عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 29 May 2008, 07:02 AM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي


الدليل السابع:

قوله -عليه الصلاة والسلام- في شأن الصلاة: (( إن معاذًا قد سنّ لكم سُنّة فكذلك فافعلوا )).
قاله -عليه الصلاة والسلام- حينما أخّر ما فاته من الصلاة، فصلاه بعد فراغ الإمام، والتزم متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "لا أراه على حال إلا كنت معه". وكانوا قبل ذلك يصلون ما فاتهم أولا، ثم يدخلون مع الإمام.

ووجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بتقليد معاذ والأمر للوجوب، فدل على وجوبه.

ونوقش هذا الدليل: بأن فعل معاذ لم يَصِر سنة إلا حينما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- لا لأن معاذا فعله فقط، ومعنى الحديث: أن معاذًا فعل فعلا جعله الله لكم سنة، لا بمجرد فعله؛ بل لأنه كان السبب بثبوت السنة، وإلا فقد فعل معاذ في الصلاة أمرًا يغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما طولها ونهاه عن العودة، فلو كان ما فعل معاذ يقلَّد فيه لقلد في تطويله الصلاة حينما أمّ الناس.
ونوقش أيضًا: بأن معاذًا قد ورد عنه النهي عن التقليد، فقد صح عنه أنه قال: "كيف تصنعون بثلاثٍ: دنيا تقطع أعناقكم، وزلة عالم، وجدال منافقٍ بالقرآن، فأما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، وإن افتتن فلا تقطعوا منه إياسكم، فإن المؤمن يفتتن ثم يتوب، وأما القرآن فإن له منارًا كمنار الطريق لا يخفى على أحد، فما علمتم منه فلا تسألوا عنه أحدًا، وما لم تعلموه فكلموه إلى عالمه، وأما الدنيا فمن جعل الله غناه في قلبه فقد أفلح، ومن لا فليست بنافعته دنياه.

فنهى عن التقليد وأمر باتباع ظاهر القرآن وألا يبالي بمن خالف فيه، وأمر بالتوقف فيما أشكل على خلاف ما عليه المقلدون .

ويجاب عن هذه المناقشة: بأن معاذًا ينهى عن التقليد القادر على الفهم والاستنباط من الكتاب والسنة، أما العاجز العامي ومن في حكمه فلا يتناوله النهي؛ إذ لا يقدر إلا على التقليد وهو مأمور بذلك.

الدليل الثامن:
قوله -عليه الصلاة والسلام-: (( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ))
وقوله -عليه الصلاة و السلام-: (( اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد ابن مسعود )) أخرجه الترمذي .
ووجه الاستدلال: أن النبي -عليه السلام- أمر بالأخذ بسنة الخلفاء الراشدين والاقتداء بأبي بكر وعمر والأخذ بهدي عمار وعهد ابن مسعود وذلك تقليد لهم، فالتقليد مما أمر به النبي -عليه السلام- وحثٌ على لزومه.

ونوقش هذا الدليل بما يأتي:

1- أن الأخذ بما سنَّه الخلفاء الراشدون والاقتداء بما فعلوه ليس تقليدًا لهم، بل هو امتثال لقول النبي -عليه السلام- واتباع له، حيث أمر به، وليس من التقليد في شيء.
ويجاب عن هذة المناقشة: بأن الامتثال يكون بالأخذ بسنتهم، والأخذ بسنتهم هو التقليد.

2- ونوقش أيضًا: بأن سنتهم خلاف ما عليه المقلدون فانهم لا يدَعُون السنة -إذا ظهرت- لقول أحد من الناس كائنًا من كان، والمقلدون يأخذون برأي فلان وفلان وإن خالف السنة.
و يجاب عن هذه المناقشة: بأن المقلِّدين يأخذون بالكتاب والسنة عند سؤالهم أهل العلم من المجتهدين ومن يخالف السنة فغير قادح فيها فليس من المجتهدين

3- ونوقش أيضًا: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خصهم بالاقتداء بهم؛ لمزيتهم وفضلهم على غيرهم، فلا يجوز أن يلحق بهم غيرهم، والمقلدون بهم، بل صرح بعض غلاتهم بتحريم الاقتداء بهم، ووجوب الاقتداء بأصحاب المذاهب بعدهم .
ويجاب عن هذه المناقشة: بأن التحقيق أنه لا يجوز تقليد الصحابة إذا لم يثبت النقل عنهم، لكن إذا ثبت النقل عن الصحابة بطريق صحيح موثوق به، فالإجماع على جواز تقليدهم.

أما أدلة المذهب الثاني والثالث فسيأتي في الباب الرابع في الفصل الثاني.

رد مع اقتباس