الموضوع
:
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا.
عرض مشاركة واحدة
#
20
03 Oct 2019, 12:49 PM
أم وحيد
عضو
تاريخ التسجيل: Dec 2018
المشاركات: 365
هداية التّوفيق وعلاقتها بعمل المطيق
إنّ
الهداية
التي هي
توفيق الله
، لعبده، حتّى يعرف
الحقّ
و
الخير
و
الصّواب
، و-
يعمل
- بمقتضى هذه
المعرفة
، العمل، الّذي،
صلاحه
، ينطلق من
الإخلاص لله وحده
، لايشوبه رياء ولا سمعة، ولا حبّ ظهور، ينال به
متاع الدنيا الزّائلة
. وأشدّها خسارة:
حبّ الرياسة
، والسيطرة على رقاب النّاس.
و
هداية التّوفيق
، هذه، تكمن، أصلاً، في أداتين: "
لِمَ
"؟ و "
كيف
"؟.
قال الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "
المخلص لربّه، كالماشي على الرّمل، لاتسمع خطواته، ولكن ترى آثاره
".
تلك
الخطوات
التي يقدّم فيها
علمًا نافعا
، يثمر
عملاً صالحًا
. لايريد به إلاّ
الله
و
الدّار الآخرة
.
فالّذين يكثرون من ترديد المثل:"
نسمع جعجعةً، ولانرى طحينًا
"، قد
أصاب بعضهم
، في القول، حين
دعا
إلى
العمل
بـ"
لِمَ
"، و"
كيف
". فأحسن
الدّعوة إلى الله
بالمنهج الربّاني الصّحيح. (1)
و
وقع بعضهم
، في
الجعجعة مع فقدان الطّحين
، دون أن يشعروا، لأنّهم،
ركّزوا
على "
كيف
"، وأهملوا "
لِمَ
"، التي تقوم عليها
الأعمال الصّالحة
في الإسلام. إذ
لا
تقوم "
كيف
" على
قدم القوّة
في إ
صلاح العمل
، حتّى تكون "
لِمَ
"
رأس كلّ عمل
، يتقبّله الله من عباده المسلمين.
فـ: "
لِمَ
"، التي تعني
إخلاص العمل لله
، هي أساس"
كيف
" التي تعني،
الطّريق
الذي يحرّك
المسلم
، ويقوده إلى
تحقيق مبتغاه
في سيره إلى الله، الّذي هو
متابعة ما جاء به النبي
صلى الله عليه وسلم من
السُّنّة
الّتي هي
وحيٌ
يفسّر ما جاء في
كلام الله القرآن
، الّذي هو
الوحي الصّادر من الله
، بـ
شريعةٍ
، فيها
الخير
و
الهدى
للنّاس، و
النّجاة
.
وقد قيل أنّ من
آثار
التّابعي الحسن البصري رحمه الله، يقول فيه: "
ليس الإيمان بالتّمنّي ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل
". إذ
الإيمان اعتقاد وقول وعمل
،
يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية
.
وليس هناك،
مؤمن حقيقيّ
، إلاّ وعنده
عمل
ولو كان
ضئيلاً
.
قال الله تعالى: "
مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
".
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية:
{ ثم ذكر
صفة الجزاء
فقال: (
مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ
)،
القولية
و
الفعلية
،
الظاهرة
و
الباطنة
، المتعلّقة بـ
حقّ الله
أو
حقّ خلقه
، (
فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا
) هذا أقلّ ما يكون من التّضعيف. (
وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا
) وهذا من
تمام عدله تعالى وإحسانه
، وأنّه
لا يظلم مثقال ذرّة
، ولهذا قال: (
وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
) } انتهـ.
وقال الإمام البغوي رحمه الله في تفسير الآية:
{ قوله - عز وجل - : (
مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا
) أي : له عشر حسنات أمثالها ، وقرأ يعقوب "
عشر
" منون ، " أمثالها " بالرفع ، (
وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
)
أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي ثنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ثنا أبو بكر محمد بن الحسن القطان ثنا محمد بن يوسف القطان ثنا محمد بن يوسف السلمي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه ثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
إذا أحسن أحدكم إسلامه فكلّ حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكلّ سيّئة يعملها تكتب له بمثلها حتّى يلقى الله - عز وجل -
".
وأخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ثنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ثنا محمد بن عيسى الجلودي ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "يقول الله تبارك وتعالى :
مَن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد ، ومَن جاء بالسيّئة فجزاء سيّئة بمثلها أو أغفر، ومَن تقرّب منّي شبرًا، تقرّبتُ منه ذراعا، ومَن تقرّب منّي ذراعا، تقرّبتُ منه باعًا، ومَن أتاني يمشي، أتيتُه هرولة ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة
" .
قال ابن عمر : الآية في غير الصدّقات من الحسنات ، فأمّا
الصدقات تضاعف سبعمائة ضعف
.} انتهـ.
وقال تعالى:"
إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا
".
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير الآية:
{ يخبر تعالى عن كمال عدله وفضله، وتنزّهه عمّا يضاد ذلك من الظلم القليل والكثير، فقال: (
إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
) أي: ينقصها من حسنات عبده أو يزيدها في سيّئاته، كما قال تعالى: (
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا
)، أي: إلى عشرة أمثالها، إلى أكثر من ذلك، بحسب حالها ونفعها وحال صاحبها،
إخلاصًا
و
محبَّةً
و
كمالاً
.
(
وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا
) أي: زيادة على ثواب العمل بنفسه من
التّوفيق لأعمال أخر
، وإعطاء البرّ الكثير والخير الغزير.} انتهـ.
قلتُ:
الإيمان
يذهب دون
إخلاص
، لكنّه
يبقى
وإن نقص العمل، و تكون
درجة الإيمان بحسب العمل
الّذي قام به العامل،
يزيدُ بالطّاعة، وينقص بالمعصية
، ولا
يذهب
بالكليّة، كما يزعم
الخوارج
. ولا
يبقى
بالكليّة دون عمل، كما يقول
المرجئة
.
و
يعفو الله
عن كثير من
الأخطاء
التي قد تعترض ذلك العامل، الذي
أخلص العمل لله
، ولم يشرك به أحدًا، وهذا من
رحمة الله
بالعامل، حتّى، يعلم أنّ
الله يجازي المحسن على إحسانه بأضعاف ما عمل
، و
يعاقب المسيء بما عمل دون مضاعفة
، وهذا ما يزيد العبد
يقينًا
أنّ الله
الحكم العدل
، هو
الجواد
، المتفضّل على عباده، بـ
جزاءٍ
، أحسن ممّا عملوا، ويزيدهم من فضله. وينفي الظلم عن نفسه، بمعاقبة المسيء بما عمل فقط.
سبحانك يا ربّ،
ماأعظمك
!!!
و
ما أكرمك
، حين تعطي
المحسن
أضعاف ما يبذل!!!
و
ما أحلمك
، حين تمهل
المسيء
، وتعاقبه بـ
مثل
ما يعمل !!!
ثمّ يقول الحسن البصري رحمه الله: "
وإنّ قوما غرّتهم أماني المغفرة حتّى خرجوا من الدّنيا ولا حسنة لهم, قالوا: نحسن الظنّ بالله وكذبوا؛ لو أحسنوا الظنّ به لأحسنوا العمل
". انتهـ.
فهؤلاء
القوم
الذين اتّكلوا على
الرّجاء
في
الصحّة
و
الرّخاء
، دون
عملٍ
بما يستطيعون، و
عطاء
، في
استقامةٍ
، على
شريعة الله
، لَهُم، القوم، الّذين
تفتقر نيّاتهم إلى الإخلاص لله
، في جميع أحوالهم، وهم يعلمون أنّ
الله غفور رحيم
، لِمَن عاد إليه و
تاب
و
أناب
. ولكنّه،
للعصاة
والمتمرّدين،
شديدُ العقاب
، و
يعفو
، عن كثيرٍ،
العزيز الوهّاب
، لو آخذ بما كسبوا،
ما ترك على ظهر الأرض
، من
الإنس
و
الجنّ
، و
الدّواب
.
تعليق وجمع تفسير في كلّ مشاركة:
أم وحيد بهية صابرين
-----------------------------------------------------
(1) استفدتُ من كلام الشيخ العثيمين رحمه الله، في الأداتين: "
لِمَ
"، و"
كيف
" ، قد تكلّم حولها بقوله:"....و
الإنسان مسئول عن عمله
بأداتين من أدوات الاستفهام ((
لِمَ
)) و ((
كيف
))
فـ
لِمَ
عملت كذا؟ هذا
الإخلاص
.
كيف
عملت كذا؟ هذا
المتابعة للرسول
صلى الله عليه وسلم،......" من موضوع: أهمّية دراسة العقيدة وأحكام العذر بالجهل بها.
الصور المرفقة
من عمل صالحا.png
(268.4 كيلوبايت, المشاهدات 3382)
من عمل صالحا من.jpg
(63.9 كيلوبايت, المشاهدات 3549)
8.jpg
(129.4 كيلوبايت, المشاهدات 2927)
المخلصُ لربّه.png
(337.1 كيلوبايت, المشاهدات 5110)
أم وحيد
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أم وحيد
البحث عن المشاركات التي كتبها أم وحيد