عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 07 Aug 2014, 07:05 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قوله تعالى: "وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)"
1- وفى الكلام حذف بين النحويين فيه اختلاف.قال البصريون: التقدير: "يوما لا تجزى" فيه "نفس عن نفس شيئا" ثم حذف "فيه" كما قال الشَّاعر:
يومًا شَهِدناه سَليمًا وعامرًا *** قليلا سوى الطعن النِّهال نوافِلُه
أي: شهدنا فيه.
وقال الكسائي: هذا خطأ لا يجوز حذف " فيه "، ولكن التقدير: واتقوا يوما لا تجزيه نفس، ثم حذف الهاء، وإنما يجوز حذف "الهاء" لأنَّ الظروف عنده لا يجوز حذفها، وقال الفراء: يجوز أن تحذف "الهاء" و"فيه"، وحُكى المهدوِيُّ: أنَّ الوجهين جائزان عند سيبويه والأخفش والزَّجَّاج.
2- ومعنى: " لا تجزي نفس عن نفس شيئا "، أي: لا تؤاخذ نفس بذنب أخرى ولا تدفع عنها شيئا تقول: جزى عنِّي هذا الأمر يجزي كما تقول قضى عنِّي، واجتزأت بالشيء اجتزاء إذا اكتفيت به قال الشاعر أبو حنبل جارية بن مرَّة الطائي:
فإنَّ الغدرَ في الأقوام عارٌ *** وأنَّ الحرَّ يَجْزَأُ بالكُراع
أي: يكتفي بها.
3- وقرى " تُجزئُ " بضم التاء والهمز، ويقال: جَزَى وأَجْزَى بمعنى واحد،وقد فرَّق بينهما قوم فقالوا: جَزَى بمعنى: قضى وكافأ، وأجزى بمعنى: أغنى وكفى، أجزأني اليءُ يجزئني، أي: كفاني قال الشاعر:
وأجزأتَ أمرَ العالمين ولم يكن *** ليُجزئَ إلَّا كاملٌ وابنُ كاملِ
4- قوله تعالى: "ولا هم ينصرون" أي: يعانون، والنَّصر: العون، والأنصار: الأعوان، ومنه قوله: "من أنصاري إلى الله " أي: من يضمُّ نصرته إلى نصرتي وانتصر الرَّجل: انتقم، والنَّصر: الإتيان يقال: نصرت أرض بني فلان أتيتها قال الرَّاعي النُّمَيْري:
إذا دخل الشَّهر الحرام فودِّعي *** بلادَ تميم وانصري أرضَ عامرِ

والنَّصر: المطر، يقال: نُصِرت الأرضُ: مُطِرتْ، والنَّصر: العطاء، قال:
إنِّي وأَسطارٍ سُطرنَ سَطْرا *** لَقَائلٌ: يانَصْرُ نَصْرًا نَصْرًا

فائدة:
قال أبو عبد الله القرطبي – رحمه الله -: "مذهب أهل الحقِّ أنَّ الشفاعة حق وأنكرها المعتزلة وخلَّدوا المؤمنين من المذنبين الذين دخلوا النار في العذاب، والأخبار متظاهرة بأنَّ مَن كان من العصاة المذنبين الموحّدين من أمم النبيين هم الذين تنالهم شفاعة الشافعين من الملائكة والنبيين والشهداء والصالحين.
وقد تمسك القاضي في الرد بشيئين:
أحدهما: الأخبار الكثيرة التي تواترت في المعنى.
والثاني: الإجماع من السلف على تلقي هذه الأخبار بالقبول، ولم يبدُ من أحد منهم في عصر من الأعصار نكير، فظهور روايتها وإطباقهم على صحتها وقبولهم لها دليل قاطع على صحة عقيدة أهل الحق وفساد دين المعتزلة".

رد مع اقتباس