]).
وروى ابن إسحاق بإسناده إلى ابن عباس أنه اجتمع نفر من قريش وعرضوا على رسول الله -r- عرضاً قريباً من عرض عتبة ومقالته لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأجابهم صلى الله عليه و سلم بقوله:
( ما بي ما تقولون، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل عليَّ كتاباً وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالات ربّي، ونصحت لكم؛ فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظّكم في الدنيا والآخـرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله، حتى يحكم الله بيني وبينكم...) ([3]).
ومن هنا رفض رسول الله صلى الله عليه و سلم طلب بعض القبائل أن يكون الأمر لهم بعد موته، إن صحَّ هذا الخبر.
قال ابن إسحاق: وحدثني الزهري أنَّه أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله - عز وجلّ - وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم - يقال له: بيحرة بن فراس -: والله لو أنَّي أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثمّ قال: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثمّ أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟
قال: ( الأمر إلى الله، يضعه حيث يشاء ).
فقال له: أفتهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله، كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك فأبوا عليه([4]).
وخلاصة هذا: أنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما جاءوا لإسقاط دول وإقامة أخرى، ولا يطلبون ملكاً ولا ينظّمون لذلك أحزاباً، وإنّما جاءوا لهداية النَّاس وإنقاذهم من الضلال والشرك وإخراجهم من الظلمات إلى النور وتذكيرهم بأيَّام الله.
ولو عرض عليهم الملك لرفضوه، ومضوا في سبيل دعوتهم.
وعرضت قريشٌ الملك على رسول الله صلى الله عليه و سلم فرفضه.
وقد عرض عليه أن يكون ملكاً نبياً أو عبداً رسولاً، فاختار أن يكون عبداً رسولاً.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل فقال جبريل: إنَّ هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل الساعة، فلما نزل، قال: يا محمد! أرسلني إليك ربّك قال: أفملكاً نبيّاً يجعلك أو عبداً رسولاً؟! قال جبريل: تواضع لربّك يا محمد، قال: بل عبداً رسولاً)([5]).
و نقلت هذه الخلاصة التي من عند هذا الإمام الجهبذ تمهيدا لما سبينه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى بما يتعلق بخروج المسلمين هاتفين بدينهم !!!كما صورها الفيلم ،و التي يستدل بها أهل الأهواء في جواز الخروج للمظاهرات فنسأل الله تبارك و تعالى أن يوفقنا لهذا العمل و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

- يتبع _

=======
تنبيه كل ما في حاشية هذه الحلقة من تعليقات الشيخ ربيع و قد نسيت أن اذكر هذا في بعض المتديات و هذه غفلة مني ، و حتى لا أنسب إلي جهد هذا الإمام نبهت على الخطأ هنا فأسأل الله أن يغفر لي زلتي .

([1]) المنتخب من مسند عبد بن حميد (ص:208)، رقم(1141)، ومسند أبي يعلى الموصلي (101)، كلاهما عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن محمد عن الأجلح عن الذيال بن حرملة الأسدي عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً.
قال ابن كثير في تفسيره (7/151) بعد أن ساق الحديث بإسناده عن عبد بن حميد وأبي يعلى: وقد ساقه البغوي في تفسيره بسنده عن محمد بن فضيل عن الأجلح وهو ابن عبد الله الكندي وقد ضعف بعض الشيء عن الذيال ... .
لكن الحافظ قال عنه في التقريب (1/46): صدوق شيعي من السابعة، وقال الذهبي في الكاشف (1/99): وثقه ابن معين وغيره وضعفه النسائي وهو شيعي.
وشيخه الذيال قال الحافظ عنه في تعجيل المنفعة (ص:84): (عن جابر وابن عمر والقاسم بن مخيمرة، وعنه فطر بن خليفة وحصين والأجلح وحجاج بن أرطأة: وثقه ابن حبان). وبقية رجال الإسناد ثقات.
([2]) أورده ابن إسحاق في السيرة قال: حدثني يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي، قال: حدثت أن عتبة بن ربيعة ...، وساق القصة، السيرة لابن هشام (1/293-294).
ولها شاهد من حديث جابر، أخرجه عبد بن حميد وأبو يعلى تقدم تخريجه (ص:96)، وبه تتقوى القصة وتعتضد.
([3]) السيرة لابن هشام (1/295-296)، قال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعن عكرمة مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: اجتمع نفر من قريش عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان ... .
وهذا يقوي ما قبله ويشد كل منهما الآخر.
([4]) السيرة لابن هشام (1/424-425)، والسيرة النبوية للذهبي (ص:189-190).
([5]) مسند أحمد (2/231) وابن حبان كما في الموارد (ص:525) رقم (2137)، كلاهما من طريق محمد بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قال الألباني في الصحيحة (3/4): وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه البغوي في شرح السنَّة (13/248-249)، وسنده ضعيف


التعديل الأخير تم بواسطة بلال بريغت ; 16 Aug 2013 الساعة 03:23 AM
رد مع اقتباس