عرض مشاركة واحدة
  #70  
قديم 13 Nov 2015, 09:54 PM
يوسف صفصاف يوسف صفصاف غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
الدولة: اسطاوالي الجزائر العاصمة
المشاركات: 1,199
إرسال رسالة عبر MSN إلى يوسف صفصاف إرسال رسالة عبر Skype إلى يوسف صفصاف
افتراضي

استواءُ اللهِ تعالى على عرشِه
يؤمنُ أهلُ السنة و الجماعة باستواءِ الله تعالى على عرشِه، استواءًا يليق بجلاله و عظمته، و دليلهم في ذلك الكتابُ و السنة و إجماع سلفِ الأمة.
1 _ أدلةُ الكتابِ : ورد ذكر استواءِ الله على عرشه في القرآنِ في سبعةِ مواضع و هي :
1 _ قال الله تعالى {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف 54].
2 _ و قال تعالى {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍِ ثُمَّ اسِْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس 3].
3 _ و قال تعالى {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد 2].
4 _ و قال تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه 5].
5 _ و قال تعالى {الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أََيَّامٍِ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الفرقان 59].
6 _ و قال تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍِ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة 4].
7 _ و قال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد 4].
2 _ أدلةُ السنةِ :
_ روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لما قضَى اللهُ الخلقَ كتب في كتابه فهو عنده فوقَ العرشِ إن رحمتي غلبتْ غضبي".
_ روى ابن خزيمة في كتابِ التوحيد و اللالكائيُ في أصول اعتقاد أهل السنة و غيرهما عن عبد الله بن مسعود قال : "ما بينَ السماء القصوى وبين الكرسي خمسمائة سنة، وما بين الكرسي والماءِ خمسمائة سنة، والعرشُ فوق الماء، واللهُ فوق العرشِ لا يخفى عليه شيء من أعمالِ بني آدم" صححه الألباني رحمه الله في مختصر العلو (48).
3 _ الإجماعُ : فقد أجمعَ أهل السنة و الجماعة على أن اللهَ تعالى مستوٍ فوقَ عرشه استواء يليقُ بجلاله.
معنَى الاستواءِ
ورد عن السلفِ أربعةُ معاني في تفسير الاستواء و هي :
1 _ علا.
2 _ ارتفعَ.
3 _ صعدَ.
4 _ استقَرَّ.
و قد جمعها ابن القيم رحمه الله في النونية فقال :
فلهـم عبـارات عليها أربـع --- قد حصلت للفارسي الطعان
و هـي استقر و قد علا و كذا ار --- تفع الذي ما فيه من نكران
و كذاك الذي صعد الذي هو رابع --- و أبو عبية صاحب الشيباني
أقسامُ علوِّ اللهِ تعالى
هو على قسمين :
1 _ علوٌّ عامٌّ : و هو علوه سبحانه على كل شيء منَ السمواتِ و الأرضِ و الجبال و الآدميين و غيرهم.
2 _ علوٌّ خاصٌّ : و هو استواؤُه على عرشِه عز و جل؛ فلهذا لا يصحُّ أن نقولَ أن الله استوى على المخلوقاتِ أو غيرها، بل على العرشِِ خاصة.
فرقٌ بينَ القسمينِ
العلو العامُّ صفة ذاتيةٌ لم يزلِ و لا يزالُ متصفًا جل و علا، أما استواؤه على عرشِه فهو من صفاتِ الله الفعليةِ المتعلقة بالمشيئة.
أوجهُ ورودِ لفظةِ "استوى" في اللغةِ
أصلُ مادةِ (س و ي) تدل على الكمالِ، كقوله تعالى {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [الأعلى 2] أي : أكملَ خلقَه، و إن كلمة استوى وردت في اللغة على أربعة أوجه :
1 _ مطلقةٌ : و معناها الكمالُ، كقوله تعالى {وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوَى} [القصص 14] أي كمل خلقه و عقله.
2 _ مقيدةٌ بـ "على" : و تكون بمعنى العلوِّ، كقوله تعالى {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس 3] أي : استقر و علا و ارتفع و صعد.
3 _ مقيدةٌ بـ "إلى" : و معناه القصدُ الكامل، كقوله تعالى {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَ هِيَ دُخَانٌ} [فصلت 11]، هذا على قولٍ، و القول الآخر أنه ارتفع إليها.
4 _ مقرونةٌ بـ "الواو" : و تكونٌ بمعنى التساوي، كقولهم : استوى الماء و الخشبة؛ أي تساوى الماء مع الخشبة التي تكون على البئر.
معنَى العرشِ
العرشُ في اللغة : السريرُ الذي يختص بالملكِ، و معلوم أن هذا السريرَ يكون عظيمًا فخما قال تعالى {وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة 129].
تفسيرُ أهلِ التعطيلِ للاستواءِ و شبهُهم في ذلكَ
فسر أهلُ التعطيل الاستواءً بالاستيلاء؛ فقالوا {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف 54] أي : استولى عليه.
أدلتُهم على تحريفِهم :
استدل أهل التعطيل على تحريفهم بدليلين أحدهما موجبٌ و الآخر سالب وهما :
1 _ الدليلُ الموجبُ : استدلالهم بكلام الشاعر الأخطلِ النصراني -و هو من شعراء بني أمية- حيث قال منشدا :
استوى بشرٌ على العراقِ --- من غير سيفٍ أو دم مهراقِ
أي : استولى على العراق، و لا يمكن القولُ بأنه علا عليها.
2 _ الدليلُ السالبُ : قالوا : لو قلنا أن الاستواءََ هو العلوُّ و الاستقرار لزم من ذلك أمور :
1 _ أن يكون اللهُ محتاجا إلى عرشِه، و هذا مستحيلٌ و استحالة اللازم تعني استحالةَ الملزوم.
2 _ أن يكون الله جسمًا.
3 _ أن يكون محدودًا؛ لأن الشيء المستويَ عليه محدود فيكونُ المستويِ محدودا أيضا.
الردُّ على شبهِ القومِ
1 _ أن هذا القولَ مخالفٌ لظاهرِ اللفظ، و ما كان ظاهرَ اللفظ فلا يجوز العدولُ عنه إلا بدليل، خاصةً في الأمور الغيبية.
2 _ أن هذا القولَ مخالف لإجماعِ السلفِ فلم يقل أحدٌ منهم به.
3 _ أنه يلزم عليه لوازمُ باطلة :
1 _ أن يكونَ العرشُ ملكا لغير الله قبلَ أن يستوليَ عليه.
2 _ أن الاستيلاءَ لا يكون إلا بعد مغالبةٍ، و لا أحد يغالبُ الله.
3 _ أنه يجوز لنا على هذا القولِ أن نقول : أن اللهَ استوى على الأرضِ؛ لأنه مستولٍ عليها.
4 _ أن هذا اللفظ مخالفٌ للغة العربيةِ مثلما أنه مخالف لظاهر اللفظ؛ فلم يأتِ استوى بمعنى استولى أبدًا.
5 _ أما الاستدلالُ بالبيتِ فنقول :
1 _ أثبتُوا سندَ هذا البيتِ إلى قائله.
2 _ قائلُ البيت مجهولٌ، فقد يكون قاله بعد تغير اللسانِ.
3 _ أن الاستواءَ في البيتِ بمعنى العلوِّ؛ لأن العلو حسيٌّ و معنوي، فالمعنوي بمعنى السيطرةِ و الغلبةِ و القهر و هذا بمعنى الاستيلاءِ.
قال شيخُ الإسلامِ ابن تيميةَ في مجموعِ الفتاوى (5/146) : "و قد عُلم أنه لو احْتُجَّ بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لاحْتَاجَ إلى صحته، فكيفَ ببيتٍ من الشعرِ لا يُعرف إسنادُه؟ و قد طعنَ فيه أئمةُ اللغة، وذُكر عن الخليلِ كما ذكره أبو المظفر في كتابه الإفصاح قال : "سُئل الخليلُ هل وجدتَ في اللغةِ استوى بمعنى استولى؟ فقال : هذا ما لا تعرفُه العربُ، و لا هو جائزٌ في لغتها"، و هو إمام في اللغة على ما عرف من حاله، فحينئذ حمله على ما لا يعرف حمل باطل".
6 _ أما اللوازمُ التي استلزموها، فنقول : كل شيء يلزمُ من كتابِ الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم و ثبتَ لزومه فهو حقٌّ يجب الالتزام به.
1 _ أما استلزامهم من العلوِّ أم يكون الله جسمًا، فنقول ما المرادُ بالجسم؟
إن أردوا به الذاتَ التي تتصف بالصفاتِ اللائقة بها، فهذا باطلٌ؛ لأن لله ذاتا حقيقيةً تتصف بصفاتِ الكمال.
و إن أرادوا به جسمًا مركبا من عظام ٍو دم و لحم، فهذا ممتنعٌ على الله تعالى، و ليس هذا بلازم من إثباتِ الاستواء.
2 _ أما استلزامهم منه أن يكون محدودًا :
فإن ارادوا به الانفصالِ و التباين عن الخلقِ فهذا حقًّ لا نقص فيه.
أما إن أرادوا به أن العرشَ محيطٌ به فهذا باطلٌ، و ليس بلازم.
3 _ أما قولهم أن يلزمَ منه احتياجُ الله إلى عرشِه، فنقول لا يلزمُ منه ذلك، فليس معنى أنه مستوٍ عليه أنه يُقِلُّهُ، و هذا الذي ادعوه ممتنعٌ؛ لأنه نقص في حق اللهِ تعالى، و ليس لازما من استوائه.
معنى قوله تعالى {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}
مدةُ هذه الأيام كالأيامِ التي نعرفها نحنُ؛ لأن اللهَ تعالى ذكرها منكرةً، أولها الأحد و آخرها الجمعة، وهذه الأيام المعروفةُ، و هذه الأيامُ بالتقدير، أي : بمقدارِ ستةِ أيام.
معنى قولِه تعالى {رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}
اختلف المفسرون في تفسير هذه الآية على قولين :
1 _ أن جملةَ {تَرَوْنَهَا} صفةٌ لـ {عَمَدٍ} أي : بغيرِ عمد مرئيةٍ، و لها عمدٌ غير مرئية.
2 _ أن {تَرَوْنَهَا} جملةٌ مستأنفة، معناها و ترونها كذلك بغيرِ عمد، أي : أنها ليسَ لها عمدٌ مرئيةٌ و لا غير مرئية، و هذا أقربُ.

رد مع اقتباس