[أبو عبد الرحمن عبد الكريم]

«نصائح لزائر معرض الكتاب»

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه بعض النَّصَائح أهديها لإخواني بـ«منتديات التصفية» كأول مشاركة لي معهم، لخصت أغلبها مما كتب في الباب من مقالات وإرشادات لأهل العلم وطلابه، وزدت ما رأيته مناسبا، ـ نفعني الله وإياكم بها ـ:
1ـ أَعِدَّ قائمةً للكتب التي تريد شراءها: وابدأ بالأهم فالمهم، فما تدرسه اليوم أو في هذه المرحلة مقدم على ما تدرسه في مرحلة قادمة، وأردفها بقائمة احتياطيَّة حتَّى لا تحتار إذا لم تجد كتبا من الأولى.
2ـ اختر أحسن الطبعات: ويمكنك معرفتها بسؤال المشايخ وطلبة العلم، وإن شئت غنيمة باردة؛ فعليك بـ«أسطوانة دليل الطالب» بموقع التصفية، ولا تنس تدوين ما غنمت في قائمتك (دار النشر، المحقق، رقم الطبعة....).
3ـ أعد ميزانية مضبوطة: توافق حاجتك من الكتب، ولا تتعدَّى بها على حَقِّ من يجب عليك نفقته من الأهل والأولاد؛ كي لا تحقِّقَ مستحبًّا وتفرِّط بواجب.
أما ميسور الحال؛ فليشتر ما لَذَّ وطاب، وليصطحب لإعانته الأصحاب، وليكن سخيًّا؛ فليتحف كُلًّا منهم بكتاب.
4ـ اضبط وقت الزِّيارة: وأفضل الأوقات الفترة الصباحية إلى العصر، أما بعده فيكثر الاكتضاض لالتحاق الزائرين من العمال، وتجنب الجمعة والسَّبت؛ فلن تجد موضع قدم، ويضيع عليك كثير مِنَ الوقت في الزِّحام، كما يكثر التَّبرُّج والاختلاط، ولكلِّ زائر ظروفه.
ولا تكن أوَّل داخل ولا آخر خارج، فالمعرض سوق، وهي معركة الشَّيطان، وفيه ينصب رايته، فلا تغفل عن الذِّكر المأثور.
5ـ إذا استشرت غيرك، وأعددت قائمتك؛ فاستخر الله تعالى، «فما خاب من استخار، ولا ندم من استشار»، ـ ولا يصحُّ حديثًا ـ.
6ـ «كَرِّر الزِّيارة» من النصائح المشتهرة، في أول أيَّام المعرض وفي وسطه وآخره؛ ففي أوله لتستفيد من الكتب والنسخ الجيدة والعزيزة قبل نفاذها، وفي وسطه لطرح بعض العارضين كتبا لم تعرض في أوله، وفي آخره لانخفاض الأسعار، ومن جرَّب عرف.
7ـ ابدأ بشراء كتب القائمة: فتوجَّه مباشرة إلى دور النشر المقصودة أو ممثليها، حتَّى تجمع همَّك، ولا تشتت شملك، وتربح وقتك، واستعن بمخطَّطِ العارضين إن وجد، أو بسؤال من سبقك بالزِّيارة.
8ـ احذر من أن تُغبَنَ في الثَّمن: فكثير مِنَ الكتب تباع خارج المعرض بثمن أقل، وبداخله بعضُ الناشرين يشتري من غيره؛ فاشتر من النَّاشر الأصليِّ، إذ الثَّمَنُ عنده أرخص في الغالب، وقد يباع بأكثر منه على بُعدِ أمتار، وهذه عن تجربة.
9ـ النَّاشر تاجر: جاء ليُحَصِّل المال، لا ليعين طلبة العلم أو ليخدم دعوة الحق ـ إلا من رحم الله ـ، فالكتاب عنده كأي بضاعة: يثني على طبعته، ويغريك بالمؤلف والمحقق، ويوهمك بقرب نفاذ النسخ...؛ فتعامل معه كأي تاجر، والبيعُ ذو مكايسة.
10ـ إذا قابلتك الدُّور المختصَّة في نشر كتب الكفر والضَّلال والبدع؛ فغُضَّ عنها بصرك، وولِّهَا ظهرك، ولا تكَثِّر سوادَ الكفار والمبتدعة؛ فيغترَّ غيرك.
11ـ اصطَحِبْ قلمًا ودفترًا، واكتب ما تراه مفيدا من عناوين الكتب، وأثمانها، والدور التي تنشرها؛ فقد تعودُ إليها.
12ـ لا تنس نصيب الأهل والأولاد: اقتن لهم ما ينفعهم ويناسبهم، تحر الكتب الصغيرة المُبَسَّطَة، ورَكِّز على العقيدة وما يجب عليهم من عبادات، ولا تنس سيرة النبي ﷺ وآله، وسير الصحابة والصحابيَّات؛ فلقراءتهم من الكتب فوائد جمة، وهي من أعظم أسباب الصَّلاح والاستقامة.
13ـ تصفَّح كتابك: انظر في المقدمة، وعمل المؤلِّف والمحقِّق، وقَلِّب الصَّفَحَات ولا تعجز؛ فقد تجد في بعضها بياضًا أو طمسًا أو تداخلا في الأسطر...
14ـ إن كنت إمامًا؛ فاغتنم الفرصة لتدعيم مكتبة مسجدك أو استحداثها، فرغب المصلين في هذا الباب العظيم من الصدقة الجارية؛ تجد بإذن الله تعالى نتيجة طيبة، وأقولها عن تجربة.
وعند بعض الناشرين تخفيضات للمساجد، فخذ معك ختم الجمعية الدينية للإثبات؛ وقد يفتح الله لك فتظفر ببعض الكتب مجانا.
15ـ إذا لقيت أحد العلماء والمشايخ؛ فسلم عليه وانصرف، ولا تحرجه بالأسئلة، فقد جاء لقضاء حاجته من الكتب، وليس لديه وقت ليتفرَّغ لك.
16ـ تنبَّه للدور المتشابهة الأسماء لئلا تختلط عليك الطبعات، مثلا: دار ابن الجوزي السعودية غير دار ابن الجوزي المصرية، ودار الفضيلة ودار المنهج الجزائريتان، غير دار الفضيلة ودار المنهاج السعوديتان، ومؤسسة الرسالة بيروت غير الرسالة العالمية دمشق. ومكتبة الرشد الرياض غير دار الرشيد الجزائر....
17ـ أعن إخوانك؛ فكثيرا ما تجد التائهين بين الكتب حائرين في الاختيار، وقد تُسأَل عن قيمة كتاب ما من الطلبة والعوام؛ فأرشد إخوانك وانصح لهم، وقَدِّم مصلحتهم على مصلحتك، فقد يكون في نصحك هدايةٌ، وإنقاذٌ من ضلالة، وأبشر؛ فـ«لَأَن يَهدِيَ الله بكَ رجلًا وَاحدًا؛ خَيْرٌ لَكَ من أن يكونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ» [البخاري: 3009، ومسلم:2406]، «واللهُ في عَون العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أخيه» [مسلم: 2699].
أهم الكتب لطالب العلم المبتدئ:
كما ذكرت في النصائح، ينبغي أن يقتني الكتب التي يدرسها في مرحلته، وهذا يختلف باختلاف الطلبة، لكن لنفرض أن الطالب في المرحلة الأولى، فلا بد له من الكتب التالية:
العقيدة: شرح على: ثلاثة الأصول، القواعد الأربع، الأصول الستة، ثم كتاب التوحيد، كشف الشبهات، ثم الواسطية.
لا شك أن الشروح كثيرة، وأحبذ أن يعتمد على شروح شيخ واحد، وأفضلها ما كان تأصيليا ومختصرا مبسطا، كشروح صالح آل الشيخ، لكن لا أدري هل شرح الأصول الستة أم لا، إن لم يجد يشتري شروح صالح الفوزان أو ابن عثيمين.
الفقه: شرح رسالة شروط الصلاة للشيخ عبد المحسن العباد، صفة الصلاة للألباني، الملخص الفقهي للفوزان، أو شرح نور البصائر والألباب للشثري.
التفسير: تفسير السعدي وابن كثير، وفي أصوله: أصول التفسير لابن عثيمين، أو شرح مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير، لابن عثيمين أو صالح آل الشيخ.
شروح الحديث: شرح الأربعين النووية للشيخ صالح أو العثيمين، وفي أحاديث الأحكام: تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للبسام، ثم سبل السلام للصنعاني.
السيرة: شرح الأرجوزة الميئية لعبد الرزاق العباد، وفصول في السيرة لابن كثير.
علوم الآلة:
في النحو: شرح الآجرومية لابن عثيمين فهو سهل ومبسط، ويفتح للطالب باب علم النحو.
في مصطلح الحديث: شرح على نخبة الفكر لابن حجر، كشرح عبد الكريم الخضير مثلا.
في أصول الفقه: شرح على الورقات، ومن أفضل الشروح شرح عبد الله الفوزان، أو كتاب شرح الأصول من علم الأصول لابن عثيمين فهو كتاب مختصر مبسط ومؤصل.
هذا ما يحضرني من خلال ما أعرفه من الشروح، ويمكن أن يكون غيرها خيرا منها، وتلاحظ أنني ركزت على شروح المتأخرين؛ لأن أسلوبها سهل، ويفتح الباب للطالب لفهم كلام المتقدمين.
وأنصح بقراءة كتاب العلم لابن عثيمين ـ رحمه الله ـ، ففيه نصائح وتوجيهات قيمة ومفيدة لطالب العلم.
والله تعالى أعلم. ـ وفق الله الجميع ـ