عرض مشاركة واحدة
  #57  
قديم 02 Aug 2020, 12:45 AM
أبو جميل الرحمن طارق الجزائري أبو جميل الرحمن طارق الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 414
افتراضي

يا لله العجب
قال ابن المبارك: "من صبر، فما أقلَّ ما يصبر، ومن جزع، فما أقلَّ ما يتمتع".


قال شيخ الإسلام ابن تيمية - في "مجموع الفتاوى" (10 / 635): "فإذا كانت النفس تهوى، وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله، وعملًا صالحًا"، وثبت عنه أنه قال: "المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله، فيؤمر بجهادها، كما يؤمر بجهاد من يأمر بالمعاصي، ويدعو إليها، وهو إلى جهاد نفسه أحوج؛ فإن هذا فرض عين، وذاك فرض كفاية، والصبر في هذا من أفضل الأعمال؛ فإن هذا الجهاد حقيقة ذلك الجهاد، فمَن صبر عليه، صبر على ذلك الجهاد؛ كما قال: ((والمهاجر من هجر السيئات))، ثم هذا لا يكون محمودًا فيه إلا إذا غلب، بخلاف الأول؛ فإنه: ﴿ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾[النساء: 74]؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الشديد بالصُّرعة))؛ وذلك لأنَّ الله أمر الإنسان أن ينهى النفس عن الهوى، وأن يخاف مقام ربه، فحصل له من الإيمان ما يعينه على الجهاد، فإذا غُلِبَ، كان لضعف إيمانه، فيكون مفرِّطًا بترك المأمور، بخلاف العدو الكافر؛ فإنه قد يكون بدنُه أقوى".

وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (3 / 5) بعد ما بين أن العبد امتحن بأعداء ثلاثة أُمِرَ بمحاربتها، وجهادها؛ وهي النفس، والشيطان، وأعداءُ الله: "فأعطى عباده الأسماع، والأبصار، والعقول، والقُوَى، وأنزل عليهم كتبه، وأرسل إليهم رسله، وأمدهم بملائكته، وقال لهم: ﴿ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الأنفال:12]، وأمرهم من أمره بما هو من أعظم العون لهم على حرب عدوِّهم، وأخبرهم أنهم إن امتثلوا ما أمرهم به، لم يزالوا منصورين على عدوه وعدوهم، وأنه إن سلطه عليهم، فَلِتَرْكِهِمْ بعضَ ما أُمِروا به، ولمعصيتهم له، ثم لم يؤَيِّسْهم، ولم يقَنِّطهم، بل أمرهم أن يستقبلوا أمرهم، ويداوُوا جراحهم، ويعودوا إلى مناهضة عدوهم، فينصرَهم عليه، ويُظْفِرَهُمْ بهم، فأخبرهم أنه مع المتقين منهم، ومع المحسنين، ومع الصابرين، ومع المؤمنين، وأنه يدافع عن عباده المؤمنين ما لا يدافعون عن أنفسهم، بل بدفاعه عنهم انتصروا على عدوهم، ولولا دفاعه عنهم، لتخطفهم عدوهم واجتاحهم.

وهذه المدافعة عنهم بحسب إيمانهم، وعلى قَدْرِهِ، فإن قَوِيَ الإيمان، قويت المدافعة، فمن وجد خيرًا، فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه".

رد مع اقتباس