عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20 Apr 2016, 12:08 AM
أبو العباس منصور كمال أبو العباس منصور كمال غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2015
الدولة: الجزائر
المشاركات: 72
افتراضي فائدةٌ عزيزةٌ لا تَفُوتكَ

فائدةٌ عزيزةٌ
ورد في صحيح مسلم أنَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في مُعاوية:
«لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ».

فروى بسنده إلى ابن عبّاس قال: «كُنتُ ألعب مع الصِّبيان، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتواريت خلف بابٍ، قال: فجاء فحطأني حطأةً (يعني ضرب بيديه بين كتفي)، وقال: «اذْهَبْ وَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ».
قال: فجئتُ وقلت: هو يأكل. ثم قال: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ».
قال: فجئت فقلت: هو يأكل. قال: «لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ».
وقد ختم مسلم -رحمه اللّه- بهذا الحديث الأحاديث الواردة في دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنْ يجعل ما صدر منه من سبٍّ ودُعاءٍ على أحدٍ ليس هو أهلاً لذلك أنْ يجعله له ذكاةً، وأجرًا، ورحمةً، وذلك كقوله: «تَرِبَتْ يَمِينُكَ، وَثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وعقرى حلقى، وَلاَ كَبُرَتْ سِنُّكِ»، فقد أورد في صحيحه عِدَّة أحاديث.
أحدها هذا الحديث، وقبله حديث أنس بن مالك -رضي اللّه تعالى عنه- قال: كانت عند أمِّ سليم يتيمة، وأمُّ سليم هي أمُّ أنس، فرآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «آنْتِ هِيَ لَقَدْ كَبِرْتِ لاَ كَبُرَ سِنُّكِ».
فرجعت اليتيمة إلى أمِّ سليم تبكي، فقالت لها أمُّ سليم: مالك يا بُنيَّة؟ فقالت الجارية: دعا عليَّ النَّبيُّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنْ لا يكبر سِنِّي فالآن لا يكبر سنِّي أبدًا، أو قالت قَرني.
فخرجت أمُّ سليم مُستعجلة تلوث خمارها، حتَّى لقيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «مَالَكِ يَا أُمَّ سَلِيمٍ؟» قالت: يا رسول اللّه. أَدَعوت على يتيمتي. قال: «مَا ذَاكَ يَا أُمَّ سَلِيمٍ؟».
قالت: زَعَمَتْ أنَّك دَعَوتَ عليها أنْ لا يَكبُر سِنُّها ولا يَكبُرَ قَرنُهَا.
قال: فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال: «يَا أُمَّ سَلِيمٍ، أَمَا تَعْلَمِينَ أنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أنِّي اشتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى البشرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغضَبُ البَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».
وعقب هذا الحديث مباشرة أورد مُسلمٌ -رحمه اللّه- الحديث الذّي قال فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في معاوية: «لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ».
وهذا من حُسنِ صَنيع مُسلم -رحمه اللّه- وجَودة ترتيبه لصحيحه، وهو من دقيق فهمه، وحُسن استنباطه -رحمه اللّه-.
وقد قال النووي -رحمه اللّه- في شرحه «*»:
«وقد فَهم مُسلم -رحمه اللّه- من هذا الحديث أنَّ مُعاوية لم يكن مُستَحقًّا للدُّعاء عليه، فلهذا أدخله في هذا الباب، وجَعلهُ غَيرُهُ من مناقب مُعاوية».
يعني جعله غيرُ مُسلم من مناقب مُعاوية، لأنَّه يَصيرُ في الحقيقةِ دعاءً لهُ.
ه________________________
«*»- انظر شرح النووي (١٦\١٥٦).
[«المصدر: رسالة - من أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوية -رضي اللّه عنه- للعلاَّمة المحدِّث عبد المحسن العبَّاد -حفظه اللّه- : ٣٢-٣٥»]

رد مع اقتباس