[بلال بريغت]

ثالثا: إظهار علي رضي الله عنه على أنه أول غلام سل سيفه في الإسلام

من المعلوم أن الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعد من أشجع الصحابة ، و مع صغر سنه كان قد شارك رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزواته ضد المشركين ، قال قتادة : '' إن عليا كان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم بدر ، و في كل مشهد ''([1]) ، وقال أبو هريرة رضي الله عنه وغيره : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، ويفتح الله على يديه " قال عمر : فما أحببت الإمارة قبل يومئذ ، قال : فدعا عليا فدفعها إليه...''([2]) ، و كان علي رضي الله عنه قويا شجاعا ، قال الذهبي : '' وقال ابن إسحاق في " المغازي " : حدثني عبد الله بن الحسن ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته ، فلما دنا من الحصن ، خرج إليه أهله ، فقاتلهم ، فضربه رجل من اليهود ، فطرح ترسه من يده ، فتناول علي بابا عند الحصن ، فتترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده ، وهو يقاتل ، حتى فتح الله علينا ، ثم ألقاه ، فلقد رأيتنا ثمانية نفر ، نجهد أن نقلب ذلك الباب ، فما استطعنا أن نقلبه''([3]).
و لكن في هذا الفيلم المقيت جُعِل علي رضي الله عنه هو وحده القوي الشجاع دون سائر الصحابة !!! و من المعلوم أن هناك من الصحابة رضوان الله عليهم من تعادل قوته المائة رجل ، و لكن لم يظهر هؤلاء الصحابة لغاية لا يعلمها إلا الله و الله حسيبهم ، هذا من جهة و من جهة أخرى مما يلاحظ في هذا الفيلم عند ظهور علي رضي الله عنه أنه أول غلام سل سيفه في الإسلام!!! و قد ترسخت هذه القصة في أذهان كثير من الناس الذين يتبعون كل ما يُلقى لهم من طريق هذه الأفلام ، و لو تتبعوا الأخبار من مصادرها الموثوقة لعرفوا أن أول غلام سل سيفه في الإسلام هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنه و ليس علي رضي الله عنه كما صُور في الفيلم ، قال الذهبي رحمه الله تعالى : '' وروى الليث ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، قَالَ : أسلم الزبير ، ابن ثمان سنين ، ونفحت نفحة من الشيطان : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بأعلى مكة ، فخرج الزبير وهو غلام ابن اثنتي عشرة سنة ، بيده السيف ، فمن رآه عجب ، وقال : الغلام معه السيف ، حَتَّى أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " مَا لك يا زبير ؟ " فأخبره ، وقال : أتيت أضرب بسيفي من أخذك''([4]).
قلت : و من هنا تعلم أخي المسلم أن الروافض أرادوا أن يحقروا من شأن الصحابة رضوان الله عليهم ، فكما ترى فأول غلام سل سيفه هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، و هو لا يقل شأنا عن علي رضي الله عنه من حيث الشجاعة ، فكلاهما فارسان ضربا بسيوفهما حتى تزعزع الباطل و ظهر الحق ، و لكن الروافض الأنجاس لا يريدون إظهار الحقيقة حتى يصور في الأذهان أن الصحابة كانوا جبناء و خونة عياذا بالله .

- يتبع -

=========

[1]: السير (26/228) ، و أخرجه ابن سعد (3/23).
[2]: السير (26/ 228) و الحديث أخرجه أحمد و هو في صحيح مسلم.
[3]: السير (26/229).
[4]: السير (1/41-42) ،و الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك (3/360) و رجاله ثقات .