عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 29 Dec 2009, 08:31 AM
أبو أحمد ضياء التبسي أبو أحمد ضياء التبسي غير متواجد حالياً
.:. أصلحه الله .:.
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 325
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو أحمد ضياء التبسي
افتراضي

دائماً مع بدعة تحديد الأذكار لأتباعهم
----------------------------------------

قال أبو إسحاق الشاطبي في مآخذ البدع و أهلها في الاستدلالات على ما انتحلوا:


(( و منها تحريف الأدلة (و قد علمت أن منها لفظه و عمله صلى الله عليه و سلم) (24) عن مواضعها بأن يرد الدليل على مناط فيصرف عن ذلك المناط إلى آخر (كذكر الله) موهما أن المناطين واحد و هو من خيبات تحريف الكلم عن مواضعه )) (25) . إلى أن قال: (( و بيان ذلك: أن الدليل الشرعي إذا اقتضى أمرا في الجملة مما يتعلق بالعبادات فأتى به المكلف في الجملة أيضا كذكر الله و الدعاء و النوافل المستحبات مما يعلم فيه التوسعة شرعا كان الدليل عاضدا لعمله من جهتين، من جهة معناه، و من جهة عمل السلف به. فإن أتى المكلف في ذلك الأمر بكيفية مخصوصة أو زمان مخصوص أو مقارن لعبادة مخصوصة و التزم ذلك بحيث صار متخيلا أن الكيفية المخصوصة أو الزمان أو المكان مقصود من غير أن يدل الدليل عليه كان بمعزل عن ذلك المعنى المستدل عليه. فإذا ندب الشرع مثلا إلى ذكر الله، فالتزم قوم الاجتماع عليه على لسان واحد وبصوت أو في وقت معلوم مخصوص من سائر الأوقات، لم يكن في ندب الشرع ما يدل على هذا التخصيص بل فيه ما يدل على خلافه )) (26) . أهـ
ثم حكم ببدعية ما كان على هذا الوصف، و ما ذكره يجري في تحديد الأذكار للأتباع و تزيد عليه بما انجر للعوام من هذه البدعة الفظيعة، فقد أصبح بعض أسماء الله من ميزة طريقة فلان فمن لم يأخذ عهده و ورده لا يحوم حول ذلك الاسم، و أي شر بقي بعد هذا و أقي (كذا في الشَّاملة و الذي يظهر أنَّه تصحيف و الصَّواب: أقل. و الله أعلم. ضياء) إلحاد في أسماء الله شر من هذا و تزيد عليه أيضا بقلب معالم الإسلام ظهرا لبطن.
فقد كان من مبادئ الإسلام الأولية أن المسلم يتلقى الأحكام من ينبوعها؛ و هو ما جاء به الرسول من غير استئذان أحد و لا واسطة أحد، فصير شيوخ الطرائق الذكر يتوقف على إذنهم و تابع لميولهم و أهوائهم. و لعل زاعما يتوهم أن هذا التحديد و التوقيت لا يضر، و قد قصد واضعوه الخير فنقول: أخطأ الواهم في و همه فإن السلف الذين شاهدوا عصر النبوة لما وقع بين أيديهم شيء أقل من هذا و لا يشاركه في غير أن الرسول لم يفعله أنكروه و عدوه ضلالة.
فتفهم -رحمك الله- رأي الصحابة فيمن خالف ما كان عليه نبينا صلى الله عليه و سلم كيف ضللوه و أنكروا ما أتى به ولم يعذروه ولا تأولوا له وجها و لا نقبوا له عن نية، بل مخالفته كفتهم دلالة على إنكار ما أحدث. و تأملوا يا أولي الألباب و يا رجال العلم فيما أحدثه أشياخ الطرائق فإنهم يحدثوننا بأن حكما و أسرارا أخفيت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و على سلف الأمة أدركها هؤلاء المستدركون و أن فضائل و خواص في أعداد لم يهد لها نبي الرحمة و هدي إليها هؤلاء الأقوام الذين تجارت بهم أهوائهم إلى أبعد مدى!!!.

ولا بأس بنقل شيء من آثارهم يستدل به على ما نقول. من ذلك ما نقله أبو إسحاق الشاطبي (27) عن ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال: مر عبد الله (يعني ابن مسعود) برجل يقص على أصحابه وهو يقول: سبحوا عشرا و هللوا عشرا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أو أضل؟ بل هذه يعني أضل و في رواية عنه: أن رجلا كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا وكذا مرة سبحان الله، قال: فيقول القوم و يقول: رحم الله من قال كذا و كذا مرة الحمد لله، قال: فيقول القوم قال: فمر بهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: فديتم لما لم يهتد له نبيكم أو إنكم لتمسكون بذنب ضلاله.
و ذكر له أيضا أن أناسا يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم و قد كوم كل رجل منهم كوما من حصى قال فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد و يقول لقد أحدثتم بدعة وظلما و قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما (28)
.



------------------
(24) ما بين القوسين من كلام الشيخ العربي التبسي.
(25) راجع كتاب الإعتصام للشاطبي: (2/ 59 طبعة مشهور).
(26) الاعتصام2/ 60.
(27) في الاعتصام2/ 323- 324.
(28) أثر ابن مسعود عند ابن وضاح في ذم البدعة رقم 17، 19، 20 وعبد الرزاق في المصنف 5408 و 5409، والطبراني في الكبير 8629، 8630و 8633 وأبي نعيم في الحلية 4/ 380- 381 والدارمي في سننه رقم 210، والأثر صحيح بمجموع طرقه.

رد مع اقتباس