عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20 Oct 2019, 09:07 AM
أم عكرمة أم عكرمة غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
المشاركات: 234
افتراضي وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين


وفي سورة غافر تذكر السورة مثلا آخر للصبر في الدعوة إلى التوحيد دون خوف من طاغوت الكفر مذكرا إياهم ومخوفا لهم من عذابٍ يلحقهم في الدنيا والآخرة إن استمروا على كفرهم بالله عز وجل مع انه ليس بنبيّ ولا رسول بل رجل صالح مؤمن موحد لله عز وجل وهذا يسلّي المؤمنين بأنّهم يطيقون ما طاق ذلك الرجل المؤمن (مؤمن آل فرعون) :
" وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) " سورة غافر
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
اقتباس:
{ وَقَالَ الَّذِي آمَنَ } مكررًا دعوة قومه غير آيس من هدايتهم، كما هي حالة الدعاة إلى الله تعالى، لا يزالون يدعون إلى ربهم، ولا يردهم عن ذلك راد، ولا يثنيهم عتو من دعوه عن تكرار الدعوة فقال لهم: { يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ } يعني الأمم المكذبين، الذين تحزبوا على أنبيائهم، واجتمعوا على معارضتهم.
وقال لهم مكررا دعوتهم صابرا محتسبا :
" وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) " سورة غافر
وقال الشيخ السعدي :
اقتباس:
ولما خوفهم العقوبات الدنيوية، خوفهم العقوبات الأخروية، فقال: { وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمِ التَّنَادِ } أي: يوم القيامة، حين ينادي أهل الجنة أهل النار: { أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا } إلى آخر الآيات.
{ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ }
وحين ينادي أهل النار مالكًا { ليقض علينا ربك } فيقول: { إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ } وحين ينادون ربهم: { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } فيجيبهم: { اخْسؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } وحين يقال للمشركين: { ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ }
وقال الله عز وجل في سورة هود :
" وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)"
وهذه الآية فيها نداء ووعيد لمشركي مكة إن لم يؤمنوا بالقرآن الكريم الذي يدعوهم لتوحيد الله والبراءة من الشرك وأهله وفصَّل لهم فيه ما وجب عليهم فعله وما وجب عليهم تركه وبذلك تنالهم السعادة الدنيوية والأخروية , فإن أعرضوا وكذبوا فليحذروا من عذاب يوم القيامة , الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين، فيجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
قال ابن كثير :
اقتباس:
( وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ) هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى ، وكذب رسله ، فإن العذاب يناله يوم معاده لا محالة.
وفي سورة فصلت :
( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون ) [ فصلت : 13 ، 14 ] أي : قال لهم هود ذلك)
لقد سبقهم أقوام كفروا مثلهم وكذبوا بالحق الذي جاءهم به رسلهم من عند الله , إلا أنهم اتفقوا كلهم على شبهة واهية أن هؤلاء الرسل بشر مثلهم , فحلت بهم نقمة الله عز وجل وبعث الله عليهم العذاب والصواعق , وهؤلاء المشركين إن لم يؤمنوا وأعرضوا فسينالهم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود , يخوفهم وينذرهم ذلك .
(قال الشيخ السعدي )
اقتباس:
{ فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } وهذه الشبهة لم تزل متوارثة بين المكذبين، من الأمم وهي من أوهى الشُّبَهِ، فإنه ليس من شرط الإرسال، أن يكون المرسل مَلَكًا، وإنما شرط الرسالة، أن يأتي الرسول بما يدل على صدقه، فَلْيَقْدَحُوا، إن استطاعوا بصدقهم، بقادح عقلي أو شرعي، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.
📍من الفوائد التي نتعلمها مما سبق من آيات :

1- دعوة الأنبياء واحدة : أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره .وكما قال تعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) " سورة النحل
2- من يدعو إلى عبادة الله وحده إخلاصا وتوحيدا , له فيمن سبقه من الأنبياء أسوة حسنة ,يدعوهم مستحضرا الشفقة والرحمة في قلبه خائفا عليهم من عذاب الله وعقابه ونقمته سواء في الدنيا أو في الآخرة .
3- المعاندون لهذه الدعوة , دعوة التوحيد مقالتهم واحدة , ما أنتم إلا بشر مثلنا وهي شبهة واهية , وهذا شأن كل مستكبر عن سماع الحق من العلماء وطلاب العلم محقّرا لشأنهم , فليرد هؤلاء المعاندين عليهم بعلم وبأدلة عقلية شرعية , وأما إلقاء التهم والنبز بالألقاب فهو شأن المفلسين .
4- الصبر على دعوة الناس إلى الحق مهما لاقى الداعية منهم , مستعينا بالله عز وجل ويعينه على ذلك إخلاصه لله عز وجل .فنوح عليه السلام مكث يدعوهم الف سنة إلا خمسين عاما , وإخوانه من الأنبياء لاقوا كذلك من أذى اقوامهم فصبروا بدءا من نوح عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات ربي وسلامه عليه ." فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ " 35 الاحقاف
5- لنا في أنبياء الله أسوة حسنة , فيما دعوا إليه وفيما لاقوه من أقوامهم وفيما صبروا عليه بسبب أذى أقوامهم . مما يعين المؤمن في ثباته على الحق ولو لم يجد له أنصارا من حوله .
6- علينا بتلاوة كتاب الله دائما وبتدبر وبذلك نجد الأنصار والأعوان ونعم الصاحب كتاب الله عز وجل .
7- تذكير الناس بنعم الله عليهم عند دعوتهم , وهذا من دعوتهم إلى توحيد الربوبية الذي يغفل عنه كثير من الناس المستلزم لتوحيد الألوهية .

ولا نغفل عن كثرة دعاء الله سبحانه وتعالى والاستعانة به وطلب الثبات منه والتوكل عليه
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

رد مع اقتباس