عرض مشاركة واحدة
  #48  
قديم 25 Jan 2015, 03:52 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

صفةُ الوجهِ
يثبتُ أهلُ السنةِ أنَّ للهِ تعالى وجهًا حقيقيًا يليقُ بجلالهِ و عظمتِه، موصوفًا بالجلالِ و الإكرمِ، و أدلتهم في ذلكَ الكتابُ، و السنةُ، و الإجماعُ.
1 _ الكتاب : قال الله تعالى {وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن 27]، و قال {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص 88].
2 _ السنة : روى مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري، قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال : "إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". و له عنه أيضا، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "جنتان من فضة آنيتهما، وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما، وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن".
3 _ الإجماع : فقد اتفقَ أهلُ السنةِ على إثباتِ صفةِ الوجهِ للهِ تعالى إثباتًا يليقُ بهِ.
الوجهُ منَ الصفاتِ الذاتيةِ الخبريةِ
وجهُ اللهِ منْ صفاتِه الذاتية الخبريةِ، التي هي بالنسبةِ لنا أبعاضٌ وَ أجزاء، و لا نقولُ إنه منَ الصفاتِ المعنويةِ لأننا نوافقُ منْ تأوله تحريفًا، و لا نقولُ أنه بعضٌ أو جزء من اللهِ لأن في ذلك توهم نقصٍ له تعالى.
معنى قوله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}
قال الله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص 88]، في ذلك معنيان :
1 _ كلُّ شيءِ فان و زائلٌ، إلا وجهُ اللهِ تعالى؛ فإنهُ باقٍ. و هذا أقوهمَا.
2 _ كلُّ شيئٍ فان و زائلٌ، إلا الأعمال التي أريدَ بها وجهُاللهِ، لدلالةِ السياقِ حيثُ قال {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص 88] أي : لا تشركْ باللهِ؛ لأن عملَكَ و إشراكَك ضائعٌ، إلا ما أخلصتَه للهِ؛ فإنهُ يبقَى.
و يمكنُ حملُ الآيةِ على المعنييْنِ، إذ لا تعارضَ بينهما؛ فيقالُ : كلُّ شيءٍ يفنى إلا وجه اللهِ، و كلُّ عملٍ ضائعٌ إلا ما أريدَ به وجه اللهٍ. و على كِلا المعنيينِ ففي الآيةِ دليلٌ على ثبوتِ وجهِ اللهِ.
المراد بالوجه من قوله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}
إذا قلنا المرادُ بالوجهِ الذات، دونَ إثباتِ صفةِ الوجهِ، فهذا تحريف، و هوَ قولُ أهلِ التحريفِ. و إذا قلنا أن المرادَ الصفةَ دون الذاتِ، فيصير المعنى : أنّ اللهَ فان إلا وجهُه.
فالصوابُ أنْ نقولَ المرادُ : إلا ذاتُه المتصفةُ بالوجهِ، و عبرَ في الآيةِ بالوجهِ عنِ الذاتِ؛ لأن لهُ وجهًا.
قولُ المحرفةِ في صفةِ الوجهِ و الردُّ عليهِم
فسرَ أهلُ التحريفِ الوجهَ بالثوابِ، أي : كلُّ شيءٍ يفنَى إلا ثوابُ اللهِ.
الردُّ عليهِم بأنَّ :
1 _ هذَا التفسيرَ مخالفٌ لظاهرِ اللفظِ، فإنَ ظاهرهُ أنَّ هذا وجهٌ خاصٌّ.
2 _ هذَا التفسيرَ مخالفٌ لإجماعِ السلفِ، فلم يقلْ أحدٌ منهم أنَّ المرادَ هو الثوابُ.
3 _ الثوابَ لا يمكنُ وصفُه بهذهِ الصفاتِ العظيمةِ، فلا يمكنُ أن نقولَ : جزاءُ المتقينَ ذو جلالٍ و إكرام.
4 _ قال النبي صلى الله عليه و سلم : "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"، فهل الثوابُ له هذا النورَ الذي يحرقُ ما انتهَى إليه بصرُ اللهِ؟!.
5 _ تفسيرَهم للوجهِ بالثوابِ، يجعلهُ منْ بابِ الممكنِ الذي يجوزُ وجودُه و عدمُه، فإنَّ الثوابَ شيءٌ مخلوقٌ قابل للعدمِ و الوجودِ، و هو حادثٌ بعدَ أن لم يكنْ، و قابلٌ للعدمِ، و لو لا وعدُ الله ببقائهِ لكانَ من حيثُ العقل جائز أن يرتفعَ.
معنى قولهِ تعالى {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}
قال الله تعالى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة 115]، اختلفَ المفسرونَ في تفسيرٍ هذه الآيةِ :
1 _ منهم منْ قالَ : المرادُ الجهةُ؛ لقوله تعالى {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة 148]، فالمرادُ : فثمَّ جهةُ اللهِ التي يقبلُ اللهُ صلاتَكم إليها.
2 _ و منهم منْ قالَ : المرادُ وجهُ اللهِ الحقيقي، أي : إلى أيِّ جهةٍ تتوجهونَ فثمَّ وجهُ اللهِ؛ لأن اللهَ محيطٌ بكلِّ شيءٍ؛ و لأن الله المصلي إذا قامَ للصلاةِ فإن اللهَ يكونُ قبلَ وجهِه، حتى و إن كانت القبلةُ خلفهُ. و هذا هوَ الصحيحُ.
و المعنى الأولُ لا يخالفُه، فإنه إذا توجَّه المصلي إلى اللهِ في صلاتِه، فهيَ جهةُ اللهِ التي يقبلُ اللهُ صلاتهُ إليها، فثمَّ وجهُ اللهِ حقًّا.
اللهُ مُكْرِمٌ و مُكْرَمٌ
الله تعالى مكرِمٌ لعبادِه المطيعِينَ لهُ بالثوابِ، و هوَ مكرَمٌ من عبادهِ الذين يعبدونَهُ و يتذللونَ له، و هو غنيٌّ عنهم سبحانَه و تعالى.

رد مع اقتباس