عرض مشاركة واحدة
  #64  
قديم 04 Feb 2015, 08:37 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

1- هادَ: تاب، والهائِد: التَّائِبُ، قال الشَّاعر : من الرجز

*** إنِّي امرُؤٌ مِنْ حُبِّهِ هَائِدٌ ***

أي: تائب.

2- {وَالنَّصَارَى} جمعٌ، واحده: نَصْرَانِيٌّ.
وقيل: نَصْرَانُ بإسقاط الياء، وهذا قول سيبويه.
والأنثى: نَصْرَانَةٌ ، كنَدْمَان ونَدْمَانَة، وهو نكرة يُعَرَّف بالألف واللام، قال نمر بن تولب يعدّ في الصَّحابة رضي الله عنه (ت 14هـ) : من البسيط

صَدَّت كَما صَدَّ عَمّا لا يَحِلُّ لَهُ *** ساقي نَصارى قَبيلِ الفَصحِ قَوامِ

فوصفه بالنَّكرة.
وقال الخليل: واحد النَّصارى: نَصْرِيٌّ، كمَهْرِي ومَهَارِى. قال الشَّاعر: من الطويل

تراه إذا دار العِشَا مُتحنِّفًا *** ويُضْحِي لديه وهو نَصْرَانُ شَامِسُ

وقال أبو الأخزَر الحِمَّاني: من الطويل

فكِلتاهُما خرَّت وأسجَدَ رأسُها *** كما أسجَدَتْ نَصْرانة لم تَحَنَّفِ

ولكن لا يستعمل نصران ونصرانة إلا بياءي النسب ، لأنهم قالوا : يقال رجل نصرانيّ وامرأة نصرانيَّة.
ونصَّره: جعله نصرانيًّا، وقد جاءتْ جموعٌ على غير ما يُستعمَل واحدُها، وقياسه: النَّصرانِيُّون. ثمَّ قيل : سُمُّوا بذلك لنصرة بعضهم بعضا، قال الشاعر: من الرجز

لمَّا رأيتُ نَبَطًا أنصارَا *** شَمَّرتُ عن رُكبَتِي الإزَارَا
كنتُ لهم مِنَ النَّصَارَى جارَا

3- جَمَعَ الضَّميرَ في قوله تعالى : {لهُمْ أَجْرُهُمْ}، و"آمن" لفظٌ مفردٌ ليس بجَمْعٍ، لأنَّ: "مَنْ" يقع على الواحد والتَّثنية والجمع، فجائزٌ أنْ يرجع الضَّمير مفردًا ومثنَّى ومجموعًا، قال امرؤ القيس : من الطويل

أَلِمَّا بِسَلْمَى لَمَّةً إذْ وَقَفْتُمَا *** وَقُولاَ لَها عُوجِي عَلَى مَنْ تَخَلَّفوا

وقال الفرزدق : من الطويل

تَعَشَّ فإِنْ عاهَدْتَنِي لا تخُونُنِي *** نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يا ذِئْبُ يَصْطَحِبانِ

فحملا على المعنى، ولو حملا على اللفظ لقالا : يصطحب وتخلَّف.
قال تعالى : {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} فحمل على اللفظ، ثم قال : {خَالِدِينَ} فحمل على المعنى، ولو راعى اللَّفظ لقال : خالدا فيها.

تنبيه:

وإذا جَرَى ما بعد "مَنْ" على اللَّفظ فجائزٌ أن يخالفَ به بعدُ على المعنى، وإذا جَرَى ما بعدها على المعنى لم يجزْ أن يخالف به بعدُ على اللَّفظ، لأنَّ الإلباس يدخلُ في الكلام.

فائدة:

قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله : " رُوِيَ عن ابن عباس أنَّ قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا}، مَنسوخٌ بقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}، وقال غيره : ليست بمنسوخة، وهيَ فيمَن ثَبَتَ على إيمانه مِنَ المؤمنين بالنَّبِيِّ عليه السَّلام" اهـ.

قلتُ: وأكثر العلماء على أنَّها مُحكَمَة، وتوجيهُها كما ذكر القرطبي في القول الثَّاني، والله أعلم.

******

رد مع اقتباس