عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 25 Apr 2010, 09:28 PM
أحمد سالم أحمد سالم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائري مقيم في فرنسا
المشاركات: 608
افتراضي

فهذه كلمة الشيخ الفاضل عز الدين رمضاني الجزائري -حفظه الله تعالى- إثر التفجيرات الإرهابية الأخيرة في الجزائر التي خلفت قرابة 60 قتيلا مسلما أو أكثر ، و ناهيك عن الجرحى و الخسائر المادية ، مصداقا لقوله -صلى الله عليه و سلم : (( يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان ))

تفريغ الكلمة:


تعلمون معشر الحضور ما يحدث في بلاد المسلمين -على وجه العموم ، وفي بلادنا على وجه الخصوص من الأمور التي يستنكرها العاقل ، فضلا عن المسلم الفقيه البصير بأحكام وتعاليم دينه .

ولا يخفى عليكم ما للمؤمن من حُرمة عظيمة عند الله -سبحانه وتعالى- ؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يستغل المجامع العظيمة كالجمعة و أيام الحج نالحج الأكبر ؛ فكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يذكرهم بهذا الأمر ، وهو وجوب الحفاظ وعدم الاعتداء على حرمة المسلم في ماله وفي عرضه وفي دمه .

هذه ثلاثة أمور جاء الشرع بالتنبيه عليها ؛ إذ لا يجوز لمسلم أن يأخذ مال أخيه المسلم نهبا أو سرقة أو غشا أو احتيالا ؛ لأنه لا يحل لمسلم أن يأخذ مال أخيه إلا بطيب نفسٍ ، حتى ولو أعطاه ذلك المال وهو مُكرِه أو مُكرَه لهذا الفعل ، فإن هذا لا يكون حلالا على الآخذ ؛ والله – سبحانه وتعالى – في آية عظيمة في سورة البقرة -وهي أطول آية في القرآن الكريم- في قوله – جل وعلا- :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ﴾ هذه الآية قال عنها بعض أهل العلم أنها أرجى آية في كتاب الله ؛ وقالوا أن وجه الرجاء فيها أن الله -سبحانه وتعالى- حافظ فيها على مال المسلم ، صغيرا كان أو كبيرا ، قليلا كان أو كثيرا ؛ فأوجب ما أوجب من الأحكام في حفظه والمحافظة عليه ؛ قالوا إذا كان هذا في المحافظة على مال المسلم -الذي هو في الأصل مال الله- يأتي وينهب ، فما بالكم بحرمة دم المسلم .

وكذلك ما جاء في الحفاظ على عرض المسلم ؛ عرض المسلم مصان ، سواءً في نفسه أو في أهله ؛ وتعلمون ما جاء من النصوص الكثيرة نصوص الوعيد في من يغتاب المسلمين ويتعرض لنهب أعراضهم ويتكلم فيهم بغير حق ، أو يتكلم في أهلهم وذويهم ، ما جاء من الوعيد الشديد في ذلك .

وكل هذا فإنه لا يصل ذلك التحذير الذي جاء في عدم الاعتداء أو المساس بحرمة المسلم في دمه ؛ ولهذا حرم الله -سبحانه و تعالى- لغير الحاكم أن ينفذ الحدود ؛ فبعض الحدود فيها إزهاق للنفس أو إزهاق للروح ، ولكن هذا بحق ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى – شرع القصاص لتكون الحياة في ناس كما قال الله – سبحانه وتعالى - : ﴿ ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ﴾ ومع ذلك فإن الحاكم إذا لم ينفذ هذه الحدود -لسبب أو لآخر- فإنه لا يجوز لأحد غيره أن يتولى هذه المهمة ؛ ولهذا لابد أن يصبر الناس على ما ينالهم من الأذى ؛ ولهذا لا يستطيع الإنسان أن يقيم الحد بنفسه .

هذا إذا كان الإنسان معتديا ، إذا كان الإنسان ظالما ،إذا كان الإنسان يسرق ، ويفعل و إلى غير ذلك ؛ لا يجوز للناس أن يقيموا عليه الحد ؛ لا يجوز أن يقطعوا يده ولا أن يزهقوا روحه ، إلا للحاكم الذي يرى المصلحة في إقامة الحد عليه .

إذن فما بالكم -أيها الإخوة- إذا كان الإنسان هكذا من تلقاء نفسه يزهق أرواح إخوانه المسلمين بغير ذنب وبغير حق .
لا شك أن مثل هذا الأمر لا يخاطب به أمثالكم ممن يفهمون هذه الأمور ؛ ولكن أنا أريد أن أبين أمرا مهما جدا ،وهو أن الناس قد لا يصلون إلى مثل هذه الأمور ؛ لا يصلون إلى مثل هذه الانحرافات في السلوكات وفي العمل وفي التنفيذ ، إلا بعد أن يستقر في أذهانهم ذلك الفهم الرذيل المذلول المعوج ، الذي ليس عليه أثرة من علم ، ولا يبنى على أساس فهم سليم من علماء هذه الأمة من الأولين والآخرين ،و من المتقدمين والمعاصرين .

الإنسان- أيها الإخوة- لا يجوز له أن يجتهد في فهم النصوص بنفسه ؛ الله – سبحانه وتعالى – جعل لهذه الأمة علماء وفقهاء ودعاة ح وقد يجتمعون على بعض الأمور ، وقد يتفقون وقد لا يتفقون ، وهم يبينون أحكام الله – سبحانه وتعالى - ؛ إذن فيجب على غيرهم أن يطيعوهم ويتبعوهم .

ولذلك جاء في أصل من أصول أهل السنة والجماعة كما يقول " ابن أبي زيد القيراوني " وغيرهم ممن كتبوا في عقيدة المسلمين : وتجب الطاعة لأئمة المسلمين ـمن حكامهم وعلمائهم لأن الله – سبحانه وتعالى – يقول : ﴿ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ﴾ ؛ وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن قول الله – عز وجل- : ﴿ و أولي الأمر منكم ﴾ المقصود بهم: الأمراء والعلماء .
فالصلاح وإزالة الفساد والتقويم هذا كله راجع إلى هذين الصنفين ؛ إلى الأمراء و إلى الحكام .
إذن فما على الناس إلا أن ينصاغوا وينقادوا و يطيعوا وأن لا يجتهدوا بأهوائهم .

أقول لعل الأمر الذي أوصل كثيرا من الناس إلى مثل هذه الانحرافات في السلوكات وفي العمل هو جهلهم بأحكام دينهم ؛ ولهذا لابد علينا -نحن الآن- حتى يعمل الإنسان للمدى البعيد أن يستأصل مثل هذه الفهوم الضالة ؛ وذلك بنصح الناس ،وتعليمهم ، وهدايتهم إلى الأصل الأصيل ، إلى القرآن وإلى السنة كما فهمها الأسلاف ؛ إلى أقوال أهل العلم الذين كانوا كثيرا ما يُذَكِّرون في كتبهم وفي مقالاتهم و في أحاديثهم يحذرون من مجالسة أهل البدع و الأهواء ، ويجمعون على وجوب هجر أهل البدع و أهل الأهواء ، لأن في مجالستهم ضرر على الإنسان .

كل ما وقع فيه كثير من الناس -من الفساد والإفساد في الأرض- فهو نتيجة هذه الخلطة السيئة لمن هب ودب ؛ فكل من سُمع له كلام أو خطبة أو حديث ، ربما قد يسحر العقول ويأخذ بالألباب ؛ ترى الناس يأتون إليه من كل حدب وصوب ؛ ويلقون أسماعهم وقلوبهم لسماع هذا الحديث ؛ ولعل قد يكون فيه من الفساد ومن البعد عن فهم الدين الصحيح ما الله – سبحانه وتعالى – به عليم .

إذن أيها الإخوة إذا أردنا أن نزيل مثل هذه الرواسب مثل هذه المفاهيم الضالة من عقول شبابنا خاصة ، فعلينا أن نبذل ما في وسعنا من الجهود في العلم والتعليم وبذل النصيحة لهؤلاء حتى نتمكن من استئصال هذه الأفكار الضالة ؛ وحينئذ ، وربما بعد وقت طويل يفهم الناس ما الذي يجب عليهم في دين الله – سبحانه وتعالى – وأن كثيرا من الأمور لا يصلح للإنسان أن يجتهد فيها ، وإنما هي من نصيب ، و من عمل العلماء والحكام والأمراء.

وهذا ربما الحديث قد يكون فيه الكلام كثير ، ولكن حسبي أن ننبه إلى هذا الذي جرى وتعلمون ما وقع في هذا الأسبوع المنصرم من هذا التقتيل الأعمى والإبادة وإزهاق أرواح المؤمنين بغير ذنب ولا سبب في ذلك ولا ذريعة تشفع لهم في مثل هذا الفعل .

فلا شك أن المؤمن بعيد عن مثل هذه الأمور و لا يمكن له أن يرضى بها ؛ بل عليه أن يسأل الله- سبحانه وتعالى - ويدعو الله – سبحانه وتعالى – بأن يزيل عنا مثل هذه الانحرافات ومثل هذه الأفكار الضالة وأن يستأصلها من عقول شبابنا ؛ وأن يهدي إخواننا وجميع الناس من هذه الأمور التي تقود بهم إلى مثل هذه الأفعال الشنيعة حين يرتكبون مثل هذه المجازر هنا وهناك في حق الصغير والكبير ؛ وهذا -كما قلنا- لاشك أنه ليس من عمل المسلمين وليس من عمل الذي يخاف الله – عز وجل – ويرجو لقاء الله – سبحانه وتعالى - ؛ لأن المؤمن يعلم أن الله – سبحانه وتعالى - لما نصح ولما ذكر صفات عباد الرحمن ، قال من جملة صفاتهم : ﴿ والذين لا يدعون مع الله إله آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ﴾ فكان من أعظم الذنوب: قتل النفس التي حرم الله بغير حق ؛ الذي جعله الله – سبحانه وتعالى – بعد نهيه عن الشرك ؛ فدل أنه من أكبر الذنوب وأعظم العظائم قتل النفس , ولهذا كما جاء في الحديث :(( لو أن أهل الأرض والسماء اجتمعوا على قتل امرئ مسلم لأكبهم الله – سبحانه وتعالى – على وجوههم في النار )) أو كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- .

فحرمة المؤمن عظيمة ح فعظموا هذه الحرمات عباد الله ؛ و لا تستطيلوا في ذكر أعراض المسلمين والتهوين من حرماتهم ؛ فإن هذا الأمر يؤدي بكم إلى غضب الله – سبحانه وتعالى –

واللهَ – سبحانه وتعالى – نسأل أن يوفقنا لما فيه الخير ؛ وأن يجعل بلدنا وسائر بلاد المسلمين آمنا مطمئنا ، وأن يرزقنا الهداية والعمل الصالح إنه – سبحانه وتعالى – ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ؛ والحمد لله رب العالمين .

http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=360820