عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 12 Oct 2019, 09:36 PM
أم وحيد أم وحيد غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
افتراضي





درر وجواهر من كلام الإمام ابن القيم رحمه الله في "الهداية" ونعمة الله، بها، على عبده :


قال الإمام ابن القيم رحمه الله، في كتاب إعلام الموقّعين عن ربّ العالمين:

{.....صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ، بَلْ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ عَطَاءً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَلَا أَجَلُّ مِنْهُمَا، بَلْ هُمَا سَاقَا الْإِسْلَامِ، وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا، وَبِهِمَا يَأْمَنُ الْعَبْدُ طَرِيقَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ فَسَدَ قَصْدُهُمْ وَطَرِيقُ الضَّالِّينَ الَّذِينَ فَسَدَتْ فُهُومُهُمْ، وَيَصِيرُ مِنْ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ حَسُنَتْ أَفْهَامُهُمْ وَقُصُودُهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَهُمْ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَصِحَّةُ الْفَهْمِ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، وَيَمُدُّهُ حُسْنَ الْقَصْدِ، وَتَحَرِّي الْحَقَّ، وَتَقْوَى الرَّبِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَيَقْطَعُ مَادَّتُهُ اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَإِيثَارَ الدُّنْيَا، وَطَلَبَ مَحْمَدَةِ الْخَلْقِ، وَتَرْكَ التَّقْوَى.....} (1)

وقال الإمام ابن القيّم رحمه الله، أيضًا، في تفسير سورة الفاتحة، الآية: "اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ":
{....ثم تأمَّلَ ضرورته وفاقته إلى قوله: ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ الذي مضمونه معرفة الحق وقصده وإرادته والعمل به والثبات عليه والدعوة إليه والصبر على أذى المدعو، فـبـاستكمال هذه المراتب الخمس تستكمل الهداية، وما نقص منها نقص من هدايته.

ولمّا كان العبد مفتقرًا إلى هذه الهداية في ظاهره وباطنه في جميع ما يأتيه ويذره:
-من أمورٍ قد فعلها على غير الهداية علمًا وعملًا وإرادةً، فهو محتاج إلى التوبة منها، وتوبته منها هي الهداية.
-وأمور قد هُدي إلى أصلها دون تفصيلها، فهو محتاج إلى هداية تفاصيلها.

-وأمورٍ قد هُدي إليها من وجه دون وجه، فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها، ليتمَّ له الهداية ويُزاد هدى إلى هداه.

-وأمور يحتاج فيها إلى أن يحصل له من الهداية في مستقبلها مثل ما حصل له في ماضيها.

-وأمور يعتقد فيها بخلاف ما هي عليه، فهو محتاج إلى هداية تنسخ من قلبه ذلك الاعتقاد، وتُثبِت فيه ضدَّه.

-وأمور من الهداية هو قادر عليها، ولكن لم يخلق له إرادة فعلها، فهو محتاج في تمام الهداية إلى خلق إرادة يفعلها بها.

-وأمور منها هو غير قادر على فعلها مع كونه مريدًا، فهو محتاج في هدايته إلى إقداره عليها.

-وأمور منها هو غير قادر عليها ولا مريد لها فهو محتاج إلى خلق القدرة والإرادة له لتتمّ له الهداية.

-وأمور هو قائم بها على وجه الهداية اعتقادًا وإرادة وعملًا، فهو محتاج إلى الثّبات عليها واستدامتها.

كانت حاجته إلى سؤال الهداية أعظم الحاجات، وفاقته إليها أشدّ الفاقات، فرضَ عليه الربّ الرحيم هذا السؤال كل يوم وليلة في أفضل أحواله وهي الصلوات الخمس مراتٍ متعددة، لشدّة ضرورته وفاقته إلى هذا المطلوب....} (2)

.......

--------------------------------
(1) وَقَوْلُهُ: " فَافْهَمْ إذَا أَدْلَى إلَيْك " من الجزء1، الصفحة 69 الوارد فيها كلام من:
[كِتَابِ عُمَرَ فِي الْقَضَاءِ وشرحه][خِطَابُ عُمَرَ إلَى أَبِي مُوسَى] باب: صحّة الفهم وحسن القصد.

(2) تفسير ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله/ ﴿ٱهْدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ المُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة ٦]




الصور المرفقة
نوع الملف: png صحة الفهم وحسن القصد.PNG‏ (68.4 كيلوبايت, المشاهدات 1705)
نوع الملف: jpg العبد مفتقر إلى الهداية كل حين.jpg‏ (46.6 كيلوبايت, المشاهدات 1682)
رد مع اقتباس