عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04 Aug 2013, 05:21 AM
بلال بريغت بلال بريغت غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: قسنطينة / الجزائر.
المشاركات: 436
إرسال رسالة عبر Skype إلى بلال بريغت
افتراضي إعلام العوام لما في فيلم الرِّسالة من طوام


إعلام العوام لما في فيلم الرسالة من طوام

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فقد قال سبحانه و تعالى في كتابه العظيم : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [الأنبياء :7].
قال السعدي رحمه الله تعالى : (وهذه الآية وإن كان سببها خاصا بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين لأهل الذكر وهم أهل العلم فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين أصوله وفروعه إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم ولم يؤمر بسؤالهم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه .
وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهي عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم ونهي له أن يتصدى لذلك)([1])
فالواجب على المسلم أن يسأل أهل العلم الموثوقين في زمانه حتى لا يُهلك في دينه و يقذف به في نار جهنم ، و لكن مما نلاحظه في هذه الأيام الغفلة الشديدة عن أمور الدين ، تجد الرجل بطوله لا يحسن يصلي و لا يسأل أحدا ، لا أدري أهو الكبر أم الحياء !!؟ و ليكن فكلامهما ليس حجة للعبد على عدم السؤال في أمور دينه ، فالعجب من هؤلاء لو عُرضت عليه مسألة في أمور دنياه لسارع للسؤال عنها و لَتحرى لها أفضل و أحسن مختص في ذلك المجال و لبدل لها كل ما يملك من مال حتى يأتي بصاحب الصناعة ، و لو فعل هذا ووجده غير كفؤٍ بتلك الصناعة لنبذه و شنع به ، و أما في أمور دينه فلا يهم يأخذ من عند فلان الكذاب و لا يبالي بل يدافع عنه ، و يأخذ من عند فلان و هو متهم بالزندقة و لا يبالي ، فيا للعجب العجاب من هذا الزمان و أهله نسأل الله السلامة و العافية ، و في معنى هذا الكلام قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ( يا لله العجب! لو ادعى رجل معرفة صناعة من صنائع الدنيا ولم يعرفه الناس بها ولا شاهدوا عنده آلاتها؛ لكذّبوه في دعواه ولم يأمنوه على أموالهم ولم يمكّنوه أن يعمل فيها ما يدّعيه من تلك الصناعة.
فكيف بمن يدّعي معرفة أمر الرسول صلى الله عليه و سلم وما شوهد قط يكتب علم الرسول صلى الله عليه و سلم ولا يجالس أهله ولا يدارسهم؟! فيا لله العجب! كيف يقبل أهل العقل دعواه ويحكّمونه في أديانهم يفسدها بدعواه الكاذبة؟!)([2]).
و لهذا فلا يجب أن نبقى مكتوفي الأيدي و سفهاء الأحلام يلعبون بعقول أمهاتنا و آبائنا و إخواننا و أخواتنا ، بل يجب محاربة هؤلاء الجهال حفاظا على دين الأبرياء المغرر بهم ، و حتى نتمكن من هذا يجب على الآباء أن يحفزوا أبنائهم على طلب العلم الشرعي الذي نحن بحاجة إليه أكثر من الأكل و الشرب ، قال تعلى : (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)[التوبة:122] .
قال السعدي رحمه الله تعالى : (أي ليتعلموا العلم الشرعي، ويعلموا معانيه، ويفقهوا أسراره، وليعلموا غيرهم، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.
ففي هذا فضيلة العلم، وخصوصا الفقه في الدين، وأنه أهم الأمور، وأن من تعلم علما، فعليه نشره وبثه في العباد، ونصيحتهم فيه فإن انتشار العلم عن العالم، من بركته وأجره، الذي ينمى له)([3] ).
فهذا أمر من الله في التفقه في الدين و معرفة أحكامه فليتفطن لهذا ، و مما يجب معرفته معرفة دقيقة سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم فقد كثرت الروايات الضعيفة و الموضوعة حتى غُيبت الصحيحة منها و أصبح يُتشدق بالموضوعة في كل مكان و في أي مقام حتى على المنابر للأسف ، و سبب هذا هو عدم التحري و السؤال عن الصحيح و السقيم من الروايات ، فسل واحدا من هؤلاء المثقفين في الدين زعما!!! هل قرأت صحيح البخاري أو صحيح مسلم ؟ سيجيبك بـ : (لا)!! هذا المثقف منهم فما بالك بالرعاع و الله المستعان .
أيها المثقف إليك بعض ما جاء عن السلف في الصبر على طلب العلم و جمع الصحيح من السنن حتى تدرك أن هؤلاء وهبوا حياتهم لهذا العلم حتى تصلك الأخبار السليمة ، فادعي لهم بالخير بارك الله فيك ، فلولا فضل الله أن سخر أمثال هؤلاء الجبال لما وصلك شيء من الإسلام و لربما كنت صوفيا مخرفا ، شطاحا ، كذابا ، خوانا تجمع بين الغث و السمين.

- يتبع -

=======
[1]: تفسير السعدي (ص:545-546)ط.الرسالة.

[2]:الحكم الجديرة بالإذاعة (40).

[3]: تفسير السعدي (ص:369) ط.الرسالة.

رد مع اقتباس