عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 11 Jul 2021, 11:59 AM
يوسف شعيبي يوسف شعيبي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2017
المشاركات: 107
افتراضي

جزى الله خيرًا الشيخ خالدًا على هذه المقالة العلمية الرصينة التي نصر فيها الحقَّ في هذه المسألة التي تُعتبر أصلًا مكينًا عند أهل السنة والجماعة سلفهم وخلفهم، وأبان فيها عن مغالطات الدكتور فركوس، وسوء استعماله للقواعد الشرعية، معرضًا عن النصوص الواضحة والآثار الراجحة، حاشدًا ما لم يُحسن فهمه وما لا يُسعفه من كلام أهل العلم، ورافعًا شعار المصلحة الِّتي ما فتئ يفزع إليها أهل الأهواء ليسوغوا الخروج عن طوق الانقياد للنصوص.
وقد أحسن الشيخ خالد؛ إذ ذكَّر المخدوعين بالدكتور بشيءٍ من سقطاته العقدية الَّتي تدلُّ على ضعفه في هذا الباب، فرجل ينقل عن رأس من رؤوس المتكلِّمين الأشعرية في مسألة دقيقة من مسائل الاعتقاد، كيف يقال عنه أنه إمام في ثمانية فنون؟! وكيف يُزعم أنه ابن تيمية الجزائر وهو لا يُميِّز بين أقوال أهل السنَّة وأهل الكلام؟!
والعجب ممَّن يدَّعي أنَّه عالمٌ مجتهدٌ مأجورٌ على كلِّ حال أصاب أو أخطأ! ومن هنا يقع الخلل في الدين، وتهدم الأصول الشرعية، قال العلَّامة الشاطبيُّ -رحمه الله- مبيِّنًا الخلل الذي يحدث جرَّاء اقتحام غير المتأهِّل باب الاجتهاد:
" الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ:
فَيَعْرِضُ فِيهِ أَنْ يُعْتَقَدَ فِي صَاحِبِهِ أَوْ يَعْتَقِدَ هُوَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ مُعْتَدٌّ بِهِ، وَتَكُونُ مُخَالَفَتُهُ تَارَةً فِي جُزْئِيٍّ وَهُوَ أَخَفُّ، وَتَارَةً فِي كُلِّيٍّ مِنْ كُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ وَأُصُولِهَا الْعَامَّةِ، كَانَتْ مِنْ أُصُولِ الِاعْتِقَادَاتِ أَوِ الْأَعْمَالِ؛ فَتَرَاهُ آخِذًا بِبَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا فِي هَدْمِ كُلِّيَّاتِهَا حَتَّى يَصِيرَ مِنْهَا إِلَى مَا ظَهَرَ لَهُ بِبَادِئِ رَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ إِحَاطَةٍ بِمَعَانِيهَا وَلَا راجعٍ رجوعَ الافتقار إليها، ولَا مُسَلِّمٌ لِمَا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي فَهْمِهَا، وَلَا رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي أَمْرِهَا كَمَا قَالَ: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 59] .
وَيَكُونُ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضَ الْأَهْوَاءِ الْكَامِنَةِ فِي النُّفُوسِ، الْحَامِلَةِ عَلَى تَرْكِ الِاهْتِدَاءِ بِالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ، وَاطِّرَاحِ النَّصَفَةِ، وَالِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ فِيمَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ عِلْمُ النَّاظِرِ، وَيُعِينُ عَلَى هَذَا الْجَهْلُ بِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، وَتَوَهُّمُ بُلُوغِ دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ بِاسْتِعْجَالِ نَتِيجَةِ الطَّلَبِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ قَلَّمَا يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ فِي اقْتِحَامِ الْمَهَالِكِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُخَاطِرٌ.
وَأَصْلُ هَذَا الْقِسْمَ مَذْكُورٌ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 7].
وَفِي "الصَّحِيحِ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: "فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ".
...
فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ إِذَا كَانَ فِيهَا أَصْلٌ مُطَّرِدٌ فِي أَكْثَرِهَا مُقَرَّرٌ وَاضِحٌ فِي مُعْظَمِهَا، ثُمَّ جَاءَ بَعْضُ الْمَوَاضِعِ فِيهَا مِمَّا يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ مُخَالَفَةَ مَا اطَّرَدَ، فَذَلِكَ مِنَ الْمَعْدُودِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ الَّتِي يُتَّقَى اتِّبَاعُهَا؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَهَا مُفْضٍ إِلَى ظُهُورِ مُعَارَضَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ وَالْقَوَاعِدِ الْمُطَّرِدَةِ، فَإِذَا اعْتُمِدَ عَلَى الْأُصُولِ وَأُرْجِئَ أَمْرُ النَّوَادِرِ، وَوُكِّلَتْ إِلَى عَالِمِهَا أَوْ رُدَّتْ إِلَى أُصُولِهَا؛ فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْمُجْتَهِدِ وَلَا تَعَارُضَ فِي حَقِّهِ". "الموافقات" (5 / 142 - 144) باختصار.

رد مع اقتباس