عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30 Apr 2016, 06:31 PM
أبو حـــاتم البُلَيْـــدِي
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي مِمَّا يُزَهِّدُنِي فِي أَرْضِ أَنْدَلُسِ (عَجَبٌ عُجاب)

مِمَّا يُزَهِّدُنِي فِي أَرْضِ أَنْدَلُسِ


بسم الله الرحمن الرحيم

أقف -أحياناً كثيرة- وقفة المتعجب مما آلت إليه حال كثير من إخواننا في الله، ممن كانت الشبكة العنكبوتية سببا رئيسا في اكتسابه علوماً مفيدة، وربطه بالعلماء في أحوج ساعة منه إليهم.

مضت الأيام فصار التوغل في الشبكة شُغْلاً له عن كثير من الأساسيات، وازداد الأمر سوءًا حين فتح حساباً في ( الفيسبوك )، فصار الأمر كما قال أخي محمد مرابط: من أراد أن يعرف حال خاطب ابنته فليفتح صفحته في الفيسبوك، وسيرى العجب العجاب !!
و ( ميزة ) هذا الموقع هي ( التَسَيُّبُ ) وعدم الانضباط، بخلاف المواقع السلفية العلمية، فإنها تضع شروطاً للكتابة، الأمر الذي قد لا يستسيغه كثير من الكُتَّاب..
ولا أدل على ذلك من أن ولعهم بالتصوير بلغ درجة لم يسبقها مثيل، ولو نظر الواحد منهم إلى بضع سنين قبل ( تَفَسْبُكِهِ ) لوجد من نفسه ذاك الرجل الشديد على سد الذرائع، والله المستعان..

وقد وقفت على كلام لأبي حامد الغَزَّالي، لو عرض كلُّ واحد منا نفسه على هذا الكلام ثم ( كَفَى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ).

قال -رحمه الله- كما في الإحياء (2/342):
« ومعلوم أن الإنسان لا يولد عالماً بالشرع وإنما يجب التبليغ على أهل العلم، فكل من تعلم مسألة واحدة فهو من أهل العلم بها.
ولعمري، الإثم على الفقهاء أشد لأن قدرتهم فيه أظهر وهو بصناعتهم أليق لأن المحترفين لو تركوا حرفتهم لبطلت المعايش، فهم قد تقلدوا أمراً لابد منه في صلاح الخلق.
وشأن الفقيه وحرفته تبليغ ما بلغه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإن العلماء هم ورثة الأنبياء.

وليس للإنسان أن يقعد في بيته ولا يخرج إلى المسجد لأنه يرى الناس لا يحسنون الصلاة!، بل إذا علم ذلك وجب عليه الخروج للتعليم والنهي، وكذا كل من تيقن أن في السوق منكراً يجري على الدوام أو في وقت بعينه وهو قادر على تغييره فلا يجوز له أن يسقط ذلك عن نفسه بالقعود في البيت، بل يلزمه الخروج.
فإن كان لا يقدر على تغيير الجميع وهو محترز عن مشاهدته ويقدر على البعض لزمه الخروج، لأن خروجه إذا كان لأجل تغيير ما يقدر عليه فلا يضره مشاهدة ما لا يقدر عليه، وإنما يمنع الحضور لمشاهدة المنكر من غير غرض صحيح.
فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فَيُصْلِحَهَا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ ثُمَّ يُعَلِّمُ ذَلِكَ أَهْلَ بَيْتِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى بَعْدَ الفراغ منهم إلى جِيرَانِهِ ثُمَّ إِلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ ثُمَّ إِلَى أهل بلده ثم إلى أهل السوادي المكتنف ببلده ثم إلى أهل البوادي من الأكراد والعرب وغيرهم وَهَكَذَا إِلَى أَقْصَى الْعَالَمِ، فَإِنْ قَامَ بِهِ الْأَدْنَى سَقَطَ عَنِ الْأَبْعَدِ وَإِلَّا حَرَجَ بِهِ على كُلُّ قَادِرٍ عَلَيْهِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا، ولا يسقط الحرج ما دام يبقى على وجه الأرض جاهل بفرض من فروض دينه وهو قادر على أن يسعى إليه بنفسه أو بغيره فيعلمه فرضه.
وهذا شغل شاغل لمن يهمه أمر دينه، يشغله عن تجزئة الأوقات في التفريعات النادرة والتعمق في دقائق العلوم التي هي من فروض الكفايات ولا يتقدم على هذا إلا فرض عين أو فرض كفاية هو أهم منه » اهـ.

فلينظر أحدنا أين هو من التدرج المذكور في هذا الكلام: « فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فَيُصْلِحَهَا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ ثُمَّ يُعَلِّمُ ذَلِكَ أَهْلَ بَيْتِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى بَعْدَ الفراغ منهم إلى جِيرَانِهِ ثُمَّ إِلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ... »، وقد قال تعالى: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين ) هذه همسة مني في أذنك أيها ( الداعية العنكبوتي ): هل علمت التوحيد أمَّك، أباك، أخاك، أختك، زوجتك!، ابنك؟ !!

هذه زفرة من أخيكم:
اخرجوا من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي وانشروا التوحيد والسنة، عفا الله عنا وعنكم..

مِمَّا يُزَهِّدُنِي فِي أَرْض أَنْدَلُـسٍ *** أَسْمَاءُ مُعْتَمِـدٍ فيهـا وَمُعْتَضِـدِ
أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا *** كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صَوْلَةَ الأَسَدِ

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

البُلَيْـــدِي


التعديل الأخير تم بواسطة أبو معاذ محمد مرابط ; 01 May 2016 الساعة 09:03 AM
رد مع اقتباس