عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29 Dec 2007, 12:20 AM
أبو البراء إلياس الباتني أبو البراء إلياس الباتني غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 106
افتراضي حـول دوران الشـمـس

...
أن الشمس هي التي تدور على الأرض، فيأتي النهار بدل الليل، لقوله: "تطلع فيه الشمس" و هذا واضح أن الحركة حركة الشمس، و يدلّ لهذا قول الله تعالى: {و ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين و إذا غربت تقرضهم ذات الشمال} (الكهف 17) أربعة أفعال مضافة إلى الشمس، و قال تعالى عن سليمان: {إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب} (ص 32) أي الشمس {بالحجاب} أي بالأرض، و قال النبي صلى الله عليه و سلم لأبي ذر رضي الله عنه حين غربت الشمس: "أ تدري أين تذهب؟ قال: الله و رسوله أعلم" (1) فأضاف الذهاب إليها أي إلى الشمس.
أ فبعد هذا يمكن أن نقول: إن الأرض هي التي تدور، و يكون في دورانها اختلاف الليل و النهار؟ لا يمكن إلا إذا ثبت عندنا ثبوتا قطعيا نستطيع به أن نصرف ظاهر النصوص إلى معنى يطابق الواقع، فإذا ثبت فالقرآن و السنة لا يخالف الواقع، و لكن كيف نتصرف مع هذه الأفعال التي ظاهرها أن الشمس هي التي تدور؟
نتصرف فنقول: تطلع في رأي العين، لأنك أنت مثلا واقف في السطح أو في البر ترى الشمس تطلع و ترتفع في رأي العين، نقول هذا: إذا ثبت قطعا ثبوتا حسيا أن اختلاف الليل و النهار يكون بدوران الأرض، و هذا إلى الآن لم نصل إليه فيجب إبقاء النص على ما هو عليه.
فإذا قال قائل: كيف يتصور الإنسان أن الكبير هو الذي يدور على الصغير، لأنك إذا نسبت الأرض إلى الشمس فليست بشيء، أي صغيرة.
نقول: إن الذي أدار الكبير على الصغير هو الله عز و جل، و هو على كل شيء قدير، و لا مانع.
فهذا ما نعتقده حول هذه المسألة، و مع ذلك لو قال قائل: هل الدلالة قطعية؟
فالجواب: الدلالة ليست قطعية، بل ظنية، و نحن علينا أن نعمل بالدليل الظني الذي هو ظاهر النص حتى يعارَض بدليل قطعي، و لا يجوز أن نقول: إن دلالة الآية و الحديث على دوران الشمس على الأرض قطعية، لأنه ربما يأتي الوقت الذي نقطع بأن اختلاف الليل و النهار بدوران الأرض، و حينئذ نقول بالمحال، لأن تعارض الدليلين القطعيين محال، إذ تعارضهما يقتضي انتفاء أحدهما، و ما دمنا نقول إنهما قطعيان فلا يمكن أن ينتفيا.
و إذا تقرر بالدليل القطعي أن الأرض هي الني تدور فقد يستدل لذلك مستدل بقوله تعالى: {و ألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} (النحل 15) تميد أي تضطرب، قالوا: و انتفاء الاضطراب يدل على وجود أصل الحركة، كما أن قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} (الأنعام 103) يدل على ثبوت رؤية الله حيث نفى الأخص، و نفي الأخص يدل على ثبوت الأعم، و لكن إلى الآن لم نصل إلى القطع بأن اختلاف الليل و النهار يكون بدوران الأرض لا بدوران الشمس.


-----
(1): أخرجه البخاري – كتاب بدء الخلق، صفة الشمس و القمر (بحسبان)، (3199). و مسلم – كتاب الإيمان، باب الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، (159)، (251).

/-/-/-/-/-/-/
المصدر: شرح الأربعين النووية / للشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله.

رد مع اقتباس