عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17 Sep 2015, 07:51 AM
فتحي إدريس
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي [للمشاركة] الأحكام المستفادة من حديث الرَّجل الَّذي وقصته راحلته

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعد:

فأثناء قراءتي في كتاب "الشَّرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- فيما يتعلَّق بمحظورات الإحرام، وقفت على تعليقٍ نفيسٍ -يدفع للبحث وطلب الفائدة- يتعلَّق بحديث الَّذي وقصته راحلته بعرفة فمات منها، وهذا نصُّ كلامه –رحمه الله-:

«ويستدلُّ بهذا الحديث على مسائل عديدة، وهو من آيات الله ـ عز وجل ـ أن تقع حادثة لواحد من الصَّحابة، تؤخذ منها أحكام عديدة، أحكام في الحياة، وأحكام في الموت، وهذا من بركته صلى الله عليه وسلم أن الله يبارك في علمه، وقد أخذ ابن القيم من هذا الحديث اثنتي عشرة مسألة، وفيه أكثر مما ذكر عند التأمل»[7/ 138].

والواقفُ على هذا الكلام من طلبة العلم على درجتين:

الأوَّلى: من يرجع إلى إحالة الشَّيخ –رحمه الله- وهو كلام ابن القيِّم –رحمه الله- على الحديث فينظر في الأحكام التي استفادها ويحرصُ على ضبطها؛ وسيأتي نقلها.

الثَّانية: من ترقى همَّته للوقوف على المسائل الأخرى التي يمكن استفادتها من الحديث، ما دام الشَّيخ –رحمه الله- أشار إلى أنَّه يمكن للمتأمِّل أن يزيد على ما ذكر العلامة ابن القيم –رحمه الله-؛ وهذا ما أصبوا إليه وإخواني في فتح مجال المشاركة والإفادة؛ فأرجو من إخواني الكرام –وفقهم الله- أن يتحفونا بالمسائل التي يمكن استفادتها ممَّا لم يذكره العلامة ابن القيم –رحمه الله-.

بركة نصوص الوحيين

وقبل الشُّروع في اختصار ما ذكره العلَّامة ابن القيِّم –رحمه الله- ممَّا يتعلَّق بالأحكام نمثِّل لما ذكره الشَّيخ ابن عثيمين –رحمه الله- من أنَّ أحاديث النَّبي صلى الله عليه وسلَّم مباركة يستخرج الناظر المتأمل فيها شيئا كثيرا من العلم والأحكام، فمن ذلك حديث النَّبي صلى الله عليه وسلَّم «يا أبا عمير ما فعل النُّغير؟» فقد استنبط منه العلماء –رحمهم الله- أكثر من سبعين فائدةً كما ذكرها العلامة ابن حجر –رحمه الله- في "فتح الباري"(10/ 716-719) وزاد عليها بما فتح الله عليه؛ ومثل هذا يقال في كتاب الله تعالى بل هو أعظم فإنَّ الآية الواحدة من كتاب الله تعالى تستخرج منها المسائل والأحكام والفوائد المتعدِّدة فهذا ابن العربيِّ –رحمه الله- يستنبط من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون﴾[المائدة: 6] أكثر من أربعين مسألة كما في "أحكام القرآن"(2/ 47-80)؛ وهذا من فوائد شيخي الكريم أبي البراء –حفظه الله ووفقه-.

الأحكام الاثنتا عشرة الَّتي استفادها ابن القيم –رحمه الله- من القصَّة

ذكر العلَّامة ابن القيم –رحمه الله- الأحكام المستفادة من الحديث في "زاد المعاد في هدي خير العباد"(2/ 220-227) ولمَّا كان نقلُها يطول، رأيت أن أقتصر على اختصارها لأن المقصود بذلك حاصلٌ إن شاء الله، ومن أراد الوقوف على تفصيل ما ذكر، فليرجع للموضع المحال إليه.

الأوَّل: وجوب غسل الميت لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به.

الثاني: أنَّه لا ينجس بالموت؛ لأنه لو نجس بالموت لم يزده غسله إلا نجاسة.

الثالث: أن المشروع في حقِّ الميت، أن يغسل بماء وسدر، لا يقتصر به على الماء وحده.

الرابع: أن تغيُّر الماء بالطَّاهرات لا يسلبه طهوريَّته.

الخامس: إباحة الغسل للمحرم.

السَّادس: أن المحرم غير ممنوع من الماء والسدر.

السَّابع: أن الكفن مقدم على الميراث وعلى الدين؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يكفن في ثوبيه، ولم يسأل عن وارثه، ولا عن دين عليه، ولو اختلف الحال، لسأل.

الثَّامن: جواز الاقتصار في الكفن على ثوبين، وهما إزار ورداء.

التَّاسع: أن المحرم ممنوع من الطيب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يمس طيبا، مع شهادته له أنه يبعث ملبيا، وهذا هو الأصل في منع المحرم من الطيب.

العاشر: أن المحرم ممنوع من تغطية رأسه.

الحادي عشر: منع المحرم من تغطية وجهه.

الثاني عشر: بقاء الإحرام بعد الموت، وأنه لا ينقطع به.

نص الحديث بتمامه

أمَّا الحديث فهذا لفظه بتمامه كما ذكره الشَّيخ الألباني –رحمه الله- في كتابه "أحكام الجنائز"(12-13):

«...لحديث ابن عباس قال: «بينما رجل واقف بعرفة، إذ وقع عن راحلته فوقصته، أو قال: فأقعصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين (وفي رواية: في ثوبيه) ولا تحنطوه (وفي رواية: ولا تطيبوه)، ولا تخمروا رأسه (ولا وجهه)، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا».

أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" وأبو نعيم في "المستخرج" (ق 139 - 140) والبيهقي (3/ 390 -) وليست الزيادة عند البخاري» اهـ.


أحكام أخرى مستفادة من الحديث

ينتبه إلى أنَّ ما ذكره العلَّامة ابن القيِّم –رحمه الله- هو أصول المسائل التي اشتمل عليها الحديثِ لا كلُّ ما يمكن استنباطه من الحديث؛ فمجال الإفادة واسع وهذا ما أشار إليه العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- وكذا قبله العلامة ابن الملقن –رحمه الله- فقد قال بعد أن ذكر ما استفاده منه «ويستنبط منه غير ذلك» اهـ"الإعلام"(4/ 458).

وأفتتح الموضوع بما يلي:

الأوَّل: جواز التكفين في الثياب الملبوسة وهو إجماع.

الثاني: أنَّ الكفن واجب وهو إجماع.

ذكرهما ابن الملقِّن –رحمه الله- في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(4/ 455).

الثالث: أنَّ المحرم لا يكفن إلا في مثل لباسه غير مخيط.

ذكرها ابن الملقِّن –رحمه الله- في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح"(9/ 476).

والله أعلم.
في انتظار مشاركاتكم وفقكم الله...

فتحي إدريس
1/ذو الحجة/1436


التعديل الأخير تم بواسطة فتحي إدريس ; 17 Sep 2015 الساعة 07:57 AM
رد مع اقتباس