عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01 Dec 2015, 04:22 PM
طه صدّيق طه صدّيق غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2013
المشاركات: 312
افتراضي من أحسن ما كتب حول إجماع أهل السنة على أن أخبار الآحاد تفيد العلم

قال الإمام أبو المظفر السمعاني في كتاب الحجة في بيان المحجة (ص214- 217) :
فصل ونشتغل الآن بالجواب عن قولهم فيما سبق :
"إن أخبار الآحاد لا تقبل فيما طريقه العلم ، وهذا رأس شغب المبتدعة في ردّ الأخبار ، وطلب الدليل من النظر ، والاعتبار فنقول وبالله التوفيق .
إن الخبر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الثقات والأئمة ، وأسندوه خلفهم عن سلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقته الأمة بالقبول ، فأنه يوجب العلم فيما سبيله العلم .
هذا قول عامَّة أهل الحديث والمتقنين من القائمين على السنة ، وإنما هذا القول الذي يذكر أن خبر الواحد لا يفيد العلم بحال ، ولا بد من نقله بطريق التواتر لوقوع العلم به شيء اخترعته القدريَّة والمعتزلة ، وكان قصدهم منه ردَّ الأخبار وتلقفه منهم بعض الفقهاء الذين لم يكن لهم في العلم قدم ثابت ، ولم يقفوا على مقصودهم من هذا القول ، ولو أنصف الفرق من الأمة لأقروا بأن خبر الواحد يوجب العلم ، فإنهم تراهم مع اختلافهم في طرائقهم وعقائدهم يستدل كل فريق منهم على صحة ما يذهب إليه بالخبر الواحد ، ترى أصحاب القدر يستدلون بقوله :
188- كل مولود يولد على الفطرة .
وبقوله :
189- خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم .
وترى أهل الإرجاء يستدلون بقوله :
190- من قال لا إله إلا الله دخل الجنة .قال ، وإن زنى وإن سرق ، قال : نعم وإن زنى وإن سرق.
وترى الرافضة يستدلون بقوله :
191- يجاء بقوم من أصحابي فيسلك بهم ذات الشمال ، فأقول أصحابي أصحابي ، فيقال : أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم .
وترى الخوارج يستدلون بقوله :
192- سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
وبقوله :
193- لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين / يسرق وهو مؤمن .
إلى غير هذا من الأحاديث التي يستدل لها أهل الفرق .
ومشهور ومعلوم استدلال أهل السنة بالأحاديث ، ورجوعهم إليها ، فهذا إجماع منهم على القول بأخبار الآحاد . وكذلك أجمع أهل الإسلام متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله وفي مسائل القدر ، والرؤية ، وأصل الإيمان ، والشفاعة والحوض ، وإخراج الموحدين المذنبين من النار ، وفي صفة الجنة والنار ، وفي الترغيب والترهيب ، والوعد والوعيد ، وفي فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ومناقب أصحابه وأخبار الأنبياء المتقدمين عليهم السلام ، وكذلك أخبار الرقائق والعظات ، وما أشبه ذلك مما يكثر عدَّه وذكره ، وهذه الأشياء كلها علمية لا عملية ، وإنما تروى لوقوع علم السامع بها .
فإذا قلنا : أن خبر الواحد لا يجوز أن يوجب العلم حملنا أمر الأمة في نقل الأخبار على الخطأ ، وجعلناهم لاغين مشتغلين بما لا يفيد أحداً شيئاً، ولا ينفعه ، ويصير كأنهم قد دونوا في أمور مالا يجوز الرجوع إليه والاعتماد عليه ، وربما يرتقي هذا القول إلى أعظم من هذا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أدَّى هذا الدين إلى الواحد فالواحد من أصحابه ، ليؤدوه إلى الأمة ، ونقلوا عنه ، فإذا لم يقبل قول الراوي لأنه واحد رجع هذا العيب إلى المؤدي نعوذ بالله من هذا القول الشنيع والاعتقاد القبيح " .


التعديل الأخير تم بواسطة طه صدّيق ; 01 Dec 2015 الساعة 04:26 PM
رد مع اقتباس