عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08 Mar 2016, 07:25 AM
أبو الحسن نسيم أبو الحسن نسيم غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Sep 2015
الدولة: الجزائر العاصمة
المشاركات: 390
افتراضي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بتثبيت القلوب

الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:

فقد روى الترمذي 2140 عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقلت يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال نعم إن القلوب بين أَصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء.

من فوائد الحديث:

-إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الدعاء دليل على أهميته وعظيم شأنه.

-معنى مُقَلِّب الْقُلُوب تقليبه قلب عَبده عَن إِيثَار الْإِيمَان إِلَى إِيثَار الْكفْر وَعَكسه.

-إقرار أنس بالإيمان بالرسول وبما جاء به عليه الصلاة والسلام،ثم إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالخوف على من كان هذا حاله أن يقلب قلبه،دليل على أّن الإنسان لا يأمن على نفسه الزيغ ولو كان على هذه الأحوال من الإيمان،والصحابة الأخيار خاف عليهم النبي صلى الله عليه وسلم الزيغ فكيف بمن دونهم.

-شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وخوفه عليهم من كونه أجاب أنسا أنه يخاف عليهم.

-إثبات الأصابع لله تبارك وتعالى على ما يليق بجلاله من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل على قاعدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

-التثبيت على الدين من الله تعالى وحده كما قال تعالى:(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا).وكما قال تعالى(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا)،قال القاري في المرقاة،من الشاملة 1/178:( ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» ) ، أَيِ: اجْعَلْهُ ثَابِتًا عَلَى دِينِكَ غَيْرَ مَائِلٍ عَنِ الدِّينِ الْقَوِيمِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْخُلُقِ الْعَظِيمِ.

وروى أيضا 3522 عن شهر بن حوشب قال قلت لأم سلمة يا أم المؤمنين ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت فقلت يا رسول الله ما أكثر دعاءك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ فتلا معاذ (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.

من فوائد الحديث:

-حرص السلف على معرفة أكثر دعوات النبي صلى الله عليه وسلم لعلمهم بأن أكثر دعائه بذلك دليل على أهميته وعظيم معناه.

-ينبغي الإكثار من هذا الدعاء حتى في البيوت ليسمعه الأهل والأولاد،وقد أخبرت أم سلمة أن النبي كان أكثر دعائه عندها هذا الدعاء،قال الشيخ العلامة ربيع بن هادي في شرح الشريعة 3/157:(كان صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء :يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) ويعلم ذلك أصحابه وزوجاته صلى الله عليه وسلم)

-حرص الصحابة على العلم،فأم سلمة سألت عن سبب إكثار النبي من الدعاء بهذا الدعاء.

-تقلب القلوب وأن الله إذا شاء أقام قلبا وأزاغ آخر مما يدل على خطورة الأمر ويدل على الإكثار من هذا الدعاء المبارك.

وروى مسلم 2655عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِك.

من فوائد الحديث:

-فيه أثر الإعتقاد الصحيح على سلوك العبد وافتقاره وتذلله لربه،حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكون القلوب بين أصبعين من أصابع الله،ثم دعا عليه الصلاة والسلام بتلك الدعوات التي فيها التجاء وتضرع،فمن عند الاعتقاد الصحيح يظهر ذلك على سلوكه،أما أهل التأويل والتحريف والتعطيل والتمثيل والتكييف فلا تتحرك نفوسهم لهذا التذلل والتعظيم الذي تتحرك له قلوب المثبتين والمنزهين.

-الله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وكل عباده تحت قبضته وقهره وكل قلوب عباده بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء.

-من الدعوات التي يدعى بها لتثبيت القلب يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك.

-في هذا الحديث أضاف الأصابع إلى اسم الرحمان وفي حديث أم سلمة وأنس أضافه إلى اسم الله،قال القاري في المرقاة،من الشاملة 1/178:( وَالْفَرْقُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِهِ ثَمَّةَ فَالرَّحْمَةُ سَبَقَتِ الْغَضَبَ، فَنَاسَبَ ذِكْرُ الرَّحْمَنِ، وَهُنَا (أي في حديث أنس لما سأله أنس هل يخاف عليهم بعد أن أخبر عن أكثر دعائه)وَقَعَ تَأْيِيدًا لِلْخَوْفِ عَلَيْهِمْ، فَالْمَقَامُ مَقَامُ هَيْبَةٍ وَإِجْلَالٍ، فَنَاسَبَ ذِكْرُ مَقَامِ الْجَلَالَةِ وَالْإِلَهِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَنْ يَخُصَّ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنْ هِدَايَةٍ أَوْ ضَلَالَةٍ).

-هذه الأحاديث ضمنها العلماء كتاب القدر وكتاب الدعوات وفي ضمن أبواب الصفات (في إثبات صفة الأصابع لله على ما يليق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تمثيل)

والدعاء من أعظم العبادات،ولكن مع الدعاء لا بد من الإتيان بما يحقق إجابة الدعاء قال ابن تيمية-رحمه الله-في اقتضاء الصراط المستقيم ص314،من الشاملة:( وبهذين السببين تحصل إجابة الدعوة: بكمال الطاعة لألوهيته، وبصحة الإيمان بربوبيته، فمن استجاب لربه بامتثال أمره ونهيه؛ حصل مقصوده من الدعاء، وأجيب دعاؤه، كما قال تعالى {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [الشورى: 26] أي: يستجيب لهم، يقال: استجابه واستجاب له)

وأما القدر فجادته عند السلف أن يؤمن بمشيئة الله وعلمه وخلقه والكتابة،لكن من غير تعطيل للأسباب التي أمر العبد أن يتخذها،وفي هذا المقام مقام زيغ القلوب لا شك أن العبد مطالب بأمرين مع دعائه واعتقاده أن القلوب بين أصبعين من أصابع الله:

الأول سبق الإشارة إليه وهو ترك العجب بالنفس والاغترار بالعلم والفهم والحفظ والإيمان والعمل.

الثاني:أن من أراد السلامة من الزيغ فليجتنب أسباب زيغ القلوب قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي-حفظه الله-في شرحه على كتاب الشريعة:3/160:(فالمؤمن ينبغي أن يكون على حذر،ويتقي الأسباب التي تؤدي إلى زيغ القلوب من الشبهات والشهوات،قال الله لبني إسرائيل(فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) احذر يا أخي تعاطي المعاصي والمنكرات والأعمال والشبهات والشهوات التي تؤدي إلى الفتن وانتكاس القلوب(واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)(واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه)،فاعلم أن الله يحول بين المرء وقلبه،فاحذر كل الحذر،حافظ على عقيدتك،حافظ على منهجك،حافظ على أخلاقك،حافظ على أعمالك أن تكون خالصة لوجه الله،احذر الرياء،احذر تتبع الشبهات،احذر الأسباب التي تؤدي إلى الانحراف،وعليك بمجالسة الصالحين،والابتعاد عن مجالسة الفساق والمبتدعين،فإن هذه الأسباب تؤدي إلى الفتن وإلى انتكاس القلوب)

ونسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه إنه سميع مجيب.

فائدة:بعض الناس يزيد في هذ الدعاء كلمة والأبصار،في الدعاء:(يا مقلب القلوب والأبصار)،ولم تثبت في مصادر التخريج للحديث،ولعلهم انتزعوها من قوله تعالى:(ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة)أفاد بذلك الشيخ الفاضل عبد الرزاق البدر في شرحه على كتاب الشريعة المجلس89.


التعديل الأخير تم بواسطة أبو الحسن نسيم ; 18 Jan 2018 الساعة 06:53 PM
رد مع اقتباس