عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27 Apr 2014, 09:18 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي ضعف حديث: "إن لجهنم سبع قناطر"

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فقد جرى بيني وبين بعض الإخوة الأفاضل حوار شيق حول حديث: "إنَّ لجهنم سبع قناطر" فتمخض عنه هذا البحث الذي بين أيديكم، وهو ينتظر آراء طلاب العلم، وانتقاداتهم، والله أعلم.فأقول والله المستعان:
قال ابن أبي حاتم في تفسيره (10 / 3427) برقم: 19269، عند تفسير قوله تعالى: "إنَّ ربَّك لبالمرصاد": حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد بن مسلم، عن صفوان بن عمرو عن أيفع بن عبد الكَلاعي، أنه سمعه – وهو يعظ الناس – يقول: إن لجهنم سبع قناطر، قال: والصراط عليهن، قال: فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى، فيقول: "فقفوهم إنهم مسؤلون"، قال: فيحاسبون على الصلاة، ويُسألون عنها، قال: فيهلك فيها من هلك، وينجو من نجا، فإذا بلغوا القنطرة الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدَّوْها؟ وكيف خانوها؟ قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا، فإذا بلغوا القنطرة الثالثة سئلوا عن الرَّحم كيف وصلوها؟ وكيف قطعوها؟ قال: فيهلك من هلك وينجو من نجا، قال: والرَّحم يومئذ مدليَّة إلى الهوي في جهنم، تقول: اللهم من وصلني فصله، ومن قطعني فاقطعه، قال: وهي التي يقول الله عز وجل: "إن ربك لبالمرصاد"، ولم يعلق عليه المحقق بشيء، ولا أدري لم سمَّى عمله تحقيق وكتبه بالخط المذَهَّب، ولم يزد على أن قال في الحاشية: ابن كثير( ج8 / 419)، ولما رجعت إلى تفسير ابن كثير – رحمه الله – وجدته قال عقب إيراده للأثر: "هكذا أورد هذا الأثر، ولم يذكر تمامه" اهـ. وحذفه أحمد شاكر من مختصره (ج3 / 683) ولم ينبه عليه.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور"، وفيه علتان:
1- الوليد بن مسلم ثقة يدلس وقد عنعنه. قال الذهبي: "كان الوليد واسع العلم، ثقة، لكنه يدلس". اهـ، وقال أحمد: "هو كثير الخطأ"، وقال أبو مسهر: "كان الوليد بن مسلم يحدث بأحاديث الأوزاعي عن الكذابين ثم يدلسها عنهم"."تهذيب تهذيب الكمال" (ج9 / 383)، قلت: وحديثه عند الجماعة من الكتب الستة.
2- وأما أيفع بن عبد الكَلاعي قال في "اللسان" (ج2 / 233): "أيفع بن عبد الكَلاعي روى عن راشد بن سعد، وغيره، وأرسل عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، روى عنه صفوان بن عمرو، وحَرِيز بن عثمان، قال أزدي: لا يصحُّ حديثه، قلت (يعني: الحافظ): رُويناه بعلوٍّ في "مسند الدارمي"، وقد غلط فيه بعضهم فعدَّه في الصحابة، وقد بينته في كتابي "الإصابة" اهـ. وانظر "الإصابة" (1 / 262) توفي سنة ستٍّ ومائة، قال الذهبي في "تارخ الإسلام" (ج7 / 29): "شاميٌّ أظنه خطب بحمص روى عن ابن عمر وأرسل حديثين عن النبي – صلى الله عليه وسلم –" اهـ. وورد في "الوافي بالوفيات" للصفدي (ج10 / 16 تر: 233): "أيفع بن ناكور ذو الكُلاع صحابي" اهـ، وورد - أيضا - في " التهذيب" و"تهذيب التهذيب" لابن حجر، وكذا الذهبي في "تهذيبه" ومغلطاي في "تهذيبه" - أيضا - غير منسوب، قال الحافظ: قال البخاري: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات" وذكره العقيلي وابن عدي وابن الجارود في "الضعفاء"، والله أعلم. اهـ
وروي الحديثَ مرفوعا، كما في "معجم الطبراني الكبير" عن أبي أمامة يرفعه: حَدَّثَنَا بَكْرُ بن سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن يُوسُفَ، حَدَّثَنَا كُلْثُومُ بن زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بن حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ غَازِيًا، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِحِمْصَ، خَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ لأَشْتَرِيَ مَا لا غِنًى لِلْمُسَافِرِ عَنْهُ، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، قُلْتُ: لَوْ أَنِّي دَخَلْتُ فَرَكَعْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا دَخَلْتُ نَظَرْتُ إِلَى ثَابِتِ بن مَعْبَدٍ، وَابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، وَمَكْحُولٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَتَيْتُهُمْ فَجَلَسَتُ إِلَيْهِمْ، فَتَحَدَّثُوا شَيْئًا، ثُمَّ قَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، فَقَامُوا وَقُمْتُ مَعَهُمْ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ رَقَّ وَكَبِرَ، وَإِذَا عَقْلُهُ وَمَنْطِقُهُ أَفْضَلُ مِمَّا نَرَى مِنْ مَنْظَرِهِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَا حَدَّثَنَا، أَنْ قَالَ: إِنَّ مَجْلِسَكُمْ هَذَا مِنْ بَلاغِ اللَّهِ، إِيَّاكُمْ وَحُجَّتِهِ عَلَيْكُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَإِنَّ أَصْحَابَهُ قَدْ بَلَغُوا مَا سَمِعُوا، فَبَلَّغُوا مَا تَسْمَعُونَ:"ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: رَجُلٌ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلامٍ".ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ فِي جَهَنَّمَ جِسْرًا لَهُ سَبْعُ قَنَاطِرَ عَلَى أَوْسَطِهِنَّ الْقَضَاءُ، فَيُجَاءَ بِالْعَبْدِ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى الْقَنْطَرَةِ الْوُسْطَى، قِيلَ لَهُ: مَاذَا عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ؟ وَتَلا هَذِهِ الآيَةَ "وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا" [النساء: 42]، قَالَ: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، فَيُقَالُ لَهُ: اقْضِ دَيْنَكَ، فَيَقُولُ: مَا لِي شَيْءٌ، وَمَا أَدْرِي مَا أَقْضِي؟ فَيُقَالُ: خُذُوا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَمَا زَالَ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ حَتَّى مَا تَبْقَى لَهُ حَسَنَةٌ حَتَّى إِذَا أُفْنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قِيلَ: قَدْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، يُقَالُ: خُذُوا مِنْ سَيِّئَاتِ مَنْ يَطْلُبُهُ، فَرَكِبُوا عَلَيْهِ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالا يَجِيئُونَ بِأَمْثَالِ الْجِبَالِ مِنَ الْحَسَنَاتِ، فَمَا يَزَالُ يُؤْخَذُ لِمَنْ يَطْلُبُهُمْ حَتَّى مَا تَبْقَى لَهُمْ حَسَنَةٌ".
وسنده ضعيف، وعلته:
1- شيخ الطبراني بكرُ بن سهل الدّمياطي أبو محمد مولى بني هاشم، توفي سنة تسع وثمانين ومائتين وهو مقارب الحديث، قال النسائي: ضعيف، قال مسلمة بن قاسم: تكلَّم الناس فيه، وضعَّفوه.
2- وكلثوم بن زياد قاضي دمشق، ضعفه النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". "اللسان" (ج6 / 423).
فالأثر لا يثبت، ومتنه من الأمور التي لا مجال للرأي فيها، فيحتاج إلى نقل صحيح والله أعلم.
والأثر يروى عن ابن عباس – أيضا – كما في تفسير القرطبي (ج22 / 274 )، وقال محقِّقه: "ذكره بنحوه السمعاني في تفسيره (6 / 221)، والواحدي في الوسيط (4 / 483)، وأخرجه بنحوه - أيضا- البيهقي في "الأسماء والصفات" (915) عن مقاتل بن سليمان قوله. اهـ.
قلت: وهو في "تفسير مقاتل"، وتفسير "حقّي". هذا ما بلغ به اجتهادي، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن الشيطان ونفسي الأمارة بالسوء، والله أعلم.

والموضوع للمذاكرة لمن أراد الإفادة.

رد مع اقتباس