عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12 Apr 2017, 03:56 AM
عز الدين بن سالم أبو زخار عز الدين بن سالم أبو زخار غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
الدولة: ليبيا
المشاركات: 548
افتراضي تذكير أهل العلم والأصحاب باستحباب تشجيع إخوانهم والطلاب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد تنوعت أساليب التربية في الشريعة الإسلامية، ومن هذه الأساليب التشجيع.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((لقاء الباب المفتوح)): ((الشريعة الإسلامية والحمد لله جاء فيها حوافز دينية ودنيوية، لأن الله تعالى علم نقص العبد واحتياجه إلى ما يشجعه، ونقص العبد واحتياجه إلى ما يردعه، فجاءت الأعمال الصالحة يذكر فيها ثواب الآخرة وثواب الدنيا، تشجيعاً للمرء لأن المرء محتاج لهذا في الدنيا والآخرة والتشجيع كذلك تنوعت)) اهـ.
وتشجيع المعلم للمتعلم أمر مشروع، والحث عليه أمر مطلوب.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت. فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له.
فقال للذي لم يعد: ((أصبت السنة وأجزأتك صلاتك)) وقال للآخر: ((لك الأجر مرتين)) أخرجه أبو داود و النسائي وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام)) (1/667): ((تشجيع من أصاب السنة في عمله حتى يقوى على معرفة السنة ليكون مصيبًا لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أصبت السنة)) ولم يقل: أجزأتك صلاتك فقط أو ما أشبه ذلك من العبارات، لكن قال: ((أصبت السنة)) تشجيعًا له ولغيره على أن يحرص على إصابة السنة)) اهـ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة.
فقال: ((لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه)) أخرجه البخاري.
قال الشيخ الفاضل عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر حفظه الله في ((تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي)) (ص 276): ((في هذا فضيلة لأبي هريرة رضي الله عنه، وبيان شدة حرصه على العلم وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم.
كما يؤخذ منه أسلوب نافع في التربية، وهو إعطاء الحريص حقه من التشجيع والترغيب ؛ فإنه يزيده حرصاً واهتماماً. والنبي صلى الله عليه وسلم إمام في كلِّ شيء: في العلم والتربية والمعاملة وغيرها، وهو الأسوة في كلِّ جانب، كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
ومع ذلك ترى بعض المهتمين بالتربية يشرِّقون ويغرِّبون في طلب الأساليب التربوية المؤثرة الناجحة، ويتركون هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا من النقص ووهاء العلم وضعفه، وإلا فالتربية بأروع صورها وأتم أساليبها وأكمل أبوابها عند نبينا صلى الله عليه وسلم، فلا أتم من تربيته، ولا أكمل من هديه، ولا أحسن من أسلوبه)) اهـ.
وعن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟
فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام كبر عشراً، وحمد الله عشراً، وسبح عشراً، وهلل عشراً، واستغفر عشراً، وقال: ((اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة)) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وقال الإمام الألباني: حسن صحيح.
قال العلامة عبد المحسن العباد البدر حفظه الله في ((شرح سنن أبي داود)): ((فكان هذا من عائشة رضي الله عنها وأرضاها تشجيعاً وتأييداً لهذا السائل على مثل هذا السؤال، وحث له على أن يُعنى بمسائل العلم، وأيضاً فيه تنبيه على حصول الغفلة من بعض الناس حيث لم يحصل منهم السؤال عن مثل هذا الذي لا يطلع عليه إلا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته)) اهـ.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلا من الأنصار ولد له غلام فأراد أن يسميه محمدا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله.
فقال: ((أحسنت الأنصار سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي)).
وخطب علي رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس أقيموا على أرقائكم الحد من أحصن منهم ومن لم يحصن.
فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديث عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: ((أحسنت)) أخرجه مسلم.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء.
فقال لي: ((أحججت)).
فقلت: نعم.
فقال: ((بم أهللت)).
قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: ((فقد أحسنت)) متفق عليه.
وعن عقبة ابن عامر الجهني أنه قدم على عمر بن الخطاب من مصر فقال: منذ كم لم تنزع خفيك.
قال: من الجمعة إلى الجمعة.
قال: (أصبت السنة). أخرجه ابن ماجة وصححه الإمام الألباني.
قال مغلطاي رحمه الله في ((شرح ابن ماجه)): ((خرّجه أبو الحسن الدارقطني وهو في معنى المرفوع لا سيّما من أبي حفص الفاروق، وقال أبو بكر النيسابوري: هذا حديث غريب، وقال الدارقطني: وهو غريب صحيح الإسناد، وقال في العلل: وخالفهم عمرو بن الحرث والليث بن سعد ويحيى بن أيوب فقالوا فيه: قال عمر: أصبت. ولم يقولوا: السنة كما قال من تقدّمهم وهو المحفوظ)) اهـ.
وعن معاوية بن قرة قال: كنت مع معقل المزني، فأماط أذى عن طريق فرأيت شيئاً فبادرته.
فقال: ما حملك على ما صنعت يا ابن أخي؟
قال: رأيتك تصنع شيئاً فصنعته.
فقال: أحسنت يا ابن أخي! سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أماط أذى عن طريق مسلمين، كتب له حسنة، ومن تقبلت له حسنة، دخل الجنة)). أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) وحسنه الإمام الألباني.
هذه بعض صور التشجيع المتنوعة من السنة النبوية والآثار السلفية، وهي من التشجيع المعنوي.
وجاءت فتاوى لأهل العلم بجواز التشجيع المادي ما لم يؤدي إلى مفسدة.
سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله ((فتاوى نور على الدرب)) ((بارك الله فيكم م ع ص له هذا السؤال يقول: المعلم الذي يعطي الطلاب جوائز ومكافآت تشجيعية هل يؤجر على ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا أعطى المعلم أو المدرس تلاميذه جوائز تشجيعية حتى يرغبهم في الدرس وينشطهم عليه ويتسابقوا عليه فإنه يؤجر على هذا، وهو من الإنفاق على العلم الذي فيه الفضل لمن فعله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في الغزو: (من قتل قتيلاً فله سلبه). وهذا لا شك طريق من طرق التشجيع، فإذا فعل المدرس أو المعلم هذا من أجل تشجيع الطلاب فإنه يؤجر على هذا، وهو يعود التلاميذ التنافس والوصول إلى الخير)) اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة السؤال السابع من الفتوى رقم ( 5966 ): ((الاشتراك في المسابقات الدينية ذات الجوائز المالية، هل جوائزها حلال أم حرام؟
فأجابت: لا حرج في أخذ جوائزها التي تبرع بها ولاة الأمور، أو غيرهم من المحسنين؛ لما في ذلك من التشجيع على تحصيل العلم والحفظ لكتاب الله عز وجل، وينبغي للمؤمن في هذه الأمور وأشباهها أن يخلص لله ويفرح بوجود ما يعينه على ذلك، وألا يكون همه تحصيل المال فقط)) اهـ.
وسئلت أيضا اللجنة الدائمة السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 13012 ): ((يقوم المشرفون على دروس تحفيظ القرآن في المدرسة الخيرية بمنح جوائز تشجيعية، وهي عبارة عن أشرطة دينية أو مصاحف للمشاركين من الطلبة، وذلك بهدف تشجيعهم وحثهم على الحفظ. فما حكم هذه الجوائز؟ علما بأن هناك من يقول بأن وجودها يجعل الطلبة يحفظون لكي ينالوها، مما يؤدي إلى فساد إخلاص النية لله ؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خير الجزاء.
فأجابت: لا بأس بمنح جوائز نقدية لحفز همم الطلاب على حفظ كتاب الله جل وعلا، ويوجه الطلاب إلى إخلاص النية لله لحفظ القرآن، والجوائز تأتي تبعا ولا تكون هي المقصود من الحفظ)) اهـ.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأحد 13 رجب سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 9 أبريل سنة 2017 ف

رد مع اقتباس