عرض مشاركة واحدة
  #72  
قديم 23 May 2015, 02:53 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) }
1 - قوله تعالى : {لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ} "إلا" هنا بمعنى: "لَكِنَّ"، فهو استثناء منقطع، وقال النَّابغة الذّبياني: [من الطويل]
حَلَفتُ يَميناً غَيرَ ذي مَثنَوِيَّةٍ *** وَلا عِلمَ إِلّا حُسنُ ظَنٍّ بِصاحِبِ
ومعنى مَثنَوِيَّةٍ: "يقال: حلف فلان يمينا ليس فيها ثُنايا، ولا ثَنْوَى، ولا ثنيَّة، ولا مثنويّة، ولا استثناء، كلُّه واحد. وأصل هذا كلِّه من: "الثَّني" والكفِّ والرَّدِّ، لأنَّ الحالف إذا قال: واللهِ! لا أفعل كذا وكذا إلَّا أن شاء اللهُ غَيْره، فقد رَدّ ما قاله، بمشيئة الله غيرَه" اهـ من "تهذيب اللغة" (ثنى).
2 – وقُرِئَ: {إِلاَّ أَمَانِيَّ} خفيفة الياء، وهي قراءة أبي جعفرٍ يزيدَ بنِ القعقاعِ من العشرة كما في "النَّشر" لابن الجزري، وكلُّ ما جاء من هذا النَّحو واحده مشدَّدٌ، فَلَكَ فيه التَّشديد والتخفيف، مثل: أثافي وأغاني وأماني، ونحوه.
وقال الأخفش: هذا كما يقال في جمع مِفتاح: مفاتيح ومفاتِح، وهي ياء الجمع.
قال النَّحاس: الحذف في المعتل أكثر، كما قال ذو الرُّمَّة: [من الطويل]
وَهَل يَرجِعُ التَسليمَ أَو يَكشِفُ العَمى *** ثَلاثُ الأَثافي وَالرُسومُ البَلاقِعُ
والعمى: الجهل، وثلاث الأثافي: هي الحجارة التي تُنصَب عليها القدر واحدتها: أَثْفِيَّة، و الرُّسوم: واحدها رَسْم وهو الأثَر، ورَسْم الدَّار: ما كان من آثارها لاصقًا بالأرضِ، والبلاقع: لا شيء فيها.
3 - والأماني جمع: أُمْنِيَة وهي التِّلاوة، وأصلها أُمْنُويَة على وزن أُفعُولة، فأدغمت الواو في الياء فانكسرت النون من أجل الياء فصارت أمنية، وقال كعب بن مالك الأنصاري: [من الطويل]

تَمَنَّى كِتَابَ اللهِ أَوَّلَ ليلهِ *** وآخِرَهُ لاقَى حِمامَ المقادِرِ
وقال آخر: [من الطويل]
تمنَّى كتابَ اللهِ آخرَ ليْلِهِ *** تمَنِّيَ داودَ الزَّبورَ على رِسْلِ
وصدر البيت في "سيرة ابن هشام" وغيرها:
تمنَّى كتابَ اللهِ باللَّيلِ خاليًا *** ..........
والأماني - أيضا -: الأكاذيب، ومنه قول عثمان - رضي الله عنه -: "ما تَمَنَّيْتُ منذ أسلمتُ"، أي: مَا كذبتُ، وبه فسَّر ابن عبَّاس ومجاهد الآيةَ.
والأماني - أيضا -: ما يتمنَّاه الإنسان ويشتهيه.
قال قتادة: {إِلاَّ أَمَانِيَّ} يعني: أنَّهم يتمنَّوْنَ على الله ما ليس لهم.
4 - وقيل الأماني: التقدير، يقال: مُنِىَ له، أي: قُدِّر، قاله الجوهري، وحكاه ابنُ بحر، وأنشد قول سُوَيْدِ بنِ عامر المُصطَلِقي: [من البسيط]
لا تأمننّ وإن أمسيت في حرمٍ *** إنّ المنايا بكفّي كلّ إنسان
واسلك طريقك تمشي غير مختشعٍ *** حتّى يبيّن ما يُمْنِي لك المَانِي
أي: يُقَدَّر لك المُقَدِّر.
وجاء في "خزانة الأدب" للبغدادي البيتان وزيادة:
فكلّ ذي صاحبٍ يوماً يفارقه *** وكلّ زادٍ وإن أبقيته فان
والخير والشّرّ مقرونان في قرنٍ *** بكلّ ذلك يأتيك الجديدان
وأنَّها أُنشدت على النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: "لو أدركَني هذا لأَسْلَمَ"، وهو حديث ضعيف، أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، والدُّولابي في "الكنى والأسماء" عن مسلم الخزاعي، وقال في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني والبزار عن يعقوب بن محمد الزهري عن شيخ مجهول وهو مردود بلا خلاف اهـ.

قلتُ: والأبيات حسنة مليحة المعنى لمن أراد حفظها.

رد مع اقتباس