عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24 Oct 2017, 12:10 AM
أبو عبد الله بلال يونسي أبو عبد الله بلال يونسي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 283
افتراضي

بارك الله فيك

وزيادة في الفائدة حول وجوب رد الخطأ على أي كان وآداب الردود العلمية خاصة على الأئمة الكبار أمثال شيخنا العباد حفظه الله:

فأسوق هنا مقدمة كتاب:
تأملات في كتاب رفقاً أهل السنة بأهل السنة

تأليف
الشيخ مليحان بن مرهج بن مليحان الفايد الرشيدي


قال الشيخ الإمام أبو محمد بن تميم الحنبلي – رحمه الله – وهو يصف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل – رحمه الله -: ( وكان يأمر بإظهار العلم . وقال في الحبس ، وهو مهدد بالضرب والقتل : إذا سكت الجاهل لجهله ، وأمسك العالم تقية ، فمتى تقوم لله حجة ؟ )

عقيدة الإمام أحمد بن حنبل لأبي محمد بن تميم الحنبلي – رحمه الله - ( ملحق بطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى : 2/279) .



قال الشيخ إسحاق ابن غانم العلثي - رحمه الله -: ( ... ولو كان لا ينكر من قل علمه على من كثر علمه إذا لتعطل الأمر بالمعروف ، وصرنا كبني إسرائيل حيث قال تعالى : ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ) ، بل ينكر المفضول على الفاضل ، وينكر الفاجر على الولي ، على تقدير معرفة الولي . )

ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب : 4/206 .



وقال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -:( وكذلك المشائخ والعارفون كانوا يوصون بقبول الحق من كل من قال الحق صغيرا كان أو كبيرا وينقادون له ) الحكم الجدير بالإذاعة : ص 126 .







بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .

أما بعد ،،،

فهذه تأملات و تعليقات ومناقشات لما أورده الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر – حفظه الله وسدد على طريق الحق خطاه – في كتابه ( رفقا أهل السنة بأهل السنة ) .

كتبتها دفاعا عن السنة وأهلها ، وحفاظا على كرامة الشيخ العباد – حفظه الله – ومكانته .

قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله -: ( ولولا أن حق الحق أوجب من حق الخلق لكان في الإمساك فسحة ومتسع .)(1).

وقد استغل كلام الشيخ – حفظه الله – في كتابه المزبور ، أهل الفتن في هذا العصر في ضرب السنة ، وأهلها ، والتشغيب عليهم بكلام عالم من علماء السنة ، له قدره ووزنه عندهم ، و أهل الشغب على أهل السنة – من المسلمين في هذا الزمان وفي كل زمان - على صنفين :

–الصنف الأول : الفرق الضالة أهل الأهواء والبدع كالسرورية - أفراخ الخوارج والمعتزلة - والتبليغية - أفراخ الصوفية - وغيرها من فرق الضلال .

وقد منَّ الله على الشيخ العباد – حفظه الله – فقام بقطع الطريق على هؤلاء فأصدر بيانا ، بين فيه أنه لا يريد بكتابه آنف الذكر الخلاف الواقع بين أهل الحق والعدل والصدق حماة السنة والشريعة ، وبين أفراخ الخوارج والصوفية ، بل أراد به الخلاف الواقع بين أهل السنة فحسب ! كما يراه الشيخ – حفظه الله - .

- الصنف الثاني : المتلبسين بالسنة الملبسين على أهلها ، وهم أعظم خطرا على أهل السنة ، وأشد فتكا في شبابها من غيرهم .

وعلى رأس هؤلاء في هذا الزمان : (عرعور ، ومغراوي ، ومأربي) - رد الله كيدهم لأهل السنة في نحورهم - فالفتنة بهم أعظم وأخطر بكثير من أهل البدع الواضحين ، وذلك لدعواهم أنهم من أهل السنة السلفيين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: ( وأعداء الدين نوعان : الكفار ، والمنافقون ... وإذا كان أقوام ليسوا منافقين ، لكنهم سماعون للمنافقين : قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقا ، وهو مخالف للكتاب ، وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين ، كما قال تعالى : { لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ، ولأوضعوا خلالكم : يبغونكم الفتنة ، وفيكم سماعون لهم } فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء ؛ بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم ...

وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين ، فلا بد من التحذير من تلك البدع ، وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم ؛ بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق ؛ لكن قالوها ظانين أنها هدى ، وأنها خير ، وأنها دين ، ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها . )(2).

فلهذا لا غرو أن يخفى حال هؤلاء على بعض أهل العلم ، فضلا عن كثير من طلبة العلم ، وعامة المسلمين ، ولكن لابد أن يكون في هذه الأمة من أهل العلم من يقوم بواجب البيان ، وإظهار الحق والرد على أهل الزيغ ؛ يحفظ الله به دينه ، ويقيم به حججه على الناس ، فمن أولئك الذين أقامهم الله لحفظ دينه ، وحمايته من التحريف ، والتبديل في عصرنا الحاضر العلامة الناقد الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي- حفظه الله وبارك في عمره ووقته وثبتنا الله وإياه على الإسلام والسنة - فله - يحفظه الله - صولات وجولات في رد الباطل على أهله ، وتحذير المسلمين والنصح لهم جزاه الله خير ما جزى عالما عن أمته .

قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله -: ( وها هنا أصل يجب اعتماده ، وهو أن الله سبحانه عصم هذه الأمة ، أن تجتمع على ضلالة ولم يعصم آحادها من الخطأ لا صديقا ولا غيره لكن إذا وقع في بعضها خطأ فلا بد أن يقيم الله فيها من يكون على الصواب ؛ لأن هذه الأمة شهداء الله في الأرض ، وهم شهداء على الناس يوم القيامة ، وهم خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ؛ فلابد أن تأمر بكل معروف وتنهى عن كل منكر ؛ فإذا كان فيها من يأمر بمنكر متأولا فلابد أن يقيم الله فيها من يأمر بذلك المعروف .)(3).



وفي ظل الحملة الشعواء التي يقوم بها أتباع الثلاثة المذكورين آنفا - ومن سلك مسلكهم- على أهل السنة، كان المنتظر من الشيخ العباد – حفظه الله – وهو العالم السلفي ، أن يُدلي بدلوه في نصرة الحق ، وأهله بالعلم والعدل ، فيأت على المسائل المختلف فيها بالتفصيل والتبيين والتقعيد ، ولكن وللأسف الشديد لم يكن شيء من ذلك ، بل ألف – يحفظه الله – كتابه المسمى بـ ( رفقا أهل السنة بأهل السنة ) ، وتطرق فيه إلى المسائل التي هي المحك بين المختلفين كـ ( الموقف ممن أخطأ من أهل السنة ، وهل لنا أن نستعمل الشدة معه ، ثم هل يخرج من السلفية ، وهل يحذر من خطئه ، وهل ذلك من الغيبة والتجسس ، وغيرها من المسائل ) ، ولكن بكلام مجمل وعام ، يمكن أن ينزله كلا الطرفين على الأخر ؛ فزاد - دون أن يقصد – الخلاف عمقا وبعدا ، فلذا جاء تحذير بعض أهل العلم من توزيع كتابه ونشره .

ولعلي في هذه التأملات أسلط الضوء على شيء من كلامه الذي اشتمل على الإجمال والتعميم ، ثم أتعقبه بالبيان والتفصيل من كلام أهل العلم .



ثم اعلم أخي في الله أننا – معاشر السلفيين - أحق بالشيخ العباد – حفظه الله – من أهل البدع .

قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله -: ( فأهل الحق أولى بأهل الحق من أهل الباطل ، فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ،والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض)(4).

وهو – يحفظه الله - حبيب إلينا ، ولكن الحق أحب إلينا منه .



قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله – في معرض رده على شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري – رحمه الله -: ( شيخ الإسلام حبيبنا . ولكن الحق أحب إلينا منه … وله المقامات المشهورة في نصرة الله ورسوله . وأبى الله أن يكسو ثوب العصمة لغير الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم … ونحن نشهد بالله أن هذا تلبيس على شيخ الإسلام . فالتلبيس وقع عليه . ولا نقول : وقع منه . ولكنه صادق لُبِّس عليه . ولعل متعصبا له يقول : أنتم لا تفهمون كلامه . فنحن نبين مراده على وجهه إن شاء الله . ثم نتبع ذلك بما له وعليه .)(5).





وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – : ( ... نحن إذا رددنا على بعض أهل العلم ، وبعض الفضلاء ؛ ليس معنى هذا أننا نبغضه أو نتنقصه ، وإنما نبين الصواب ، ... ولا تفهموا أن الرد على بعض العلماء في مسألة أخطأ فيها معناه تنقص له أو بغض ، بل مازال العلماء يرد بعضهم على بعض ، وهم إخوة متحابون ... يجب أن نعرف هذا ، ولا نتكتم على الخطأ محاباة لفلان ، بل علينا أن نبين الخطأ ...)(6).

وعليه ( لا يمنعنا تعظيمه ومحبته من تبيين مخالفة قوله لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونصيحة الأمة بتبيين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونفس ذلك الرجل المحبوب المعظم لو علم أن قوله مخالف لأمر الرسول فإنه يحب من يبين

للأمة ذلك ويرشدهم إلى أمر الرسول ، ويردهم عن قوله في نفسه ، وهذه النكتة تخفى على كثير من الجهال بسبب غلوهم في التقليد ، وظنهم أن الرد على معظم من عالم وصالح تنقص به ، وليس كذلك )(7).

( ولو كان لا ينكر من قل علمه على من كثر علمه إذا لتعطل الأمر بالمعروف ، وصرنا كبني إسرائيل حيث قال تعالى : ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ) ، بل ينكر المفضول على الفاضل ، وينكر الفاجر على الولي ، على تقدير معرفة الولي . )(8).

فـ ( المشائخ والعارفون كانوا يوصون بقبول الحق من كل من قال الحق صغيرا كان أو كبيرا وينقادون لقوله ) (9).

( وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول : ( كذب فلان ) ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " كذب أبو السنابل " لما بلغه أنه أفتى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى تأتي عليها أربعة أشهر وعشرا .

وقد بالغ الأئمة الورعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردها أبلغ الرد ، كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها ، ويبالغ في ردها عليهم . هذا كله حكم الظاهر . وأما في باطن الأمر فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ، ولئلا يغتر الناس بمقالات من أخطأ في مقالاته ، فلا ريب أنه مثاب على قصده ، ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم .

وسواء كان الذي بين الخطأ صغيرا أو كبيرا . وله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأنكرت عليه من العلماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك .

ومن رد على سعيد بن المسيب قوله في إباحته المطلقة ثلاثا بمجرد العقد وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة ، ورد الحسن قوله في ترك الإحداد على المتوفى عنها زوجها ... وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذ بها عن العلماء . وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ومحبتهم والثناء عليهم . )(10).



وكان المؤمل بعد هذه المدة ، وظهور بعض الآثار غير المرضية في صفوف الشباب السلفي ؛ بسبب كتاب الشيخ العباد – يحفظه الله – ، أن يصدر بيانا ينصر فيه أهل السنة ، وينغص على الذين يصطادون في الماء العكر فرحتهم ، وشماتتهم بتفرق أهل السنة ! وانشغال بعضهم ببعض ! ، ولكن لم يكن شيء من ذلك أيضا ولا حول ولا قوة إلا بالله .



قال السرخسي – رحمه الله - : ( قال ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت لرشدك أن تراجع الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل وفيه دليل أنه إذا تبين للقاضي الخطأ في قضائه بأن خالف قضاؤه النص أو الإجماع فعليه أن ينقضه ولا ينبغي أن يمنعه الاستحياء من الناس

من ذلك فإن مراقبة الله تعالى في ذلك خير له ... فمن ابتلي بشيء من ذلك فليراقب الله تعالى وهذا ليس في القاضي خاصة بل هو في كل من يبين لغيره شيئا من أمور الدين الواعظ والمفتي والقاضي في ذلك سواء إذا تبين له أنه زل فليظهر رجوعه عن ذلك فزلة العالم سبب لفتنة الناس كما قيل إن زل العالم زل بزلته العالم ولكن هذا في حق القاضي أوجب لأن القضاء ملزم وقوله الحق قديم يعنى هو الأصل المطلوب ولأنه لا تنكتم زلة من زل بل يظهر لا محالة فإذا كان هو الذي يظهره على نفسه كان أحسن حالا عند العقلاء من أن تظهر ذلك عليه مع إصراره على الباطل )(11) .



ولست أشك أنا أو غيري من أهل السنة أن الشيخ العباد – حفظه الله – أراد بكتابه (رفقا أهل السنة بأهل السنة ) خيرا للدعوة السلفية ، ولكن ليس كل مريد للخير مدركه وحسبه في ذلك الأجر الواحد – إن شاء الله - .

ويقال له كما قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله – لشيخ الإسلام الأنصاري – رحمه الله - : ( والله يشكر لشيخ الإسلام سعيه ، ويعلي درجته ويجزيه أفضل

جزائه ويجمع بيننا وبينه في محل كرامته فلو وجد مريده سعة وفسحة في ترك الاعتراض عليه واعتراض كلامه لما فعل )(12) .



وأقول لمن يقرأ هذه التأملات ، حذاري أخي – رحمني الله وإياك – أن تكون ممن يعرف الحق بالرجال ، فترد هذه التأملات جملة وتفصيلا ؛ لأن كاتبها نكرة يرد على عَلَم معروف ، أو مغمور يرد على عالم مشهور ، ونحو ذلك من تلبيسات الشيطان التي يصد بها من اتبعه عن الصراط المستقيم .

فإذا كنا نعتقد أن أقوال الرجال يحتج لها لا بها ، كان الواجب علينا حينئذ أن ننظر في الأقوال ومآخذها .

قال الزركشي – رحمه الله - : ( فإنا لا ننظر إلى القائلين وإنما ننظر إلى الأقوال ومآخذها )(13) .

قال العلامة التويجري – رحمه الله - : ( فإن العلماء لا تعظم أقدارهم ويعتد بأقوالهم بمجرد التفخيم لهم والتنويه بذكرهم ، وإنما يعتبرون باتباع الحق واجتناب الباطل ، فمن قال منهم بما يوافق الكتاب والسنة فقوله مقبول ، ولو كان خامل الذكر عند الناس . ومن قال بما يخالف الكتاب والسنة فقوله مردود ، ولو كان مشهورا عند الناس ) (14) .



ثم أقول كما قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله – : (وهذا غاية جهد المقل في هذا الموضع فمن كان عنده فضل علم فليجد به أو فليعذر ولا يبادر إلى الإنكار فكم بين الهدهد ونبي الله سليمان وهو يقول له { أحطت بما لم تحط به } النمل 22 وليس شيخ الإسلام أعلم من نبي الله ولا المعترض عليه بأجهل من هدهد . وبالله المستعان . وهو أعلم ) (15).

والله أسأل أن يجعل ما قصدته في هذا الكتاب وفي غيره خالصا لوجهه الكريم ونصيحة لعباده لا رياء فيه ، ولا سمعة ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

نقله بلال يونسي

رد مع اقتباس