عرض مشاركة واحدة
  #73  
قديم 22 Nov 2015, 10:07 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

معيةُ اللهِ تعالى لخلقِه
أقسامُ المعيةِ
تنقسم معية الله لخلقه إلى قسمين :
1 _ معيةٌ عامة مطلقة : هي التي تشملُ كل أحد مؤمنًا كان أو كافرا، برا أو فاجرا، و دليها قولُه تعالى {وَ هُوَ مَعَكُمْ أََيْنَمَا كُنْتُمْ} [الحديد 4].
و هي تستلزمُ الإحاطةَ بالخلقِ، علمًا و قدرة و سمعا و بصرا و سلطانا، و غيرَ ذلك من معني ربوبيةِ الله تعالى.
و تكونُ في سياقِ التخويفِ و المحاسبة، و الحثِ على المراقبة.
2 _ معيةٌ خاصة : و هي تستلزمُ النصرَ و التأييد، و الحفظ، و التوفيق، و الحماية مع ما تستلزمُه المعيةُ العامة.
و هي على نوعين :
1 _ مقيدةٌ بوصفٍ : كقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ و الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل 128]، و قال {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة 153] و كذلك في [الأنفال 46].
2 _ مقيدةٌ بشخصٍ [و هذه أخص] : كقولِه تعالى عن نبيه صلى الله عليه و سلم {إِذْ يَقُولُ لِصًاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة 40]،و قالَ اللهُ عن موسى عليه السلام {كَلَّا إِنًّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِنِ} [الشعراء 62] و قال لنبيَّيْه موسى و هارون {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَ أَرَى} [طه 46].
هل المعيةُ حقيقيةٌ أم كنايةٌ عن معاني الربوبيةِ؟
اختلفَ السلفُ في هذه المسألةِ على قولين :
1 _ أكثرُ السلفِ يفسرونها بلازمِها، فيقولون : أنها كنايةٌ عن العلمِ و السمع.
2 _ أما شيخُ الإسلام يقول أنها على الحقيقةِ، فكونه معنا حقيقةٌ، لكن ليس معنا في أمكنتنا، فهو معنا في علوِّه، فإن العربَ تقول : لا نزالُ نسيرُ و القمرُ معنا.
و بكلامه هذا يسدُّ البابَ في وجه من احتج على أهلِ السنة بتأويلِ المعية، فنقول : أن المعيةَ على حقيقتِها مع إثباتِ علو الله تعالى.
هل المعيةُ من الصفاتِ الذاتية أو من الصفاتِ الفعليةِ؟
على تفصيل :
1 _ المعيةُ العامةُ : ذاتية؛ فإن الله لم يزلْ و لا يزالُ محيطا بالخلق، علمًا و قدرة و سمعا و بصرا.
2 _ المعيةُ الخاصةُ : فعلية؛ لأنها متعلقةٌ بالمشيئة، و هي مترتبةٌ على الاتصافِ بالأوصاف الجميلة، و الأخلاق الحميدة، فإن وجدَ سببُها وجدت و إن لا فلا.
الجمعُ بين العلوِّ و المعيةِ
لا تعارضَ بين علو اللهِ و معيته لخلقِه، و يظهرُ ذلك من وجوه ثلاثة :
1 _ أن اللهَ تعالى وصفَ نفسه بهما؛ بأنه عالٍ و أنه معنا، و لا يمكن أن يجمعَ الله لنفسه شيئين متناقضين أبدا؛ فالجمعُ بينهما يدل على إمكان اجتماعهما.
2 _ أن العلوَّ لا ينافي المعيةَ؛ فمن أساليبِ العرب قولهم : لا زلنا نسيرُ و القمر معنا، و لا يعدون مقالتهم من التناقضِ، فإذا كان هذا جائزًا في حق المخلوقِ، ففي حق الخالقِ من باب أولى.
3 _ و على فرضِ أنه لا يجوزُ في حق المخلوق فإنه جائزٌ في حق الخالق؛ لأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْئٌ} [الشورى 11]، و النبي صلى الله عليه و سلم يقول : "اللهم أنت الرفيقُ في السفرِ و الخليفةُ في الأهلِ" رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما.
قولُ أهلِ الحلولِ و شبهِهم معَ الرد عليهَا
يقولُ أهلُ الحلولِ أن الله تعالى مع خلقِه في الأرض بذاتِه، و ذلك لشبهٍ منها :
1 _ أنه ظاهرُ اللفظ من قوله تعالى {وَ هُوَ مَعَكُمْ} [الحديد 4].
الرد عليه : أن ظاهرَ النصِّ ليس كما ذكروا، إذ لو كان الظاهرُ كما ذكروا لكان في الآيةِ تناقضٌ، أن يكون مستويًا على عرشه و مع كل إنسانٍ في كل مكان، و التناقضُ في كلام الله مستحيلٌ.
2 _ أن المعيةَ لا تعقلُ إلا مع المخالطةِ، أو المصاحبة في المكان.
الرد عليه : المعيةُ في اللغة اسم لمطلقِ المصاحبة، و قد تقتضي الاختلاطَ، أو المصاحبةَ في المكان، و قد لا تقتضي الاختلاطَ، و لا المشاركة في المكان، و هذا يفهمُ من السياقِ و القرائن.
1 _ مثالُ المعية التي تقتضي المخالطةَ : قول : اسقني لبنا مع ماءٍ، أي : مخلوطًا بالماء.
2 _ مثالُ المعية التي تقتضي المصاحبةَ في المكان : قول : وجدت فلانا مع فلانٍ يمشيان.
3 _ مثالُ المعية التي لا تقتضي الاختلاطَ أو المشاركةَ في المكان : مثل قول : القائدُ مع جنوده، و إن كان في غرفةِ القيادة.
3 _ وصفُهُم اللهَ بذلك من أبطلِ الباطل، و أشد التنقصِ لله؛ لأن الله ذكر هذا عن نفسِه متمدحًا، أنه مع علوه على عرشِه فهو مع خلقه و إن كانوا أسفلَ منه، فإذا جعلوا اللهَ في الأرضِ كان نقصا.
4 _ يلزمُ من كلامهم هذا أمرين ِلا ثالث لهما و كلاهما ممتنع ٌ:
1 _ إما أن يكونَ الله متجزئًا، كل جزءٍ منه في مكانٍ.
2 _ أن يكونَ متعددا، كل إلهٍ في مكان لتعددِ الأمكنةِ.
5 _ هذا القولُ يستلزمُ كون الله حالا في الخلقِ، و صارَ هذا سلما لقول أهلِ وحدةِ الوجودِ.
حكمُ القائلينَ بالحلولِ
من قالَ أن اللهَ معنا في الأرضِ، فهو كافرٌ، يستتابُ، و يبين له الحقُّ، فإن رجعَ، و إلا وجبَ قتلُه.

رد مع اقتباس