عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18 May 2008, 10:33 PM
أبو نعيم إحسان أبو نعيم إحسان غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 1,898
إرسال رسالة عبر MSN إلى أبو نعيم إحسان
افتراضي


روح التقليد وحقيقته


يراد بالتقليد: تلقي الأحكام من إمام معين، واعتبار أقواله كأنها نصوص من الشارع يلزم المقلِّد اتباعها.

ولا شك أنه في كل دور من الأدوار السابقة مجتهدون ومقلدون.

ويراد بالمجتهدين: الفقهاء الذين يدرسون الكتاب والسنة، ويكون عندهم من المقدرة ما يستنبطون به الأحكام من ظواهر النصوص أو من معقولها.

ويراد بالمقلدين : العامة، الذين لم يشتغلوا بدراسة الكتاب والسنة دراسة تؤهلهم إلى الاستنباط.

فهؤلاء المقلدون إذا نزل بأحدهم نازلة، فزع إلى فقيه من فقهاء بلده؛ يستفتيه فيما نزل به فيفتيه، وهؤلاء كانوا موجودين في كل عصر، ولكن في دور التقليد -الذي سبقت الإشارة إليه- سرت روح التقليد فيه سريانًا عامًا، اشترك فيه العلماء وغيرهم، فبعد أن كان الفقيه يشتغل بدراسة الكتاب وبرواية السنة، اللذين هما أساس الاستنباط، أصبح الفقيه في هذا الدور يتلقى كتب إمام معين، ثم يدرس طريقته التي استنبط بها ما دوّنه من الأحكام، فإذا فعل ذلك سُمي عالمًا فقيهًا.

ومنهم من تسمو همته، فيؤلف كتابًا في أحكام إمامه: إما اختصارًا لمؤلف سبقه، أو شرحًا له، أو جمعًا لما تفرق في الكتب، أو ترتيبًا، لكنه لا يستجيز أن يخالف إمامه في مسألة، حتى قال بعض متعصبي المذهب: " كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة، وكل حديث كذلك".

ولم يكن لهم من الحرية الكاملة والصراحة، التي تمتع بها الأئمة، التي بها يقول الشافعي اليوم بالرأي يظهر له، ثم لا يمنعه مانع أن يغيره في الغد، إذا ظهر له الدليل، وما للصحابة من ذلك، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب الذي يقضي العام بحرمان الأخوة الأشقاء مع إخوة الأم في مسألة المشركة، وفي العام المقبل يشرك بين الأخوة جميعًا، ويقول: " ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي ".

ولا يخطر ببال هؤلاء الأئمة الفحول العصمة لأي إمام في اجتهاده، وأثر عن كل واحد منهم هذه العبارة المشهورة: " إذا صح الحديث فهو مذهبي، واضربوا بقولي عرض الحائط ".

أما علماء هذا الدور فقد التزم كل منهم مذهبًا معينًا لا يتعداه، ويبذل كل ما أوتى مقدرة وقوة في نصرة ذلك المذهب جملة وتفصيلا.

رد مع اقتباس