الموضوع
:
معركة حتى الموت مع الأعداء الثلاثة!!!
عرض مشاركة واحدة
#
1
06 Mar 2022, 06:52 PM
أم وحيد
عضو
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
معركة حتى الموت مع الأعداء الثلاثة!!!
معركة حتى الموت مع الأعداء الثلاثة
قال ابن القيم رحمه الله في مقدمة الوابل الصيب:
فإن
الله
سبحانه وتعالى خلق
هذا الآدمي
، و
اختاره
من بين سائر البرية، وجعل
قلبه
محل كنوزه من
الإيمان
، و
التوحيد
، و
الإخلاص
، و
المحبة
، و
الحياء
، و
التعظيم
، و
المراقبة
، وجعل
ثوابه
إذا قَدِم عليه أكمل الثواب وأفضله، وهو
النظر إلى وجهه
، والفوز بـ
رضوانه
، و
مجاورته
في جنّته.
وكان مع ذلك قد
ابتلاه بالشهوة والغضب والغفلة
، وابتلاه بعدوّه
إبليس
لا يفتر عنه، فهو
يدخل عليه من الأبواب
التي
هي من نفسه وطبعه
، فتميل
نفسه
معه، لأنّه
يدخل عليها بما تحبّ
، فـ
يتّفق هو ونفسه وهواه
على العبد:
ثلاثةٌ مُسَلَّطون آمرون
، فيبعثون
الجوارح
في قضاء وَطَرِهِم، و
الجوارح آلة منقادة
، فلا يمكنها إلا الانبعاث، فهذا شأن هذه الثلاثة، وشأن الجوارح،
فلا تزال الجوارح في طاعتهم كيف أّمَروا
، و
أين يَمَّموا
.
هذا مقتضى
حال العبد
.
فاقتضت
رحمة ربّه العزيز الرحيم
به أن
أعانه بِجُنْدٍ
آخر، وأمدّه بِـ
مَدَدٍ آخر
، يقاوم به
هذا الجند
الذي يريد
هلاكه
، فأرسل إليه
رسوله
، وأنزل عليه
كتابه
، وأيّده بـ
مَلَكٍ كريم
يقابل عدوّه
الشيطان
، فإذا أمره
الشيطان
بأمرٍ، أمره
الملك
بأمر ربّه، و
بيَّن له ما في طاعة العدوّ من الهلاك
. فهذا
يُلِمُّ به
مرّة، و
هذا
مرّة، و
المنصورُ
مَن نصره الله عز وجل، و
المحفوظُ
مَن حفظه الله تعالى.
وجعل له
مقابل نفسه الأمَّارةِ نفساً مطمئنّة
، إذا أمرته
النفسُ الأمَّارة بالسوء
نَهَتْهُ عنه
النّفس المطمئنة
، وإذا نهته
الأمَّارة
عن الخير أمرته به
النفس المطمئنة
. فهو يطيع هذه مرّة، وهذه مرّة،
وهو للغالب عليه منهما
، وربّما انقهرت إحداهما بالكليّة قهراً لا تقوم معه أبداً.
وجعل له مقابل
الهوى
الحاملِ له على طاعة الشيطان والنفس الأمَّارةِ،
نوراً
، و
بصيرةً
، و
عقلاً
يردّه عن الذهاب مع الهوى.
فكلّما
أراد أن يذهب مع الهوى ناداه العقل والبصيرة والنور
:
الحذر الحذر
!، فإنّ
المهالك والمتالف بين يديك
، وأنت
صيد الحرامِيَّة
، و
قُطَاعِ الطريق
،
إن سرتَ خلف هذا الدليل
.
فهو يطيع
النّاصح
مرّة فيبن له
رشده
و
نصحه
، ويمشي خلف
دليل الهوى
مرّة فَيُقْطَعُ عليه الطريق، ويُؤخَذُ مالُه، ويُسْلَب ثيابُه، فيقول:
تُرَى من أين أُتِيت
؟!
و
العجبُ
أنه
يعلم
من أين
أُتِي
، ويعرف
الطريق
التي قُطِعت عليه وأُخِذ فيها، و
يأبى إلا سلوكها
؛ لأنّ
دليلها قد تمكن منه وتحكَّم فيه
، وقوِيَ عليه! ولو أضعفه
بالمخالفة له
، و
زَجْرِه
إذا دعاه، و
محاربته
إذا أراد أخذه لم يتمكَّنْ منه، ولكنْ
هو مكَّنَهُ من نفسه
، و
هو أعطاه يده
، فهو بمنزلة
الرجل يضع يده في يد عدوه
، فيأسره ثم
يسومه سوء العذاب
، فهو
يستغيث
فلا يُغاث، فهكذا ا
لعبد يستأسر للشيطان والهوى
، ولـ
نفسه الأمّارة
، ثم يطلب
الخلاص
، فيعجز عنه.
فلما أن
بُلي العبدُ
بما بُلِي به،
أُعِين بالعساكر والعُدَدِ والحصون
، وقيل له:
قاتِل عدوّك وجاهِدْهُ
، فهذه
الجنود
خُذْ منها ما شئت، وهذه
العُدَدُ
البس منها ما شئت، وهذه
الحصون
تَحَصَّنْ منها بأي حصن شئت، و
رابط إلى الموت
، فالأمر
قريب
، و
مدّة المرابطة يسيرة جداً
، فكأنّك بـ
الملِك الأعظم وقد أَرْسَلَ إليك رُسُلَه
، فنقلوك إلى
داره
، و
استرحت من هذا الجهاد
، و
فُرِّقَ بينك وبين عدوك
، وأُطْلِقْتَ في
دار الكرامة
تتقلَّب فيها كيف شئت، وسُجِن
عدوّك
في
أصعب الحُبوس
وأنت تراه، فـ
السجنُ الذي كان يريد أن يُودِعَك فيه قد أُدْخِلَه وأُغْلِقت عليه أبوابه
، وأِيسَ من الخروج والفرج، و
أنت فيما اشتهت نفسك
، و
قَرّت عينك
، جزاءً على
صبرك
في تلك المدّة اليسيرة، و
لزومك الثغر للرِّباط
، وما كانت إلاّ
ساعةً
ثم
انقَضَتْ
، وكأنّ
الشدّة
لم تكن.
الوابل الصيب. ص: 31، 32، 33 إلى بداية صفحة34
الصور المرفقة
فاقتضت رحمة ربّه.png
(87.7 كيلوبايت, المشاهدات 603)
11258937760.gif
(55.5 كيلوبايت, المشاهدات 714)
صبر ساعة.png
(275.1 كيلوبايت, المشاهدات 560)
أم وحيد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أم وحيد
البحث عن المشاركات التي كتبها أم وحيد