عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24 Mar 2018, 07:29 AM
سيف أبوحفص سيف أبوحفص غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2018
الدولة: عين آزال-سطيف
المشاركات: 5
افتراضي الإعجاب.آفة القلوب والألباب





الإعجاب آفة القلوب والألباب

الحمد لله المحمود بكل لسان,المعبود في كل زمان,الذي لايخلو من علمه مكان,ولايشغله شأن عن شأن,جلَّ عن الأشباه والأنداد ,وتنزَّه عن الصاحبة والأولاد ونفذ حكمه في جميع العباد, لاتمثله العقول بالتفكير,ولاتتوهمه القلوب بالتصوير,له الأسماء الحسنى والصفات العلى,وأصلي وأسلم على محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد:فإن الناصح البليغ يبين المقصود ويوضحه سهلا جليا,لاأن يسلك سبيل القصد في إظهار فضل علمه ونفسه على غيره بين عامة الناس ,فهذا قادح في الإخلاص .هذا من جهة,ومن جهة أخرى لمن يغتر بكلامه, ويرميه في وجه أشياخه على طاولة الجهر بالكلام والتشهير به, على سبيل أن له علما وبصيرة, فمن سولت له نفسه فعل هذا الأمر فقد كسب أخس الميزات عافانا الله وإياكم ,ألا وهي العجب,فنعوذ بالله من ذلك كله.
ألا يجتمع في قلب طالب العلم بأنه ملاق ربه,وأن الله يسمع مايقول ويرى مايفعل؟ويعلم سرّه وعلانيته,وأنه موقوف بين يديه وهو مقيم على المساخط غارقا فيها,مضيعا لأوامر الله,فماظن أصحاب الكذب والعجب والتطاول بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم ؟ومايبلغ الغرور والعجب بالعبد وقد قال صلى الله عليه وسلم(1)(لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ماهو أكبر منه العجب)
من الصور التي نلحظها في هذا الزمن بكثرة :الإعجاب بالرأي ,وبالعلم ,وبغزارته وهذا ضد الصواب وهو على طريق الهلاك ,ولهذا الفعل الشنيع الذي حلّ بكثير من الناس وخاصة طلاب العلم أسباب كثيرة نسأل الله العافية:
-المدح والثناء كما قال الماوردي رحمه الله(2) (من أقوى أسباب العجب كثرة مديح المقربين,وإطراء المتملقين الذين جعلوا النفاق عادة ومكسبا,والتملق خديعة ومكسبا)
-الصحبة والرفقة المصاحبة للهوى فالرجل على دين خليله
-مقارنة نفسه مع الأكابر ومن يفوقه علما وسنا وأنه على خير كبير وظنه أنه هو خيارهم قال صلى الله عليه وسلم (3)(إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم)
- ضعف الخشية والخوف من الله والركون إلى الدنيا
هذه من الأسباب التي بها يظهر العجب في صاحبه .
وإن إتصف الشخ أو لازم هته الأسباب فقد يبدي عجبه أين ماحل ونزل ,ولمعرفة صاحب العجب هاك بعض العلامات عنه :
-التفاخر على الغير والتصدر في المجالس بين يدي الكبار أو بين أقرانه وكثرة الكلام من دون سابق إنذار
-الإصرار على الأخطاء
-تزكية النفس(ولاتزكوا أنفسكم هو أعلم بمن إتقى)
-عدم قبول النصيحة(والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا)
-الإستنقاص من ذوي الفضل عليه والفرح بسماع عيوبهم وإظهارها بين أواسط الناس ليظهر أنه هو صاحب الحق قال صلى الله عليه وسلم (4)( المسلم أخو المسلم ....وذكر ولايحقره)
-رد الحق بالإلتفاف والدوران لنصرة النفس
قال ابن عبد البر(5)(إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله) فمن أُعجب برأيه ضل,وثمرة العجب المقت,قال أحد الشعراء
يامن غلا في العجب والنبه****وغرَّه طول تماديه

أملى لك الله فبارزته****ولم تخف غب معاصيه
قال وهب المروذي(6)(سألت ابن المبارك عن الكبر؟فقال أن تزدري الناس,وسألته عن العجب؟فقال أن ترى عندك شيئا ليس عند غيرك)وهذا الذي نخوض نحن فيه اليوم نسأل الله السلامة,فعلينا ذمُّ الشهرة فإن جاءت من عند الله فهذا يُعدُ ثمرة الإخلاص والعمل لوجهه,ولكنها فتنة على الضعفاء أمثالنا, كالشخص يسبح ولايجيد السباحة فإذا تعلق به أحد غرق,
قال وهب بن منبه(7)(إن للعلم طغيانا كطغيان المال),
وقال الذهبي(8)(ومن طلب العلم للعمل كسره العلم وبكى على نفسه,ومن طلب العلم للمدارس والإفتاء والفخر والرياء تحامق واختال وازدرى بالناس وأهلكه العجب,ومقتته الأنفس(قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)أي دسسها بالفجور والمعصية),
وقال مطرف ابن عبد الله(9)(لأن أبيبت نائما وأصبح نادما أحب إلي من أبيت قائما وأصبح معجبا),
وقال مسروق(10)(بحسب الرجل من العلم أن يخشى الله,وبحسب الرجل من الجهل أن يعجب بنفسه) فإذا أنت ياعبد الله خفت على عملك العجب فانظر رضى من تطلب, وفي أي ثواب ترغب,ومن أي عقاب ترهب, وأي عافية تشكر, وأي بلاء تذكر,فإنك إذا تفكرت في واحدة من هذه الخصال صغر في عينيك عملك,فالعجب دلالة على صغر القلب وذهاب الحكمة فهو يؤدي إلى الهلاك,فالإعجاب آفة القلوب والألباب
نسأل الله أن يزيدنا من علمه وأن يحفظ مشايخنا وأن يرفعهم عنده آمين

كتبه سيف أبو حفص غفر الله له ولوالديه

7رجب 1439 الموافق ل24 مارس 2017
.................................................. .................................................. ...........
(1) الحديث رقم 2921 /صحيح الترغيب والترهيب
(2)أدب الدنيا والدين للماوردي ص 239
(3) السلسلة الصحيحة 3074
(4)صحيح الجامع 7242
(5)جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر
(6)تذكرة الحفاظ 1/378
(7) المعرفة والتاريخ 1/179
(8) سير أعلام النبلاء 18/192
(9) سير أعلام النبلاء
(10)رواه أبو خثيمة في العلم بإسناد صحيح


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر ; 24 Mar 2018 الساعة 09:08 AM
رد مع اقتباس