عرض مشاركة واحدة
  #63  
قديم 28 Jan 2015, 10:22 PM
يوسف بن عومر يوسف بن عومر غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: الجزائر-ولاية سعيدة
المشاركات: 594
افتراضي

قوله تعالى: " {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)}

1- الطعم - بالفتح - : هو ما يؤدِّيه الذَوْق، يقال : طَعمه مُرٌّ، والطَّعم - أيضًا - : ما يُشتهى منه يُقال : ليس له طُعم، وما فلان بذي طَعم : إذا كان غثًّا.
والطُّعم - بالضَّم - : الطَّعام، قال أبو خراش الهذلي: من الطويل

وَأَغتَبِق الماءَ القَراحَ فَأَنتَهي *** إِذا الزادَ أَمسى لِلمُزَلَّجِ ذا طَعمِ
أَرُدُّ شُجاعَ البَطنِ قَد تَعلَمينَهُ *** وَأوثِرُ غَيري مِن عِيالِكِ بِالطُعمِ


أراد بالأوَّل: ما يُشتهى ، وبالثَّاني: الطعام.
وفلان ما يَطْعْم النَّومَ إلا قائمًا، قال بشر بن أبي خازم : من المتقارب

فَأَمّا تَميمٌ تَميمُ بنُ مُرٍّ *** فَأَلفاهُمُ القَومُ رَوبى نِياما
وَأَمّا بَنو عامِرٍ بِالنَسارِ *** غَداةَ لَقونا فَكانوا نَعاما
نَعاماً بِخَطمَةَ صُعرَ الخُدو *** دِ لا تَطعَمُ الماءَ إِلّا صِياما


في "الصِّحاح" : رَوْبى، أي: خُثَراءُ الأنفسِ مختلطون، وهم الذين أثخنهم السيرُ فاستَثْقَلوا نوماً، ويقال: شَرِبوا من الرَّائب فَسَكِروا.
ويروى الشَّاهد هكذا:

نعاما بوجْرة صُفر الخدو *** د ما تطعم النَّوم إلا صياما


2- فثأت القدر سكنت غليانها بالماء قال النَّابغة الجعدي : من الطويل

فَنَحنُ غِضابٌ مِن مَكانِ نِسائِنا *** ويَسفَعُنا حَرُّ مِنَ النارِ يُصطَلى
تَفُورُ عَلَينا قِدرُهُم فَنُديِمُها *** وَنَفثَؤُها عَنّا إِذ حَميُها غَلا

وفثأتُ الرَّجُلَ: إذا كسرته عنك بقول أو غيره وسكَّنْتَ غضبَه، وفي المثَل: "إنَّ الرَّثيئَةَ تفثَأُ الغضَبَ"، وفي "الصِّحاح": وأصله: أنَّ رجلاً كان غضب على قوم، وكان مع غضبه جائِعاً، فسقَوْهُ رثيئةً فسَكَنَ غَضبُهُ وكفَّ عنهم، والرثيئة: لبن محلوب على لبن حامض ليَخثُر اهـ.

3- الفوم قيل: هو الثُّوم، والثاء تُبدَل من الفاء، قال أمية بن أبي الصلت :من البسيط

كانَت لَهُم جَنَّةٌ إِذ ذاكَ ظاهِرَةٌ *** فيها الفَراديسُ وَالفومانُ وَالبَصَلُ

ويُروى:

كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة *** فيها الفراديس والفومان والبصل

وقال حسَّان : من المتقارب

وأنتم أُناسٌ لئام الأصول *** طعامُكُمُ الفُوم والحَوْقَل

يعني: الثوم والبصل، وهو قول ابن مسعود وابن عبَّاس في رواية، والضَّحَّاك والكِسائي والنَّضر بن شُميْل.

4- وقيل الفوم: هو الحِنطة، وهو قول ابن عباس في رواية، والزجاج والجوهري، قال أحَيْحة بن الجَلَّاح : من الكامل

قَد كُنتُ أَغنى الناسِ شَخصاً واحِداً *** سَكَنَ المَدينَةَ عَن زِراعَةِ فُومِ

وقال الشاعر: من الكامل

قَد كُنتُ أحسبُني كأغنى واجدٍ *** نزل المدينة عن زراعة فوم

ويُروى عن أبي محجن الثقفي: من الكامل

قَد كُنتُ أحسبُني كأغنى واحدٍ *** وَرَدَ المدينة عن زراعة فول

قال ابن دريد : "الفُومَة: السُّنبُلة"، وأنشد: من الوافر

وقال رَبيئُهم لمَّا أتانا *** بكفِّه فُومَة أو فومَتان

وقيل الفوم: الحِمَّص، وهي لغة شاميَّة، وقال عطاء وقتادة: الفوم كلُّ حبٍّ يُخْتَبَز، وقال محمد البخاري رحمه الله: " وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ" اهـ.

5- عَدَسْ : زَجْر للبِغال، قال يزيد بن مفرِّغ الحميري (ت: 69هـ) في هجاء عبَّاد: من الطويل

عَدَسْ ما لِعَبّادٍ عَلَيكِ إِمارَةٌ *** نَجَوتِ وَهَذا تَحمِلينَ طَليقُ

وعَدَسَتْ إليه المَنِيَّة، أي: سارَتْ، قال الكُمَيْت بن زيد الأسدي (ت: 126هـ) : من الطويل

أكلِّفها هول الظَّلام ولم أزلْ *** أخا اللَّيل معْدوسًا عليَّ وعادِسا

أي: يُسار إليَّ بالليل، وعَدَس: لغة في حَدَس، قاله الجوهري في "الصّحاح" (عدس).

6- {مِصْراً} بالتنوين مُنَكَّرًا قراءة الجمهور، قال ابن عباس: "مِصرًا من هذه الأمْصار". وقالت طائفة ممن صرفها - أيضا - : أراد مصر فرعون بعينها، وأجازوا صرفها، قال الأخفش والكسائي : لخفتها وشبهها بهِنْدٍ ودَعْدٍ ،قال جرير: من المنسرح

لَم تَتَلَفَّع بِفَضلِ مِئزَرَها *** دَعدٌ وَلَم تُغذَ دَعدُ بِالعُلَبِ

ويروى لعبيد الله الرقيات: من المنسرح

لَم تَتَلَفَّع بِفَضلِ مِئزَرِها *** دَعدٌ وَلَم تُسقَ دَعدُ في العُلَبِ


فجمع بين اللغتين.
وسيبويه والخليل والفرَّاء لا يجيزون هذا، لأنك لو سمَّيْت امرأةً: بزيد لم تصرف.
وقال غير الأخفش: أراد المكان فصَرَف، وقرأ الحسن وأبان بن تغلب وطلحة: {مِصْرَ} بترك الصرف، وكذلك هي في مصحف أبيّ بن كعب وقراءة ابن مسعود، وقالوا: هي مصر فرعون، وهو قول مالك في رواية أشهب.

7- والمِصْر أصله في اللُّغة: الحَدُّ، ومِصْر الدَّار: حُدُودُها، قال عَدِيّ بن زيد ويُنسَب لأميّة بن أبي الصلت: من البسيط

وَجاعِلُ الشَمسِ مِصراً لا خَفاءَ بِهِ *** بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَيلِ قَد فَصَلا


8- {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} أي: أُلزِموهما وقُضِي عليهم بهما، مأخوذ من ضَرْب القِبَاب ، قال الفرزدق في جرير : من الكامل

ضَرَبَت عَلَيكَ العَنكَبوتَ بِنَسجِها *** وَقَضى عَلَيكَ بِهِ الكِتابُ المُنزَلُ

9- البَوَاء : الرجوع بالقَوَد. وهم في هذا الأمر بَوَاء، أي: سَوَاء، قال الشاعر ويُنسَب لجابر التّغلبيّ : من الطويل

ألا تنتهي عنَّا ملوكٌ وتتَّقي *** مَحَارِمَنا لا يَبُؤِ الدَّمُ بالدَّمِ


أي: لا يرجع الدَّمُ بالدَّمِ في القود.
وقال عمرو بن كلثوم : من الوافر

فَآبوا بِالنِهابِ وَبِالسَبايا *** وَأُبنا بِالمُلوكِ مُصَفَّدينا


أي: رَجَعُوا ورَجَعْنَا.

10- وقد جاء في جمع نَبِيّ: نُبآء، قال العبَّاس بن مِرْدَاس السُّلمي يمدح النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم : من الكامل

يا خاتَمِ النُبَآءِ إِنَّكَ مُرسَلٌ *** بِالحَقِّ كُلُّ هُدى السَبيلِ هُدَاكَا

هذا في قراءة الهمز.
واختلف القائلون بترك الهمز ، فمنهم من قال: النَّبيّ بترك الهمز - أيضا -: الطريق ، فسُمِّي الرَّسول نبِيًّا لاهتداء الخلق به كالطريق ، قال الشاعر أوس بن حجر: من المتقارب

لَأَصبَحَ رَتماً دُقاقَ الحَصى *** كَمَتنِ النَبِيِّ مِنَ الكاثِبِ

رَتْمًا: مَكْسُورًا، والكاثب اسم جبل، فالأنبياء لنا كالسبل في الأرض.

فائدة:

قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله: " والحِنْطة من جملة الحبوب، وهي الفُوم على الصَّحيح ، والشَّعير قريب منها، وكان طعامَ أهل المدينة ، كما كان العدسُ من طعام قرية إبراهيم عليه السلام ، فصار لكلِّ واحد من الحبَّتيْن بأحد النَّبِيَّيْن عليهما السلام فضيلةٌ ، وقد رُوي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يشبع هو وأهلُه من خُبز بُرٍّ ثلاثة أيام متتابعةً منذ قدم المدينة إلى أن توفَّاه الله عزَّ وجلَّ" اهـ.

******


التعديل الأخير تم بواسطة يوسف بن عومر ; 02 Feb 2015 الساعة 11:22 PM
رد مع اقتباس