عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 31 Aug 2014, 11:58 AM
أبو عبد السلام جابر البسكري أبو عبد السلام جابر البسكري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 1,229
إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو عبد السلام جابر البسكري
افتراضي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم – التربية والتعليم –

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.


أمابعد :


يرفع شعار التربية والتعليم مع تزامن الدخول المدرسي أو الإجتماعي ، شعار براق وفي الواقع المشاهد سراب بقيعة -إلا من رحم الله – التربية في واد والتعلم في واد آخر ، وهذا كله بسبب التغير الواضح في أخلاق أولياء الطلاب والطلاب أنفسهم والمعلمين كذلك، وبسبب الإبتعاد عن تعاليم الدين الإسلامي ، فقد اهتم الإسلام بالأخلاق قبل طلب العلم والأرزاق ، فحملوا الأدب فارتقى بهم للمعالي وطلبوا العلم فأثمر الدر النفيس الغالي.

قال ابن القيم ( الأدب : اجتماع خصال الخير في العبد ومنه المأدبة وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس )، وقال أيضاً ( وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ). وقال رحمه الله: ( الأدب هو الدين كله ) فمنزلة الأدب هي منزلة الدين عند العبد . وقال رحمه الله: ( أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه ، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره ، فما استُجلب خيرُ الدنيا والآخرة بمثل الأدب ، ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب ، فتأمل أحوال كل شقيٍّ ومُدبِرٍ كيف تجد قلة الأدب هي التي ساقته إلى الحرمان ) مدارج السالكين .
فالأدب طريق العلم فلا علم دون أدب يصونه ويحفظ كرامته.
قال بكر أبو زيد في حلية طالب العلم :( لقد تواردت موجبات الشرع على أن التحلّي بمحاسن الأدب ومكارم الأخلاق سِمةُ أهل الإسلام وأن العلم لا يصل إليه إلا المُتحلي بآدابه المتخلي عن آفاته ).
لا تحسبنَّ العلم ينفع وحده *** ما لم يُتَوَّج ربُّـــه بخــــلاق
ولأجل هذا كان السلف الصالح - رضي الله عنهم - يحرصون على الأدب قبل العلم ، فإذا أرسلو أولادهم لأهل العلم ليأخذوا من علمهم ، أمروهم قبل العلم أن يتأدبَّوا بأدبهم وهديهم ، وكانوا إذا أرسلوهم للمربين والمؤدبين أمروهم بالأدب قبل العلم ، وكانت وظيفة ( مؤدب أولاد الخلفاء ) من الوظائف المعروفة المشهورة ، ولا ريب في ذلك ، فقد ثبت عند أحمد والحاكم بسندٍ حسنٍ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس منَّا من لم يُجِلَّ كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقَّه ) . وما ذاك إلاَّ لإدراكهم أهميَّة الأدب ، ومكانته من الدين والعلم .
و هذه أم الإمام مالك مثل يجب أن تقتدي وتحتذي به الامهات في عصرنا الذي قلت فيه المربيات ، كانت توصي إبنها بأن يطلب الأدب من معلمه قبل أن يأخذ العلم منه لما للأدب من أهميه على طالب العلم ، قال الإمام مالك : ( كانت أمي تُعَمِّمني ، وتقول لي : إذهب إلى ربيعة ، فتعلَّم من أدبه قبل علمه ) .
ولقد كان أئمة السلف يوجهون طلابهم إلى تعلم الأدب قبل الخوض في طريق العلم يقول الإمام مالك لفتى من قريش: يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم.
وجاء في السير للذهبي عن عبد الله بن وهب قال: ما نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلمنا من علمه. قال إبراهيم بن حبيب : قال لي أبي: يا بني ائت الفقهاء والعلماء وتعلم منهم وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم فإن ذلك أحب إلي لك من كثير من الحديث.
قال بعضهم لابنه: يا بني لأن تتعلم بابا من الأدب أحب إلي من أن تتعلم سبعين بابا من أبواب العلم!!
قال مخلد بن الحسين: نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث.
لقد وصل الأمر اليوم بسبب سوء التربية، بدأ من المتعلمين ،من عقوق الوالدين وشتم المعلم وضربه وساء تصرفهم في البيت والشارع و المدرسة ، وكذلك ساء خلق المعلم فذهبت هيبته ووقاره، وأصبح غرضا للإهانة والسخرية – والله المستعان - فما أحوجنا اليوم إلى التربية قبل التعليم ، ما أحوجنا للأخلاق والأداب في بيوتنا وفي شوارعنا وفي مدارسنا وجميع مؤسساتنا.
نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأداب وأ ن يجنبنا سيئها .

جمع محبكم في الله
أبو عبد السلام جابر البسكري.

رد مع اقتباس