عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 24 Sep 2017, 07:17 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أحمد.
قبلنا مناقشتك لابن عبد البر فاقبل المناقشة معك حفظك الله.
يُشكل على ما ذكرتَ من أنَّ مالكًا لم يوثق ابن أبي المخارق أن مالكا لا يروي إلا عن ثقة ثبتت عنده عدالته، وقد صرح هو بهذا كما هو معلوم، فإذًا، مجرَّد روايته عن عبد الكريم وإدخاله له في كتبه هو توثيق له، وقد نص علماء الجرح والتعديل على أن رواية العالم الذي لا يروي إلا عن ثقة، عن رجلٍ، يُعدُّ توثيقًا له، ويُسمِّيه أهل الأصول: "التَّوثيق الضِّمني"، فعلى هذا: تشبيه ابن عبد البر لرواية مالك عن عبد الكريم برواية الشافعي عن ابن أبي يحيى تشبيهٌ صحيح، بل قد يقال: إن رواية مالك عن صاحبه أبلغ في التوثيق من رواية الشافعي عن صاحبه، لأن الشافعي كان يُكَنِّي عنه لا يُسمِّيه، لِمَا يعلم من سوء رأي أهل الحديث فيه، بخلاف مالك، فقد سمَّاه وأعلن به في كتبه.
أمَّا كون مالك لم يُخرج له المسند في كتبه فهذا يحتاج إلى إثبات أصل التَّفريق عند مالك، فالبخاري ومسلم قد عُلِم من طريقتهما واستقراء كلامهما أنَّهما يُفَرِّقان بين من يخرجان له في الأصول ومن يخرجان له في الشواهد، فهل عَمِل مالكٌ بذلك وسار عليه؟ الظَّاهر: لا، ولهذا فلا فرق بين أن يكون أخرج له في المسند أو غيره، لا سيما ومالكٌ يقول لمن سأله هل فلان ثقة؟: "لو كان ثقة لرأيته في كتبي"، فوورد اسم الرَّجل في كتب مالك توثيقٌ له مطلقًا، سواء روى عنه المسند أو المرسل أو المقطوع.
أمَّا اعتراضك على كون مالك اغترَّ بِسَمْتِه فهذا لا إشكال فيه، ولا ينافي انتقاد مالكٍ للرجال وبحثه عنهم وعلمه بهم، فهو يُعْمِلُ النَّظر والقرائن، فإذا لم يظهر له من رجلٍ ما يوجب ضعف حديثه، وانضمَّ إلى ذلك حسن سمته وخشوعه، فلا إشكال في توثيق المحدِّث له، وهذا ابن معينٍ إمام الجرح والتَّعديل، خفي عليه حال عدد من الضُّعفاء تزيَّنوا له فوثَّقهم، كما شرح ذلك المعلمي في "التَّنكيل".
فالمستقيم مع الأصول، والجاري مع المعقول، هو ماذكره ابن عبد البر، مع إمامته في الحديث، واختصاصه بالعلم بمالك وحديثه، وتجريده العنايةَ بذلك، والله أعلم.

رد مع اقتباس