عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 29 Dec 2009, 08:30 AM
أبو أحمد ضياء التبسي أبو أحمد ضياء التبسي غير متواجد حالياً
.:. أصلحه الله .:.
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 325
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أحمد ضياء التبسي
افتراضي

التمهيد

الأدلة التي تثبت بها الأحكام والأخلاق الدينية الكتاب إجماعا والسنة الصحيحة كذلك، و السنة أقواله و أفعاله و إقراره وشمائله، صلى الله عليه وسلم، و الإجماع بشروطه و منها (6) أن يكون له مستند و القياس بشروطه و منها (7) أن يكون حكم الأصل المقيس عليه منصوصا و منها أن لا يكون الفرع معارضا بنص.
إذا تقرر هذا جزمت بأن العمدة في دين الله الكتاب و السنة ليس غير. أما الإجماع فقد عاد إليهما (8) باشتراط المستند، غايته رفع الاحتمالات و الأنظار عن دليله. و أما القياس فلا يصار إليه إلا عند الضرورة و هي عدم النص من كتاب أو سنة فإن وجد النص منهما أو من أحدهما كان القياس فاسد الاعتبار. و إذا تم القياس فقد قال القائلون به إنه يتضمن دليل المقيس عليه المنصوص بالكتاب أو السنة اللذين هما مصداق قوله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (9) ، وهي من آخر ما أنزل من القرآن (10) .

و مما لا نزاع فيه عند أهل السنة أن العقل أو العادة أو الشهوة لا حكم لها في دين الله المعصوم، و إنما العقل آلة خلقها الله ندرك بها ولا حجة بحكمه إلا في أصول الدين (الاعتقادات). و من المقرر: إن كنت ناقلا فالصحة وإن كنت مدعيا فالدليل، و أن غير المعصوم محكوم بهذه القاعدة بلغت ما بلغت مكانته أو علمه أو إصلاحه.

و من المدون في علمي العقائد و السنن أن رد النصوص استهزاء بها أو إيثارا لغيرها عليها كفر، و من المذكور في علمي الفروع و الخلافيات أن ترك السنن و تقليد الرجال بدعة و ضلالة. و من المدون أيضا أن السلف في القرون الثلاثة كانوا يقتدون بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم و أن المذاهب الإسلامية المعتبرة كانوا يتبعون الوارد و خلافهم في مسائلهم تابع لما بأيديهم من السنن و الآثار، و إذا ثبت الحديث فهو مذهب الجميع.
و أنه لا يعلم إمام يعرض عن سنة تبينت اتكالا على أن صالحا أو عالما خالفها، فإن أقل ما يقتضي ذلك الفسوق. جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

وبما أن حزب (11) الإصلاح الديني ليست له غاية شخصية ينشدها ويترامى من ورائها وإنما غايته وهمه في هذه الحياة؛ المحافظة على الدين محافظة ترضي صاحب هذه المهة وتحذو حذو السلف الصالح، فإني أقبل كل من يبين لي فساد ما ذهب إليه وأغده أخا لي ناصحا وأذكره بقول من قال: ((رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا)) (12) على شريطة أن يرد علي من جنس الأدلة التي تعتمد ولا يفعل كما فعل بعض المروجين للبضاعة من الاستدلال بأقاويل الرجال، فإن من رام الاعتماد على غلطات الرجال لم يعدم دليلا لأي شنعة. و إنما الأدلة التي أخضع إليها وأهتدي بها هي التي تأتي من عصور الحجة، وإذا جاءني بكلام لا يعرف له وجها عند أرباب الصناعة بالأخبار والآثار فإني أعد كلامه ساقطا عن أمم (13) لا يحتاج إلى الرد. و بعون الله سأجعل كل لحمة من لحم الطرائق التي اشتهرت و ذاعت بيننا منفردة ببحث وأقيسها بعصر السلف فإن وجد لها أصل بينهم قبلناها وعملنا بها وعززناها وما لم نجد له أصلا في أيامهم ولا عرفا فيما بينهم اعتقدنا أنها بدعة محدثة مشمولة لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) (14) فلترد. ومن نصرها كان له من الوزر مثل أوزار من أحدثها، وكان في أمره متبعا غير سبيل المؤمنين وآخذا بغير هدي محمد صلى الله عليه وسلم وليس بعد هدي محمد صلى الله عليه وسلم إلا الضلال.
------------------
(6) أي: من شروط صحة الإجماع.
(7) أي: من شروط صحة القياس.
(8) أي: الكتاب والسنة.
(9) سورة المائدة آية 3.
(10) نزلت بعرفة يوم حجة الوداع وقد أتى المؤلف بمن التبعيضية وذلك لأن هذه الآية من جملة أخريات القرآن، فآية الربا والدين والكلالة نزلت بعدها.
(11) استعمل كلمة الحزب بمعناها اللغوي وهو: الجماعة من الناس، وكل قوم تشاكلت قلوبهم وأعمالهم فهم حزب وإن لم يلق بعضهم بعضا.
(12) هذا القول يروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(13) القصد والطريق البين.
(14) البخاري 2697 ومسلم 1718 من حديث عائشة.

رد مع اقتباس