12 Sep 2007, 05:57 PM
|
مـشـرف
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2007
الدولة: دولــة قـطـر
المشاركات: 1,623
|
|
أثار سلفية و تفاصيل علمية حول الإخلاص لله - جل و علا -
( منقول من سحاب )
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
وبعد:
فإن إخلاص الدين لله عز وجل شعبة من شعب الإيمان، وواجب من الواجبات.
لقول الله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) [البينة : 5].
وقوله تعالى: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من
نصيب) [الشورى : 20].
و قوله تعالى : (من كان يريد الحياة الدنيا و زينتها نوف إليهم أعمالهم فيها و هم لا يبخسون(15)أولئك الذين ليس
لهم في الآخرة إلا النار و حبط ما صنعوا فيها و باطل ما كانوا يعملون) [هود: 15 - 16].
وقوله تعالى : (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه أحدا) [الكهف : 110].
و لحديث أبي هريرة في صحيح مسلم : (( قال الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عنِ الشرك، فمن عمِل لِي عملاً
أشرك فيه معي غيري، فأنا منه بريءٌ، و هو للذي أشرك)) [أخرجه مسلم (2985)].
و لحديث جندب رضي الله عنه في الصحيحين: (( من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به)) [أخرجه
البخاري(6499)، و مسلم (2987)].
أنبأنا البيهقي بإسناده، أن أبا حمزة سئل عن الإخلاص، فقال : ما لا يُحب أن يَحمَده عليه إلا الله عز وجل.
و عن سهل بن عبد الله : لاَ يَعرِفُ الرياءَ إلاَّ مُخْلِصٌ، وَ لاَ النّفاقَ إلاَّ مُؤمنٌ، ولاَ الجَهْل إلاَّ عالمٌ، و لا المعْصيَةَ إلاَّ
مُطيعٌ.
و عن الربيع بن خُيْثم : كُلُّ مالا يُبتَغَى به وجه الله يضْمحِلُّ.
وعن الجنيد: لو أنَّ عبدًا أتى بافتقار آدم، وزُهد عيسى، و جهد أيُّب، و طاعةِ يَحيى، و استقامة إدريس، وَوُدِّ الخليل، و
خُلُقِ الحبيب، و كان في قليه ذرَّة لغير الله، فليس لله فيه حاجةٌ.
و عن زُبيد بن الحارث اليامي: يسُرُّني أن يكون لي في كلِّ شيئ نيّة حتى في الأكل و الشرب و النوم.
وعن سفيان: (كل شيئ هالك إلا وجهه) [القصص : 88].
قال : ما أريدَ به وجهُه.
و عن هلا بن يساف قال: قال عيسى بن مريم -صلوات الله عليه-: ‘ذا كان يومُ صوم أحدكم فليدهن لِحيته، و ليمسح
شَفَتَيْهِ، و يَخرج إلا الناس حتّضى كأنَّهُ ليس بصائم، و إذا أعطى بيمينه فليُخْفِهِ عن شمالِهِ، و إذا صلَّى أحدكم فلْيُسْدِلْ
سِتْر بابه، فإن الله تعلى يقسم الثناء كما يقسم الرِّزقَ.
و عن ذي النون المصري: قال بعض العلماء : ما أخلص العبد لله إلا أحبَّ أن يكون في جُبٍّ لا يُعرف.
و عن بشر بن الحارث، عن الفُضيل بن عياض: لأن آكل الدُّنيا بالطَّبْلِ و المِزْمَار، أحبُّ إليَّ من أن آكلها بدين.
و عن مالك بن أنس قال : قال لي أستاذي ربيعة الرَّأي: يا مالك، مَنِ السفلةُ؟
قلتُ: من أكل بدينه.
فقال: من سَفَلةُ السَّفلَةَ؟
قال: من أصلح دنيا غيره بفساد دينه، قال: فصدّقني.
و عن ابن الأعرابي: أخْسَرُ الخاسرين من أبدى للناس صالح أعماله، و بارزَ بالقبيح من هو أقربُ إليه من حبْل
الوريد.
وعن سفيان: يا معشر القرّاء، ارفعوا رءوسكم، لا تزيدوا الخشوع على ما في القلب، فقد وضح الطريق، فاتقوا الله، و
أجملُوا في الطلب، و لا تكونوا عيالاً على المسلمين.
وعن بعض العلماء: خوِّفوا المؤمنين بالله، و المنافقينَ بالسُّلطان، و المُرائين بالنَّاس.
[مختصر شعب الإيمان للبيهقي بتصرف يسير]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - حمه الله - :" حُكِيَ أنَّ أبا حامدٍ الغزاليَّ بَلَغَهُ أنّ مّن أخلصَ لله أربعين يومًا تفجّرت
الحكمةُ في قلبه .قال: فأخلصتُ لله أربعين يوماً، فلم يتفجَّر شيئ ! فذكرتُ ذلك لبعض العارفين، فقال لي :
إنّك إنّما أخلصتَ للحكمةِ ولم تُخْلِصْ للهِ تعالى !!)
[درءُ تعارض العقل و النقل]
قال الشيخ السعدي رحمه الله و غفر له:
ومن أعظم ما ينافي هذا مراءاة الناس ، و العمل لأجل مدحهم و تعظيمهم، أو العمل لأجل الدنيا، فهذا يقدح في
الإخلاص و التوحيد، و اعلم أن الرياء فيه تفصيل:
فإن كان الحامل للعبد على العمل قصد مراءاة الناس و استمر على هذا القصد الفاسد:
- فعمله حابط، و هو شرك أصغر؛ و يخشى أن يتذرع به إلى الشرك الأكبر.
و إن كان الحامل على العمل إرادة وجه الله مع إرادة مراءاة الناس، و لم يقلع عن الرياء بعمله :
- فظاهر النصوص أيضاً بطلان هذا العمل.
و إن كان الحامل للعبد على العمل وجه الله وحده، و لكن عرض له الرياء في أثناء عمله، فإن دفعه و خلص إخلاصه
لله لم يظره، و إن ساكنه و اطمأن إليه نقص العمل، و حصل لصاحبه من ضعف الإيمان و الإخلاص لحسب ما قام
في قلبه من الرياء، و تقاوم العمل لله و ما خالطه من شائبة الرياء.
و الرياء آفة عظيمة، و يحتاج إلى علاج شديد، و تمرين النفس على الإخلاص و مجاهدتها في مدافعة خواطر الرياء و
الأغراض الضارة و الاستعانة بالله على دفعها؛ لعل الله يخلص إيمان العبد و يحقق توحيده.
و أما العمل لأجل الدنيا و تحصيل أغراضها ؛ فإن كانت إرادة العبد كلها لهذا المقصد و لم يكن له إرادة لوجه الله و
الدار الآخرة:
-فهذا ليس له في الآخرة من نصيب.
و هذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن، فإن المؤمن و لو كان ضعيف الإيمان لابد أن يريد الله و الدار
الآخرة.
و أما من عمل العمل لوجه الله و لأجل الدنيا، و المقصدان متساويان أو متقاربان:
- فهذا و إن كان مؤمنا فإنه ناقص الإيمان و التوحيد و الإخلاص، و عمله ناقص لفقده كمال الإخلاص.
و أما من عمل لله وحده و أخلص في عمله إخلاصاً تامًا و لكنه يأخذ على عمله جعلًا و معلومًا يستعين به على العمل
و الدين، كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، و كالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، و كالأوقاف
التي تجعل على المساجد و المدارس و الوظائف الدينية لمن يقوم بها:
- فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد و توحيده؛ لكونه لم يرد بعمله الدنيا، و إنما أراد الدين، و قصد أن يكون ما
حصل له معينًا له على قيام الدين.
و لهذا جعل الله في الأموال الشرعية؛ كالزكوات، و أموال الفيء، و غيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدينية و
الدنيوية النافعة، كما قد عرفت تفاصيل ذلك.
فهذا التفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن، و يوجب لك أن تنزل الأمور منازلها؛ و الله أعلم.
[القول السديد في مقاصد التوحيد]
_________________
|