عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05 Sep 2017, 01:39 AM
عبد الله بوزنون عبد الله بوزنون غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2014
المشاركات: 187
افتراضي

بحث للشيخ عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد بعنوان: ” أقوال فقهاء الأمصار في أن التَّكبير المُقيِّد يكون قبل الأذكار “.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
وبعد:
فهذه وريقات فقهية أذكر فيها ما وقفت عليه مِن كلام للفقهاء – رحمهم الله – حول التَّكبير المُقيَّد بالسلام مِن صلاة الفريضة.
والذي يبدأ عند أكثر العلماء لغير الحُجَّاج:
مِن فجر يوم عرفة إلى عصر آخر يوم مِن أيام التشريق، ثم يُقطع.
وعند المذاهب الأربعة وغيرها للحُجَّاج:
مِن ظهر يوم عيد الأضحى إلى عصر آخر يوم مِن أيام التشريق، ثم يُقطع.
فأقول مستعينًا بالله – جلَّ وعلا -:
أولًا: مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان – رحمه الله -.
1- جاء في ” الفتاوى الهندية في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان” (1/ 152):
وينبغي أن يُكبِّر متصلًا بالسلام، حتى لو تكلَّم أو أحدث متعمدًا سقط، كذا في “التهذيب”.اهـ
2- جاء في كتاب “الأصل” (1/ 325) لمحمد بن الحسن الشيباني – رحمه الله -:
قلت: فكيف التَّكبير؟
قال: إذا سلَّم الإمام، قال: “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد” بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود.اهـ
وجاء فيه أيضًا (1/ 326):
قلت: أرأيت المُحرم يوم عرفة إذا صلَّى وسلَّم أيبدأ بالتكبير أو بالتلبية؟
قال: بل يبدأ بالتكبير ثم يُلبَّي.
قلت: لِم؟
قال: لأن التكبير أوجبهما.
قلت: أرأيت الإمام إذا كان عليه سجدتا السهو أيُكبِّر قبل أن يسجدهما؟
قال: لا، ولكنه يسجدهما ويسلِّم ثم يُكبِّر.
قلت: أرأيت رجلًا سبقه الإمام بركعة في أيام التشريق أيُكبِّر مع الإمام حين يسلِّم أو يقوم فيقضي؟
قال: بل يقوم فيقضي، فإذا سلَّم كبَّر.اهـ
3- جاء في كتاب “المبسوط” (2/ 78) لشمس الدين السَّرخسي – رحمه الله -:
والتكبير أن يقول بعد التسلِّيم: “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد”.اهـ
وجاء فيه أيضًا (2/ 80):
والتكبير يُؤدَّى في فور الصلاة.اهـ
وبنحوه في كتاب “المحيط البرهاني في الفقه النعماني” (2/ 123) لبرهان الدين ابن مازَة البخاري – رحمه الله -.
4- جاء في كتاب “تحفة الفقهاء” (1/ 175) لأبي بكر علاء الدين السمرقندي – رحمه الله -:
وأما مَحل أداء التَّكبير ففي دُبر الصلاة وإثرها، مِن غير أن يتخلَّل ما يقطع حُرمة الصلاة، حتى إنه لو قَام وخرج مِن المسجد أو تكلم فإنه لا يُكبِّر، ولو قام ولم يخرج مِن المسجد فإنه يُكبِّر.اهـ
5- جاء في كتاب “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” (1/ 196) لعلاء الدين الكاساني – رحمه الله -:
وأما مَحل أدائه: فدُبر الصلاة، وإثرها، وفورها، مِن غير أن يتخلل ما يقطع حُرمة الصلاة، حتى لو قهقهَ أو أحدث متعمدًا أو تكلم عامدًا أو ساهيًا أو خرج مِن المسجد أو جاوز الصفوف في الصحراء لا يُكبِّر؛ لأن التكبير مِن خصائص الصلاة، حيث لا يؤتى به إلا عَقِيب الصلاة، فيُراعى لإتيانه حُرمة الصلاة، وهذه العوارض تقطع حُرمة الصلاة فيقطع التكبير.
ولو صرف وجهه عن القبلة ولم يخرج مِن المسجد ولم يجاوز الصفوف أو سبقه الحدَث يُكبِّر؛ لأن حُرمة الصلاة باقية لبقاء التحريمة.اهـ
6- جاء في كتاب “البناية شرح الهداية” (3/ 130) لبدر الدين العيني – رحمه الله -:
وقوله: “عَقِيب الصلوات” إشارة إلى أنه لا يجوز أن يُخَلِّل ما يقطع به حُرمة الصلاة حتى لو قام وخرج مِن المسجد أو تكلَّم لم يُكبِّر.اهـ
وجاء فيه أيضًا (3/ 134):
اختلفوا في المسبوق متى يُكبر؟
قال الجمهور: يقضي ما فاته ثم يُكبر عَقِيب سلامه برأيه.
وقال الحسن البصري: يُكبر ثم يقضي، وعن مكحول ومجاهد: يُكبر ثم يقضي، وقال ابن أبي ليلى: مَحل هذا التكبير دُبر كل صلاة ما لم يتخلل قاطع مِن حدث أو عمل أو قهقهة أو كلام أو خروج مِن المسجد، فمن نسيه فتذكَّر قبل وجود القاطع كبَّر وبعده لا يُكبِّر.اهـ
قلت:
لعل “برأيه” صوابها: “بإثره”.
ثانيًا: مذهب الإمام مالك بن أنس – رحمه الله -.
1- جاء في كتاب “كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني” (1/ 395) لأبي الحسن المالكي – رحمه الله -:
فإن حضرت أيام النَّحر ( فليُكبِّر الناس ) استحبابًا ( دُبُرَ الصلوات ) المفروضات الحاضرة قبل التسبيح والتحميد والتكبير.
فقال أبو الحسن الصعيد العدوي – رحمه الله – في “حاشيته على كفاية الطالب” (1/ 498):
قوله: ( قبل التسبيح ) أي: وقبل آية الكرسي.اهـ
2- جاء في كتاب “الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني” (ص: 252) لصالح بن عبد السميع الآبي الأزهري – رحمه الله – بنحو ما في كتاب “كفاية الطالب الرباني لرسالة أبي زيد القيرواني” (1/ 498).
ثالثًا: مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي – رحمه الله -.
1- جاء في كتاب “المجموع شرح المهذب” (5/ 36) لأبي زكريا النووي – رحمه الله -:
قال القاضي أبو الطَّيِّب في “الْمُجَرَّد”: وقد نَصَّ الشافعي على هذا فقال:
“فإذا سَلَّمَ كَبَّرَ خلف الفرائض”.اهـ
2- جاء في كتاب “فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب” والمعروف “بحاشية الجمل” (2/ 103) لسليمان العجيلي الأزهري المعروف بالجمل – رحمه الله -:
( قوله أيضًا: وعَقِب كل صلاة إلخ ): ويُقدَّم على أذكارها، لأنه شعار الوقت، ولا يتكرر، فكان الاعتناء به أشد مِن الأذكار، وأما المطلق فيُسنُّ تأخيره عن الأذكار.اهـ حَجّ.اهـ ع ش على م ر.انتهى كلامه كله.
3- جاء في “حاشية الشرواني” (3/ 51 – بذيل “تحفة المحتاج في شرح المنهاج”):
( قوله: بخلاف المُقيَّد الآتي ) أي: فيُقدَّم على أذكار الصلاة، ويوجَّه بأنه شعار الوقت، ولا يتكرر، فكان الاعتناء به أشد من الأذكار ع ش.اهـ
4- جاء في “حاشية الشبراملسي” (2/ 397 – بذيل: “نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج”):
بِخلاف المُقيَّد الآتي اهـ حَجّ، أَي: فيُقدَّم على أذكارها، ويُوَجَّه بِأنه شِعار الوقت، ولا يتكرر، فَكان الاعتناء به أشد مِن الأذكار.اهـ
5- جاء في “حاشية البُجَيْرَمِيّ على شرح المنهج” (1/ 429-430) لسليمان بن محمد البُجَيْرَمِيّ المصري – رحمه الله -:
قال ع ش: ويُقدِّم التَّكبير على أذكارها، أي: الصلاة، لأنه شعار الوقت، ولا يتكرر، فكان الاعتناء به أشد مِن الأذكار.اهـ
رابعًا: مذهب الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله -.
1- جاء في كتاب “الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف” (5/ 374) لعلاء الدين المرداوي – رحمه الله -:
فوائد:
الأولى: يُكبَّر الإمام إذا سلَّم مِن الصلاة، وهو مُستقبِل القبلة، على ظاهر ما نَقل ابن القاسم عنه، وقدَّمه في “الفروع”، و “الرعاية الكبرى”، و “الفائق”، و “تجريد العناية”، وابن رَزين في “شرحه”، واختاره أبو بكر، والمصنِّف، والشارح، قال في “الفروع”: والأشهر في المذهب أنه يُكبِّر مُستقبِل الناس.
قال في “تجريد العناية”: هو الأظهر، وجزم به في “مجمع البحرين”، وقدَّمه ابن تميم، والحواشي، وقِيل: يُخَيَّر بينهما، وهو احتمال في “الشَّرح”، وقيل: يُكبِّر مُستقبِل القبلة، ويُكبِّر أيضًا مُستقبِل الناس.اهـ
2- جاء في “كشاف القناع عن متن الإقناع” (2/ 58) لمنصور البهوتي – رحمه الله -:
( يؤيده: لو أخَّر الرمي إلى بعد صلاة الظهر، فإنه يجتمع في حقه التكبير والتلبية، فيبدأ بالتكبير ثم يُلبِّي نصًّا ) لأن التكبير مِن جنس الصلاة.
قلت:
ويؤخذ منه: تقديمه على الاستغفار، وقول: “اللهم أنت السلام” – إلى آخره.اهـ
3- قال العلامة عبد الرحمن بن قاسم الحنبلي – رحمه الله – في كتابه “حاشية الروض المربع” (2/ 519):
يُؤيده: أنه لو أخرَّ الرمي حتى صلى الظهر، اجتمع في حقه التكبير والتلبية، فيبدأ بالتكبير، لأن مثله مشروع في الصلاة، فهو بها أشبه.
ويُؤخذ منه: تقديمه على الاستغفار والتهليل والتسبيح، وهو الذي عليه عمل الناس.اهـ
وفي الختام:
قال الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة – رحمه الله – في “مصنفه” (5650):
حدثنا جَرير، عن منصور، عن إبراهيم، قال:
(( كَانُوا يُكَبِّرُونَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَحَدُهُمْ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ )).
وإسناده صحيح.
وجمعه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.

رد مع اقتباس