عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25 Sep 2014, 08:10 AM
أبو البراء
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي بادرة طالب وذاكرة عالم

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

قال الشِّهاب المقَّري رحمه الله في «أزهارِّ الرياض» (3/ 166):


حُكى أنَّ بعض طلبة الأندلس ورد على المهديَّة، وكان يحضر مجلس المازَري، ودخل شعاع الشمس من كُوَّة فوقع على رِجل الشيخ المازَري، فقال الشيخ: "هذا شعاع منعكس" فذيَّل الطَّالب المذكور حين رآه مُتَّزِنًا فقال:


هذا شعاعٌ منعكس // لِعلَّــة لا تلتبس
لمـَّا رآك عنصــرا // من كلِّ علمٍ ينبجس
أتى يمد ساعدًا ... من نور علم يقتبس. اهـ

قال المقَّري معقبًا: «وأظنُّ أنِّي رأيت هذه الحكاية في «نظم الدر والعقيان» للشَّيخ الحافظ أبي عبد الله التلمساني، فلتُراجع ثمَّ لأني نقلتها بالمعنى».


قرأت هذه الحكاية فاستوقفتني بادرة هذا الطَّالب الأندلسي وسرعة تذييله، ثمَّ لمَّا قرأتُ تعقيب المقري كان أعجب إليَّ، فرحمة الله عليهما بما أطربانا.
وكتاب التَّنِّيسي الَّذي أحال إليه هو: «نظم الدرِّ والعقيان في ملوك بني زيان»، له مخطوطاتٌ متعدِّدة في العالم، ولا أعلم أنَّه طُبع كاملًا لكن طبعت منه أجزاء متفرِّقة، منها الباب السَّابع من القسم الأوَّل، في بيان شرف بني زيان ودولتهم، طُبع باسم «تاريخ بني زيان ملوك تلمسان» بتحقيق محمود آغا بوعياد، ومنها القسم الرَّابع الَّذي جعله لمحاسن الكلام، وهو معدودٌ في كتب البديع، طُبع طبعةً جميلةً متقنةً بتحقيق نوري سودان، والحكاية المذكورة فيه (ص/177)، وقد حكاها المقَّري بالمعنى فأصابه بتمامه، وغيَّر بعض اللَّفظ بما لا ينزل عنه براعةً، وهذا نصُّ الحكاية:


قال التَّنِّيسي في سياق طويلٍ من المساجلات بين الشعراء، والمجاولات بين البلغاء: وكان الإمام أبو عبد الله المازري في مجلس إقرائه يومًا، فدخل نورٌ الشَّمس من كوة، وضرب في جدار يقابله فانعكس شعاعُها إليه، فقال عند ذلك مشيرًا إلى طول المدَّة:
إنَّ الشُّعــــاع منعكس.
فقال أندلسيٌّ كان عنده:
لعلَّــــــةٍ لا تلتبس.
ووصل بها:
لمَّا رآكـأ عنصــــرا // بكلِّ علـــمٍ تنبجس
أتى إليكــــ قاصدًا // منك العــلوم يقتبس
. اهـ


التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 25 Sep 2014 الساعة 09:34 AM
رد مع اقتباس