الموضوع: الدعوة السلفية
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19 Aug 2018, 12:05 AM
أبو عبد الغفّار رياض شداد أبو عبد الغفّار رياض شداد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
الدولة: جزائري
المشاركات: 16
افتراضي الدعوة السلفية

الدعوة السلفية



لفضيلة الشيخ الالباني رحمه الله


فان خير ما نستفتح في جلستنا هذه انما هو قول الله تعالى ;

" و السّابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعد لهم جنّات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك هو الفوز العظيم "

ان هذه الآية الكريمة هي الأساس الذي ينبغي لِكل مسلم أن ينطلق منها لمعرفة الدعوة التي اصطلح بعض العلماء قديما وحديثا على تسميتها بالدعوة السلفية .
وقد يسميها بعضهم بدعوة أنصار السنة المحمدية و آخرون بدعوة أهل الحديث , وكلها أسماء تدل على معنى واحد , هذا المعنى الواحد طالما غفل
عنه جماعات من المسلمين قديما وحديثا و لم ينتبهوا لها أو أنهم انتبهوا لها ولم يرعوها حق رعايتها ,ذلك لأن الناس قد مضى عليهم قرون طويلة , وقد
ران على قلوبهم الجمود على التقليد المذهبي بين أهل السنة الذين ينتمون إلى أنهم من أهل السنة و الجماعة ,ران على هؤلاء كلهم في القرون المتأخرة
بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية ,ران عليهم الجمود على التقليد و التدين بالتقليد فضلا عن غير الذين لا ينتمون إلى مذهب أهل السنة و الجماعة
من الفرق الأخرى التي يشملها قول نبيّنا صلوات الله وسلامه عليه في الحديث المشهور (تفرقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة و تفرقت النصارى
على اثنتين و سبعين فرقة و ستفرق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلاّ واحدة , قالوا من هي يا رسول الله قال هي الجماعة ) وفي
رواية مفسّرة لرواية الاولى , قال عليه الصلاة والسلام ( هي التي تكون على ما انا عليه و اصحابي )
فإذا هذا الحديث من الأحاديث الصريحة التي تدل دِلالة واضحة على ان الفرقة الناجية من الفرق الثلاثة وسبعين التي أخبر رسولنا صلوات الله وسلامه
عليه أنها ستقع في هذه الأمّة و خبره عليه الصلاة والسلام صدق كما قال تعالى في القرآن الكريم "و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى "
و الفرقة الناجية عَلَمُها ليست فقط كما يدّعي جماعات أخرى في هذا الزمان و من قبل هذا الزمان ليست على علامتها فقط أنها تنتمي الى العمل
بالكتاب و السنة , فإن هذا الإنتماء لا يستطيع أحد من المسلمين ولو كان من الفرق الخارجين عن الفرقة الناجية , لا تستطيع أي فرقة من تلك الفرق
قديما أو حديثا ان تتبرأ من الإنتماء إلى الكتاب والسنة , لأنها إن فعلت فقد رفعت علم الخروج على الإسلام و لذلك فكل الجماعات الإسلامية وكل
الفرق الإسلامية , هذه الفرق التي ذكرها الرسول عليه السلام او أشار إليها في الحديث السابق كلها تشترك على كلمة واحدة ألا وهي الإنتماء إلى
الكتاب والسنة , أما الذين أشرنا اليهم في مطلع هذه الكلمة من السلفيين و غيرهم ممن ينحون منحاهم وقد يتسمون بغير هذا الاسم فهؤلاء يختلفون عن
كل الطوائف الإسلامية الأخرى بأنهم ينتمون الى شيء آخر , هذا الشيء الآخر هو العصمة من الخروج عن الكتاب و السنة باسم التمسك والكتاب و
السنة ألا وهو التمسك على ما كان عليه اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم من أتباعهم و أتباع أتباعهم
ألا وهم القرون المشهود لهم بالخيرية في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وهو
(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) , فإتباع هؤلاء الجيل الأول جيل الصحابة الأنور الأطهر ثم الذين جاءوا من بعدهم, يقولون ربنا
اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان , هؤلاء لابد لكل من أراد أن يكون من الفرقة الناجية لابد أن ينتمي إلى ما كان عليه هؤلاء الصحابة و
التابعون وهم السلف الصالح الذين نحن نقتدي بهم , وليس هذا الأمر من وجوب الإقتداء بهؤلاء السلف الصالح بالأمر المبتدع بل هو الأمر الواجب
التي جاءت الإشارة اليه بل التصريح به في مثل قوله تبارك وتعالى "و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه
ما تولى و نُصْلِه جهنم و ساءت مصيرا " , الله تبارك و تعالى قد ذكر في هذه الآية تحذيرا شديدا عن مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم و مُشاققته
ثم عطف على ذلك فقال "ويتبع غير سبيل المؤمنين " , ولا شك ان هؤلاء المؤمنين الذي حذر الله تبارك وتعالى الناس من المسلمين أن يخالفوا سبيل
المؤمنين لا شك أن هؤلاء إنما هم الذين ذكروا في الآية السابقة من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بالإحسان , فقد رضي الله عنهم ورضوا عن
ربهم , ذلك هو المعيار الذي يفرق بين المسلم الذي ينتمي بلسانه الى الكتاب و السنة َ ثم قد يخالف الكتاب و السنة حينما لا يرجع الى العصمة من مخالفة
الكتاب و السنة ألا وهو التمسك بما كان عليه اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم , أنتم الآن أمام نص من الآية و من الحديث الصحيح
ذكرت الآية سبيل المؤمنين و ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليه وسلم أصحابه كما ذكر سنة الخلفاء الراشدين في الحديث الآخر الصحيح
الذي رواه جماعة من اصحاب السنة منهم ابو داوود و الترمذي و الإمام احمد وغيرهم, عن العرباض ابن سارية قال ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم موعظة وجلت منها القلوب و ذرفت منها العيون , فقلنا أوصنا يا رسول الله , قال أوصيكم بتقوى الله و السّمع و الطاعة و إن وُلِّيَ
عليكم عبد حبشي و إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنّتي و سنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي , عضوا عليها بالنّواجذ , و
إيّاكم و محدثات الأمور فإنّ كلّ محدثة بدعة و كلّ بدعة ضلالة ) و في الحديث الآخر (وكلّ ضلالة في النّار ) .
فتجدون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليه وسلم في هذا الحديث ايضا , عطف سنّة الخلفاء الراشدين على سنّته عليه الصلاة و السلام فهذا
الحديث يلتقي مع حديث الفرقة النّاجية و يلتقي مع قوله تعالى في الآية الثّانية ألا وهي قوله تبارك وتعالى "و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له
الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى و نُصْلِه جهنم و ساءت مصيرا "
ولذلك فلا يجوز للمسلم باسم اتباع الكتاب و السّنة ان يتبع آراء أو أقوال تخالف ما كان عليه سلفنا الصالح ذلك لأن ما كانوا عليه هو تبيان للكتاب و
السنة , وأنتم تعلمون جميعا أن السّنة بنص القرآن الكريم تبيان للقرآن الكريم , كما قال الله تبارك وتعالى مخاطبا شخص النبي صلى الله وعلى آله وسلم
بقوله "و أنزلنا الذّكر لتبيّن للنّاس ما نُزِّلَ إليهم " , فكما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تولى بيان القرآن بسُنّتِهِ و سُنّتُهُ تنقسم الى ثلاثة
أقسام الى قول وفعل وتقرير , و هذه السنة ليس لنا طريق الى الوصول إليها و التعرف عليها الاّ من طريق اصحاب النبي صلى الله وعلى آله وسلم ,
ولذلك فلا سبيل الى أن يكون المسلم من الفرقة الناجية الاّ بأن يتبع الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح , هذا الأمر الثالث يجب ان يكون
ثابتا في أذهان المسلمين كلّهم , إذا كانوا صادقين في أن يكونوا من الناجين يوم القيامة, يوم لا ينفع مال و لا بنون الاّ من أتى الله بقلب سليم .
ونحن اليوم نعيش مع جماعات كلها تدعي أنها تنتمي الى الإسلام و كلها تعتقد ان الإسلام هو القرآن والسنة , ولكن الجماهير منهم لم يرتضوا الاعتماد
على ما سبق بيانه من الأمر الثالث الا وهو سبيل المؤمنين سبيل الصحابة المكرمين و من تبعهم بإحسان من التابعين وأتباعهم كما ذكرنا آنفا في حديث
خير الناس قرني الى آخره , ولذلك فعدم الرجوع الى ما كان عليه سلفنا الصالح من المفاهيم و من الأفكار و الآراء . هو السبب الأصيل الذي جعل
المسلين يتفرقون الى مذاهب شتّى وطرائق قِدادا , فمن كان يريد حقا الرجوع الى الكتاب و السنة فيلزمه الرجوع الى ما كان عليه اصاب النبي صلى الله
وعلى آله وسلم و التابعين و أتباعهم من بعدهم .
وأنتم تسمعون في كثير من المناسبات اقوالا يتلفظ بها بعض من ينتمي الى العلم ولكن ليس هذا هو العلم الذي طريقه ما ذكرنه آنفا , الكتاب والسنة وما
كان عليه الصحابة , و إنما يعنون بالعلم ما يفهمونه هم من الكتاب والسنة دون ان يرجعوا الى العصمة التي تحفظهم من أن يكونوا من الفرق الضالة ,
لذلك تجدون و تسمعون فيما يُنشر و يُطبع في العصر الحاضر من رسائل او مقالات ان كثيرا من هؤلاء الذين يدّعون العلم او ينتمون الى العلم أو
يزعم الجماهير أنهم من أهل العلم , تسمعون منهم من يقول مخالفا لكل هذه الأدلة التي ذكرناها آنفا , يقول مذهب السلف أسلم و مذهب الخلف اعلم
وأحكم , هذا اعلان صريح مفضوح بأن هذا القائل و أمثاله لن يرجعوا الى ما ذكرنا آنفا من النصوص التي توجب عليهم أن يلتفتوا الى ما كان عليه
أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الهدى و النور فقول هؤلاء إن علم السلف أسلم و علم الخلف أعلم و أحكم , معنى ذلك انهم أعرضوا
بإتباع السلف الذين أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإتباع سنتهم .
و لئن أردتم بعض الأمثلة التي تبين لكم الفرق بين من يتخذ هذا المنهج السلفي منهجا لهم و بينا أولائك الذين يُعرضون عن هذا المنهج الى اتباع
الخلف بزعم لنهم اعلم و أحكم , نقول على سبيل المثال تجدون هؤلاء الذين لا يلتفتون الى معرفة الى ما كان سلفنا الصالح , يأتون بأقوال و أفكار و
بمذاهب نقطع ببطلانها و بمخلفاتها للكتاب و السنة لأنها على خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم و الصحابة و التابعون لهم
بإحسان .



المصدر :


شريط : أصول الدعوة السلفية ، الشريط الاول (تفريغ من بداية الشريط حتى الدقيقة 25)

رد مع اقتباس